سياسي جنوبي يفند مغالطات باحث يمني حول الهوية الجنوبية

Monday 15 June 2020 1:57 am
سياسي جنوبي يفند مغالطات باحث يمني حول الهوية الجنوبية
يمني سبورت:
----------
وجه الكاتب السياسي أمين اليافعي انتقادات لاذعة، فند فيها ما ورد في مقال كتبه باحث بمركز دراسات يمني، عن الهوية الجنوبية، سعى من خلاله لتشويه الهوية الجنوبية وجغرافيتها، وتاريخ سلطنات الجنوب، والدولة الجنوبية قبل الوحدة، والمغالطة حيالها، والتطرق إليها بسطحية، وحسب منطق قوى الشمال التي تنظر إلى الجنوب كفرع تابع لهم، في تنظير يخدم الإمامة.
وكتب الأستاذ أحمد صالح الجبلي، وهو باحثٌ في مركز الدراسات والبحوث اليمني، مقال بعنوان "الهوية الجنوبية: عن إشكالية تشظي الهوية اليمنية"، أورد فيه تلك المغالطات ومنطق قوى الشمال.
وفي مطلع رده قال اليافعي أن : المقال، وللأسف الشديد، حاول أن يُناقش إشكالية الهوية بنوع من السطحية والتوتر البالغين، حتى وكأن أزمة الهوية هي أزمة "شرذمة جنوبية"، وليست أزمة تضرب جميع أنحاء العالم من أقصاه إلى أقصاه وانجزت حولها آلاف من الدراسات الرصينة، لدرجة أنه خلال الثلاثين عام الأخيرة ظهرت أكثر من أربعين دولة، معظمها بهويات سياسية جديدة، دون أن تكن مع هذه الهويات أي مشكلة من حيث التسمية، وقصر المدة، وأشياء أخرى سبق نقاشها باستفاضة. مستشهدا : ( تصوروا مثلا، من كان يتخيل قبل أربعين سنة إنه بعد سنوات قليل ستظهر دولة اسمها "البوسنة والهرسك"، ولأول مرة في التاريخ، وبمساحة 51 ألف كيلومتر مربع، وتحقق استقرار وتنمية وأشياء كثيرة.
*تفنيد الادعاءات عن جغرافيا الجنوب*
وفي معرض انتقاده فند اليافعي ما ذهب إليه الجبلي عن جغرافيا الجنوب قبل الوحدة، وقال : إن ما لفتني في المقال، وحفزني على التعليق هو قول الأستاذ الجبلي: "وما هو واقعٌ، أن الجغرافية التي كانت باسم “جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية” كانت تتميز بالتفكك والتبعثر السياسي، في كياناتٍ سياسيةٍ بدائيةٍ كرتونيةٍ، حتى أنشأ الاحتلال البريطاني “إتحاد الجنوب العربي” والذي لم يكمل حتى عقداً من حياته، ثم دولة الاستقلال التي عاشت ثلاثةً وعشرين عاماً. فكل الفترة التي اتسمتْ بالوحدة السياسية لم تتعدّ الثلاثين عاماً. هذا إذا تجاوزْنا حقيقةَ أن “الاتحاد” ما كان له، واقعياً، أن يوفّر بيئةً سياسيةً تستطيع الإسهام الفعلي في صياغةِ هويةٍ سياسيةٍ حقيقيةٍ للمنطقة. فعن أية سماتٍ سياسيةٍ راسخةٍ رَسمتْ ملامح “هوية جنوبية” نتحدث؟!".
وأضاف : طبعاً حتى هذا الكلام ليس جديداً في اليمن، وقد سمعناه كثيراً من قبل، ويهدف في جوهره إلى تحقير التجربة الجنوبية بناء على المقياس الزمني، أو الطريقة الخاصة في تقسيم وتقزيم الحقب الزمنية بنوع من التجني، فضلا عن عامل المساحة، ليصل بعد كل هذه الحجج السريعة إلى استنتاج مسلوق مفاده بأنه لا يحق للجنوبيين أن يحلموا بدولة مستقلة طالما لم يحققوا الشرط الأساسي: استمرار كيان موحد متماسك لمئات السنين.
وفي تفنيده للعامل الزمني الذي استند عليه الجبلي، قال أمين اليافعي : أولا، وفيما يتعلق بشرط العامل الزمني، ما يذكره الأستاذ الجبلي غير دقيق وسطحي، فكثير من دول العالم تأسست من العدم كهوية جامعة، لعل أبرز الأمثلة دول أمريكا الجنوبية والشمالية، وكل ما اعتمدت عليه هذه الهويات بعد ظهورها لأول مرة في صمودها واستمرارها هي أنها حققت شروطاً سياسية واجتماعية وثقافية قابلة للاستمرار والاستيعاب، ولو بالحد الأدنى، والأمر بالطبع لا يخلوا من لحظات من الاختبارات العسيرة. وأصلا مثل لو طبقنا مثل هذا الشرط، لما ظهرت أي كيانات جامعة بحجم الدول في التاريخ البشري.
