هل تشكل الحرب على أوكرانيا تهديدا إضافيا على اليمن؟ “التفاصيل كاملة”

Sunday 27 February 2022 3:30 pm
هل تشكل الحرب على أوكرانيا تهديدا إضافيا على اليمن؟ “التفاصيل كاملة”
----------
تواجه اليمن، تحديات بالغة الخطورة، تتعلق بالأمن الغذائي. حيث أن الملايين في البلد الذي أنهكته الحرب منذ سبع سنوات مهددون بالمجاعة.
وتعاني العمليات الإنسانية في اليمن، من نقص حاد في التمويل، وفق ما أعلنته وكالات الإغاثة الأممية والدولية. أثر في تعثر الكثير من مشاريع الاستجابة. وتعول هذه الوكالات على مؤتمرا للمانحين في دعم خططها كان قد تقرر عقده برعاية الأمم المتحدة في منتصف مارس المقبل.
إلى جانب الآثار المترتبة على توقف صادرات القمح الأوكراني إلى اليمن، بسبب الاجتياح الروسي. حيث تشكل مع صادرات القمح من روسيا نحو 40 في المائة من الاحتياج المحلي. يبدي العديد من المراقبين للشأن اليمني، مخاوف كبيرة، من فشل انعقاد مؤتمر المانحين أو عدم تفاعل الدولة المانحة – وأغلبها من الدول الغربية – مع المتطلبات العاجلة للأزمة الإنسانية في اليمن.
وأكبر الجهات المانحة لبرنامج الأغذية العالمي في اليمن هي الولايات المتحدة والسعودية والإمارات وقطر وألمانيا والاتحاد الأوروبي والسويد وكندا وسويسرا.
وكانت الأمم المتحدة، ناشدت الدول المانحة، في مؤتمر المانحين العام الماضي، تقديم 3,85 مليارات دولار لتمويل خطة الاستجابة. غير أن الدول المانحة تعهدت بتقديم 1,7 مليار دولار فقط خلال المؤتمر.
والأربعاء الماضي أعلنت الأمم المتحدة، عن نفاد مواردها الخاصة بتقديم المساعدات الغذائية الإنسانية في اليمن. حيث دعا مكتبها لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، إلى تمويل عاجل لعمليات الإغاثة. التي اعتبرها “شريان حياة لملايين الأشخاص المحتاجين”.
ويوم السبت، جددت الأمم المتحدة دعوتها للدول المانحة إلى التعهد بسخاء في مؤتمر المانحين والذي تستضيفه في 16 مارس المقبل، بمشاركة السويد وسويسرا.
وكان “الأوتشا”، قد حذر الأسبوع قبل الفائت، من احتمالية فقدان 11 مليونا من اليمنيين للمساعدات الغذائية ووقوعهم في خط المجاعة. إذا لم تمول برامج الإغاثية لفترة الستة الأشهر المقبلة.
ويرى المراقبون، أن التزامات الدول الغربية- أبرز الجهات المانحة لليمن- ستكون تجاه الأزمة في أوكرانيا أقوى. الأمر الذي يهدد بفشل مؤتمر المانحين أو أن التعهدات ستكون ضئيلة جدا.
ويمر اليمن بما تصفه الأمم المتحدة “أسوأ أزمة إنسانية في العالم”. كما أنه بحاجة إلى حوالي 800 مليون دولار في الأشهر الستة المقبلة لتقديم المساعدة الكاملة إلى 13 مليون شخص. وفقا للمنظمة الأممية.
ومع تعاظم الأزمة الأوكرانية، التي قد يخلفها الاجتياح الروسي، سيجد اليمنيون إلى جانب الكثير من شعوب الدول العربية، صعوبات بالغة في توفير رغيف الخبز.
ونقلت وكالة “فرنس برس“، عن المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي الموجود في اليمن ديفيد بيسلي، قوله: “نحن نحصل على نصف طلباتنا من الحبوب من روسيا وأوكرانيا. سيكون لهذه الحرب تأثير مأساوي”.
ويضيف المسؤول الأممي، “كنّا نظن أننا وصلنا إلى القاع، لكن لا، الحال أسوأ”.
كما حذّر معهد الشرق الأوسط للأبحاث من أنه “إذا عطّلت الحرب إمدادات القمح” للعالم العربي الذي يعتمد بشدة على الواردات لتوفير غذائه. “قد تؤدي الأزمة إلى تظاهرات جديدة وعدم استقرار في دول عدة”.
والخميس الماضي، حذّر برنامج الأغذية العالمي أيضا، من أن الحرب في أوكرانيا ستؤدي على الأرجح إلى زيادة أسعار الوقود والغذاء في اليمن الذي مزقته الحرب. مما قد يدفع المزيد من السكان إلى المجاعة مع تراجع تمويل المساعدات.
