القومية اليمنية (حركة الأقيال) وحرب بوتين !

Thursday 14 July 2022 9:29 pm
----------

     ظاهرة أو حركة الأقيال التي نشأت خلال الحرب، وكانت نتيجة لشعور اليمنيين بانسحاق هويتهم تحت أقدام السلالية والطائفية، وعودة الإمامة، هذا من جانب، ومن جانب آخر تلك التدخلات الخارجية، وسلب السيادة اليمنية بذريعة الحفاظ على الشرعية ومحاربة الجانب الحوثي الممثل للسلالية والإمامة حسب رؤية البعض. 

أليست هذه الحركة أو الظاهرة دعوة شعبوية تختصر أو تلغي التعدد الثقافي والوجودي لليمنيين على أرضهم؟

دعوة قد يراها البعض أنها لن تعيد لليمني طمأنينته وراحة وجوده في الزمن الحالي الذي اعتنق فيه العالم قيم التعددية والديمقراطية والحقوق والحريات الدينية، وضمان الحياة والتعايش مع الأقليات العرقية والإثنية.

     هل هذه الحركة ستنتج قوة استبدادية تنمو وتنضج تحت نيران الحرب المستعرة ؟ بل وتذكي نيران أخرى موازية، خرجت من كونها حركة تدعو إلى البحث في التاريخ اليمني، والإعلاء من شأن الحضارة اليمنية القديمة وإبراز عظمة الإنسان اليمني، وفي الوقت نفسه أقف متسآلة أمام نمو الحركات الشعبوية في العالم المتقدم وأخص بالذكر الصين وروسيا، وربما كما يرى بعض المفكرين أنها قد بدأت منذ خمسة عشرة عاما في أمريكا وفي غيرها من بلدان العالم وهو ما أقره "فوكوياما" من أن التهديد اليوم لا يأتي فقط من أماكن مثل الصين وروسيا التي تحارب الآن لتستعيد نظام حكمها الشمولي وتقف ضد الغرب والمجتمع الديمقراطي، بل هو أيضاً داخل الولايات المتحدة، التي راحت تشهد نمو الحركات الشعبوية.

     ويرى "فوكوياما" أن الأزمة الحالية أثبتت في الوقت نفسه أنه من غير الممكن أخذ النظام العالمي الحر الموجود، على أنه أمر مسلم به. وقد تعود الأنظمة الاستبدادية إن لم يأخذ العالم الديمقراطي حذره ومراقبة ما يحدث. فبوتين إذا يرى أن الديمقراطية العالمية لا تناسب شعبه السلافي حسب رأي "فوكوياما".

     وعودة إلى حركة الأقيال أو الظاهرة التي تنتج أدبيات غير منظمة، وأصوات غوغائية هنا وهناك، لا شك أنه من المهم أن يتكئ اليمنيون لرصيدهم التاريخي القديم، الذي يرونه اليوم قوة تاريخية غابرة، ولكن هذه القوة ألم تكن قائمة على جثث كثير من الضحايا وبرك من الدماء، علينا اليوم أن ننظر بعين حضارية للوضع القائم والمتشظي الذي انتجناه نحن قبل غيرنا، علينا أن ننشئ قوة جديدة بمسمى حضاري لا يستبعد أو يلغي المختلف والطارئ والهجين، فنحن إلى الآن منعزلون ومنكفئون على ذواتنا، نرفض الآخر حتى وإن كان ابن عمنا.

     الأحرى بنا هو النظر والتأمل في السياق التاريخي وإفرازاته. المهم أن نفهم وأن نعي ما كان في التاريخ ونتعلم منه. أن نتجاوز الأزمات ولا نعيد إنتاج أحقاد الماضي وما أنتجته الحرب اليوم.