"القدر كان يخبيء لي ماهو أجمل" عبارة قالها الأسطورة ليونيل ميسي باكيا بعد تتويج الأرجنتين بكوبا أمريكا من ملعب الماراكانا في البرازيل، ميسي من عاش تقلبات الحياة الكروية تحت الضغط بين مد وجزر وبين فرح وحزن، بطل واسطورة في مرات ومتهم بالخذلان في عيون الاعلام في بعض المرات القليلة، راوغته تلك المتقلبات مثلما يراوغ منافسيه، حتى بدا منهكا معزولاً في بعض فتراته و تحديدا عندما طالت فترة جفاف القاب الارجنتين اكثر من اللازم لاسيما أنهم كان يصنفونه وريثا شرعياً للأسطورة دييغو ارماندو مارادونا، لم تشفع له كل الألقاب الفردية والجماعية في أوروبا أن يقترب في الأرجنتين من مكانة دييغو، فالقابه لم تتزين بها الأرجنتين كما زينتها أرقامه مع منتخب الالبيسيلستي، فكان بين مطرقة الهجوم الاعلامي وسندان الاعتزال الدولي.
بكى ليو كثيراً مع الارجنتين حزنا لا سعادة، قبل أن تتحول هذه الدموع الى دموع فرح انتشرت افاقه الى الارجنتين وحتى خارج حدودها، اخيرا التاريخ يقف بجانب ميسي ويهديه أول لقب مع المنتخب الارجنتيني الأول من بوابة كوبا أمريكا وأين! في الماراكانا معقل الغريم الأزلي البرازيل، تلك اللحظة كانت اسعد لحظات ليونيل ميسي الكروية وتضاهي كل لحظاته على منصات التتويج في اوروبا لانها لحظه استعصت عليه كثيرا في النهائيات التي خاضها و تمنعت عنه في مرات ليس بالقليلة.
التتويج بالكوبا لم يكن إلا بداية التخلص من النحس الذي لازمه مع الارجنتين فبعدها بأشهر كان ميسي على موعد مع تتويج آخر عندما تلاعب ورفقائه بأبطال أوروبا ورجحوا كفة امريكا الجنوبية على اوروبا في كأس فيناليسيما في ويمبلي امام بطل اوروبا الاتزوري الايطالي.
تلك لم تكن الا مقبلات، وماهي الا بارقة فرح أولى لأسطورة كرة القدم، فالتحدي الأكبر كان الكأس الأكبر كأس العالم فيفا قطر 2022, لم يرشح ميسي الأرجنتين وكان واقعيا أكثر من اللازم حتى وهو يعلم أن لديه كتيبة من المحاربين ولدى الأرجنتين كل ما يلزم لمغازلة ذلك الحلم فنياً ومعنوياً، لكن واقعية ميسي كانت مفهومة فهو لا يريد أن يعشم نفسه وشعبه لحلم قد يتبخر في أي لحظة كالسابق.
الخسارة أمام السعودية في المباراة الأولى ربما رجحت واقعية ميسي وأن هذه الكأس تتطلب أكثر مما تملكه الأرجنتين لطلب ودها، لكن تلك الخسارة كانت بمثابة الصدمة الإيجابة في جسد الألبيسيلستي، بعدها كانت ردة الفعل الأرجنتينية في المباريات اللاحقة حتى كبر الحلم مباراة بعد أخرى، تألق ميسي وحمى ذاك التألق ايمي مارتنيز الذي كان حارس مرمى وفي ذات الوقت حارسا لأحلام ميسي والأرجنتين.
عاشت الأرجنتين وميسي دراما ملحمية في قطر وعاش معها العالم كل تفاصيل ذلك الحلم الذي تحول الى حقيقة في النهاية، فسيناريو النهائي لن تقدر حتى هوليود على كتابته وتلك القصة الأخيرة ستبقى عالقة في الأذهان لعقود من الزمن.
ميسي يرفع كأس العالم صورة كان لابد أن تكون من ضمن البوم صور تاريخ كرة القدم، فما قدمه ميسي لكرة القدم يستحق أن يكافئ عليه بهذه الكأس الغالية، فكيف للمجد أن لا يعانق المجد، وكيف لكرة القدم أن لاتوفي ليو ماهي مدينة له، فمن عانق الخيال كان يجب أن يعانق كأس العالم، والنهايات السعيدة حتى وأن تأخرت حتما تأتي.