وقال البرنامج في بيان “يؤدي تصعيد الصراع في أوكرانيا إلى زيادة أسعار الوقود والغذاء وخاصة الحبوب في اليمن الذي يعتمد بشكل شبه كامل على الاستيراد”.
وتابع: “تضاعفت أسعار المواد الغذائية في معظم أنحاء اليمن خلال العام الماضي. مما جعل أكثر من نصف البلاد في حاجة إلى مساعدات غذائية”.
وأردف: “سيؤدي ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى دفع المزيد من الناس إلى الحلقة المفرغة المتمثلة في الجوع والاعتماد على المساعدة الإنسانية”.
وقال: “ليس لدينا خيار سوى إطعام من يتضورون جوعا على حساب الجوعى. وما لم نحصل على التمويل العاجل، فإننا في غضون أسابيع قليلة نواجه خطر عدم قدرتنا حتى على إطعام الجوعى”. مضيفا: “سيكون ذلك بمثابة جحيم على الأرض.
وقال الكاتب الأميركي أنتوني فايولا في مقال نشرته صحيفة “واشنطن بوست”، الأسبوع الماضي، إنه على مدى السنوات العشرين الماضية، عززت المحاصيل الأوكرانية الوفيرة من دور البلاد كقاعدة خبز عالمية. إذ أصبح بعض أكبر عملائها هم من البلدان المتضررة اقتصادياً، أو التي مزقتها الحرب أو الدول الهشة في الشرق الأوسط وأفريقيا. بما في ذلك اليمن ولبنان وليبيا. ومن ثم فإن نقص الحبوب أو ارتفاع الأسعار لن يؤديا إلى تعميق الألم فحسب، بل سيسفران عن عواقب اجتماعية لا يمكن التنبؤ بها”.
أما المحلل الزراعي لدى معهد بريكثرو الأمريكي، ألكس سميث، فيقول في مقال نشرته مجلة “فورين بوليسي”، إن لبنان حصل في عام 2020، على نصف استهلاكه من القمح من أوكرانيا. كما يستورد اليمن وليبيا على التوالي 22 في المئة و43 في المئة من إجمالي استهلاكهما من القمح من أوكرانيا”.
ويرى الكاتب الصربي نيكولا ميكوفيتش، وفق لـ “اندبندنت” أن “الاحتلال العسكري لموانئ البحر الأسود قد يؤدي إلى حجب كمية كبيرة من المواد الغذائية عن الأسواق الدولية. ما سيؤثر بلا شك على دول مثل لبنان ومصر واليمن وإسرائيل وعمان، مشتري القمح الأوكراني الرئيسين. كما يمكن أن تتأثر دول الخليج العربي التي تأتي خامساً ضمن أكبر 11 مستورداً للدجاج الأوكراني من دول الشرق الأوسط عام 2020”.
ووصف المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، خلال مؤتمر صحفي اليوم، الوضع في اليمن بـ “الخطير”. لافتا إلى استمرار سقوط ضحايا مدنيين ونازحين جراء الصراع.
وقال: “نحن في غاية القلق بشأن الوضع الخطير في اليمن، بما في ذلك تأثير الصراع المستمر. الذي يتسبب في سقوط ضحايا من المدنيين بشكل يومي”.
وتحدث دوجاريك، عن “نزوح أكثر من 23 ألف شخص منذ بداية العام، أغلبهم في محافظات الحديدة وتعز وشبوة ومأرب.
وأوضح، أن هؤلاء (النازحون) ينضمون إلى أكثر من أربعة ملايين رجل وامرأة وطفل، نزحوا في جميع أنحاء اليمن منذ 2015.
كما أشار إلى النقص الحاد الذي تواجهه وكالات الإغاثة في التمويل الذي يهدد تدفق المساعدات الانسانية.
وقال: “منذ بداية العام اضطررنا إلى تقليص نصف برامج المساعدات أو إغلاقها بسبب نقص السيولة، والمزيد من التخفيضات تلوح في الأفق إذا لم يتم تلقي التمويل”.
وأضاف: “تم خفض حصص نحو ثمانية مليون شخص وقد يتوقف هؤلاء الأشخاص قريبًا عن تلقي المساعدات الغذائية من الأمم المتحدة تماما”. كما جدد الدعوة للدول المانحة إلى التعهد بسخاء في المؤتمر.
وبحسب المراقبين، فإن مؤتمر المانحين يعد بالنسبة للحكومة اليمنية-التي ساهمت بشكل مباشر إلى جانب الأمم المتحدة في الحشد لإنجاحه- الفرصة الأخيرة أمامها لإحداث انتعاش في اقتصاد البلاد المتدهور. حيث تأمل من خلاله الانتقال من الجانب الإغاثي إلى الجانب التنموي لتحقيق استقرار على المدى المنظور على الأقل.