احتجاجات كبيرة في مدن إيران إثر وفاة (مهسا أميني)، البالغة من العمر ٢٢ عامًا، بعد أن احتجزتها شرطة الآداب بحجة عدم التزامها بقواعد الحجاب، ويتصدر شعار "المرأة والحياة والحرية" وشعارات أخرى ضد المؤسسة الحاكمة، تستهدفت المرشد الإيراني ..
غضب و ثورة ضد الحجاب، إلا أنها ثورة ضد عمامة وضعت فوق رأس الشعب الإيراني لسنوات طويلة، حين أسقط الخميني التحالف الوطني، من ليبراليين وسنة وشيعة ويساريين وأكراد وغيرهم، لصالح مشروعه المحمي بعباءته التي حولت نهار إيران إلى ليل و اغتصبت حقوقه واستلبت حريته وقمعت إبداعه وصادرت حقه في الحياة.
قتل الشعب الإيراني، بدعوى (الأخلاق) التي يحرسها المرشد، فكان تكبيل العقل من خلال إلغاء هوية الفرد وتغييبه، وسلب إرادة وحرية المواطنين من حقوقهم البسيطة واليومية، كاختيار شكل ملابسهم والكتب التي يقرأونها، وكل ما يشاهدونه ويستمعون إليه. واليوم، ما تزال التقارير الدولية تضع إيران في المرتبة الأولى، كدولة تقمع شعبها، وتسجن المثقفين والناشطين، إضافةً إلى نسبة أحكام الإعدام المرتفعة، دون أن يحظى الشعب الإيراني بأي اعترافٍ من نظامه الحاكم وأجهزته وملاليه..
الحجاب هو عملية تحجيم لوجود الفرد في الحياة الطبيعية التي يمارسها، حينها تسهل بقية الخطوات التي تنتهك من خلالها حقوق المواطن من رجل كان أو امرأة. ولم يكن حجاب النساء إلا جزء من حجاب كبير ضُرب على الإيرانيين.
والنسخة المطابقة لما تنتهجه سياسة الفقيه الإيراني، هو ما نراه في ممارسات ميليشيا الحوثي ولكنها النسخة الأشد غباء ورجعية، بل نسخة مضحكة ومبكية في آن واحد، كان آخرها ما قامت به من إجراءات قمعية ضد خريجي الجامعات اليمنية الحكومية والخاصة، فالحادثة التي زامنت ما يحدث في إيران، وضج بها الوسط اليمني، من إجبار الخريجين في جامعات صنعاء على إقامة حفلات تخرجهم تحت إشراف متعسف من جماعة الحوثي، وفرض سطوتها وتدخلاتها في تفاصيل تلك الحفلات ، من خلال ما أسمته نادي الخريجين، هذا النادي الذي يمثل وكرا لابتزاز الطلاب، وفرض إتاوات على الحفلات، وفرض القيود على مشاريع التخرج، الحد الذي وصل بهم تحديد لون طلاء أظافر الخريجات وإلى نوعية الأغاني وفقرات الحفل المحافظ على الهوية الإيمانية، وفحص طول ولون العباءة ومنع الأحذية الكاشفة لأصابع القدمين، وطمس وجوه الخريجات وأيديهن في الصورالخاصة بالتخرج..
لم يكن الحجاب مانعا للرذيلة أو حافزا للفضيلة، أو مستنقصا من قدر النساء اللائي يضعنه، بل هو خيار لا يعترض عليه أحد، سواء لمن أرتدينه أو من لم يرتدينه، ولكن حين يفرض بطريقة ينتفي معها وجود المرأة الإنساني، ولغرض سياسي، فإنه يتحول إلى حجاب للعقل واغتيال للإرادة والحرية والجمال، فحينها يكون على المجتمعات أن تناهضه، وتحارب من أجل استعادة حرية الحياة بمختلف نواحيها والذي يعد اللبس جزءا منها، ويكون الخيار للمراة أن ترتدي الحجاب بإرادتها.
إن التظاهرات والاحتجاجات في إيمران ليست تحررا من غطاء الرأس الشكلي، بل هو تحررا للعقل، ولذلك التعدي السافر الذي أنهى حياة النساء في إيران، ولم تكن هذه الحادثة إلا تلك الخصلات التي قسمت عمامة الفقيه.