ثانياً، الاعتماد على المساحة لا يقل خفة في المحاججة من الاعتماد على العامل الزمني، حتى وكأن المسألة هي مسألة كم وليست كيف. وعندما تنظر إلى معظم دول الاتحاد الأوروبي، وتجد أن كثير من دوله لا تتعدى مساحتها واحدة من سلطنات الجنوب السابقة، ثم كيف تطورت هذه الدول، واستطاعت فيما بعد أن تُساهم بفعالية في أرقى وحدة سياسية واقتصادية موجودة حالياً (الاتحاد الأوروبي) بالاستفادة من ما حققتها تجارب كيفية متقدمة في كياناتها الصغيرة، ثم مقارنتها بدول أخرى مساحتها تتعدى مليون كيلومتر مربع وهي تعيش في تأخر كبير، لأدرك المرء بسهولة أن المسألة أولاً وأخيراً هي مسألة "كيف"، أو محتوى ومضمون الكيان السياسي، وليس بناء على كم كيلومتر لديه.
*الرد على توصيف سلطنات الجنوب*
وعن توصيف سلطنات الجنوب، رد الكاتب أمين اليافعي، وقال كما أن الجبلي لم يكن دقيقاً بتوصيفه كل سلطنات الجنوب بأنها كانت "كياناتٍ سياسيةٍ بدائيةٍ كرتونيةٍ"، لم يكن دقيقاً على الإطلاق، بل كانت حواضر الجنوب في لحج وحضرموت وأبين، فضلا عن عدن المتطورة جدا، كانت هذه الحواضر رائدة على مستوى الجزيرة العربية بكل معنى الكلمة وبما لا يُقارن، وأما مقارنتها بما كان موجود في أيام الأمامة فلا يجوز، وعلى جميع المستويات.
وأردف اليافعي : عندما قال الأستاذ الجبلي بأن "الجغرافية التي كانت باسم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية كانت تتميز بالتفكك والتبعثر السياسي، في كياناتٍ سياسيةٍ بدائيةٍ كرتونية"، هل يقصد مثلا أن حضرموت، بتاريخها القديم الحديث، في الداخل والمهاجر ينطبق عليها هذا الوصف : كيان سياسي بدائي كرتوني؛ خصوصا وأنها أقدم هوية سياسية متماسكة ومستقلة في الجزيرة العربية، والكاتب اعتبر العامل الزمني عنصرا ضروريا وحاسما في مسألة رسوخ الهويات، فما الذي استدعاه إلى استثنائها ووصفها بالبدائية والكرتونية إذن؟، مشيرا : أرجو لمن لديه تواصل مع الباحث في مركز الدراسات والبحوث اليمني ورئيس دائرة الدراسات والبحوث الاجتماعية والإنثروبولوجية فيه أن يبلغه بهذا السؤال، لعلنا نحظى بإجابة مقنعة.
*تنظير الجبلي يخدم الإمامة*
مقال الجبلي وما ورد فيه من تنظير سطحي ومغالط يأتي على نسق منطق قوى الشمال عن عودة الفرع إلى الأصل، وهو تنظير يخدم الإمامة حسب رد السياسي أمين اليافعي.
وقال اليافعي : المشكلة أن ما يضمره كلام الأستاذ الجبلي يؤدي إلى استنتاج مفاده بأن "الشمال"، الكبير المساحة الذي امتلك سلطة موحدة لمئات السنين، هو المرجعية الأساسية والأصلية والجوهرية مقابل هذه الكيانات الكرتونية الملفلفة، أي الأصل في مقابل الفرع الطارئ (طبعا وحتى هذه الفكرة التي روجتها القوى التقليدية المهيمنة سخيفة في منطلقاتها، فعادة يكون الأصل أكبر مساحة بكثير من الفرع، إذا تغاضينا عن الكيف، لكن المشكلة أنه هكذا يفكر المؤدلجون من أرجلهم، ومن أرجلهم يخترعون المعايير والشروط المضروبة).
وأضاف: في المحصلة النهائية، فإن مثل هذا التنظير يخدم فكرة الأمامة، وبكل قوة، فهي، ووفق هذه الشروط والمعايير، الأصل والفصل والأكثر تماسكا وصلابة لمئات السنين، بمعنى أنه قد تم تبني بناء شرعيتها طوبة طوبة، وتم إعادتها سالم مُعافاة من كهوف الماضي السحيق، وعندئذ لا ينفع ولا يجوز الصراخ.