مع انتقال كيليان مبابي لريال مدريد، الذي بات أقرب من أي وقت مضى، يبرز التساؤل حول الدور الفني للنجم الفرنسي في تشكيل الميرنجي.
ويمر ريال مدريد بانتعاشة فنية كبيرة، حسم على إثرها لقب الليجا، وتأهل لنهائي دوري أبطال أوروبا، بفضل تركيبة هجومية نجمها الأول الجناح الأيسر المتألق فينيسيوس جونيور.
في المقابل ودع مبابي رفقة باريس، المسابقة من الدور نصف النهائي أمام أسود الفستيفال، في مواجهتين لم يظهر بهما كيليان بالشكل المطلوب، وشارك بهما في مركزي الجناح ورأس الحربة.
ويبقى السؤال المحير بالنسبة للجماهير: في أي مكان سيلعب مبابي؟ خاصة وأنه يحب التواجد على الرواق الأيسر، في نفس منطقة نفوذ البرازيلي، ما قد ينذر بصراع فني بين الثنائي على شغل هذا المركز، الذي يعد مفضلا لكل منهما.
أزمات ومعضلة
مبابي دخل في أزمات مؤخرًا، سواء في منتخب فرنسا أو مع فريقه باريس سان جيرمان، بسبب عدم تفضيله اللعب كمهاجم صريح.
وأفادت تقارير صحفية، بأن مبابي غاضب من لويس إنريكي، مدرب باريس، وعلاقة الثنائي "مقطوعة"، لأن اللاعب غير سعيد على الإطلاق بالمركز الذي يضعه فيه المدرب الإسباني.
وطالب مبابي إدارة باريس بضم مهاجم صريح، يساعده في اللعب بحرية كجناح أيسر، حيث يشعر بإحباط شديد في مركز رأس الحربة، ويريد اللعب على الجناح.
ورغم عدم ارتياح النجم الفرنسي لمركز المهاجم الصريح، لكن لغة الأرقام توضح نجاحه في هذا المركز أكثر من الجناح.
فمبابي هذا الموسم لعب كمهاجم صريح في 25 مباراة، سجل خلالها 26 هدفا وصنع 6 أخرى.
بينما في مركز الجناح الأيسر، لعب 18 مباراة، سجل فيها 17 هدفًا، وصنع 3 أخرى.
لكن المعضلة أمام رغبة مبابي، هي التطور الهائل لفينيسيوس جونيور في السنوات الأخيرة، وكونه حاليا أهم عنصر في الخط الهجومي لريال مدريد.
كارلو أنشيلوتي، المدير الفني للملكي، أكد أن فينيسيوس هو الأفضل في العالم في مركزه في الوقت الحالي، لما يملكه من قدرات هائلة، وأنه مرشح بقوة للفوز بالكرة الذهبية هذا العام، وهو تصريح يزيد من تعقيد الموقف.
الصفقة الحلم
كان مبابي هدفا لريال مدريد، منذ بزغ نجمه بقميص موناكو بعمر 19 عاما، لكن باريس سان جيرمان نجح في إغراء اللاعب وضمه نهائيا مقابل 180 مليون يورو، في 2018.
ولم ينس فلورنتينو بيريز حلمه بالتعاقد مع مبابي، وتحرك في صيف 2021 لضمه بعرض قياسي بلغت قيمته 154 مليون جنيه إسترليني، لكن فشلت هذه المحاولة أيضًا وتم إقناع مبابي بالبقاء مع البي أس جي.
وعاد ريال مدريد في الصيف التالي، وتم الضغط بكل قوة لإتمام الصفقة، قبل أن تحدث المفاجأة ويعلن مبابي التجديد لباريس سان جيرمان، حتى صيف 2024، مع وجود بند اختياري يتيح التمديد لموسم آخر.
قرار مبابي سبب حالة من الغضب لدى جماهير ريال مدريد، ورئيس النادي فلورنتينو بيريز، الذي خرج يتحدث للإعلام عن أن الشاب الفرنسي كان يرغب في ارتداء قميص الملكي "لولا الضغوط السياسية".
وصرح بيريز: "منذ تواجدي في منصبي لم يقم أي رئيس جمهورية بالاتصال بأحد اللاعبين ويعلن ذلك للرأي العام، لا أعتقد أن ذلك كان إشارة جيدة لباقي أندية فرنسا".
وزاد: "هذا ليس مبابي الذي أعرفه، وإذا تغيرت الأمور فكل شيء وارد في المستقبل".
ولم يكن من السهل أن يتحرك الريال مجددا لضم لاعب رفضه بشكل واضح، وأحرج الإدارة أمام العالم أجمع، لكن اقتراب إتمام الصفقة حاليا، يدل على أن مبابي هو الصفقة الحلم لبيريز في الوقت الحالي.
ويعزز ذلك من النفوذ المنتظر لمبابي في الفريق الملكي، ويكسبه قوة إضافية في الصراع مع فينيسيوس على شغل مركز الجناح الأيسر.
خضوع بيل
بالعودة إلى تاريخ ريال مدريد، وخاصة في الولاية الأولى لكارلو أنشيلوتي، نجد موقفا مشابها، حين تم التعاقد مع الويلزي جاريث بيل، في وجود البرتغالي كريستيانو رونالدو.
وقاتل ريال مدريد للظفر بخدمات بيل من صفوف توتنهام، وحسم فلورنتينو بيريز الصفقة في صيف 2013، مقابل 100 مليون يورو، ليصبح الويلزي أغلى لاعب في التاريخ آنذاك.
ونال بيل جائزة أفضل لاعب في البريميرليج مع توتنهام، وقدم مستويات مذهلة على الطرف الأيسر، في وقت كان رونالدو يصول ويجول مع الملكي بذات المركز، وهنا كانت الحيرة.
ورفض أنشيلوتي وقتها فكرة تغيير مركز رونالدو وصرح: "رونالدو لن يلعب كرأس حربة، وأعتقد أننا سنلجأ إلى طريقة لعب تخرج أفضل ما لدى الثنائي، يجب أن تضع اللاعبين المهمين في المركز الذي يشعرون بالراحة فيه".
ورغم بزوغ نجم بيل في ذلك الوقت، لكن أهمية رونالدو مع ريال مدريد كانت طاغية، بشكل يصعب على أي مدرب أن يضحى بها ويؤثر على إنتاجيته مع الفريق.
وفي أول ظهور لبيل بقميص ريال مدريد، قرر أنشيلوتي الاعتماد عليه كجناح أيمن، في الثلاثي الهجومي الشهير "BBC"، على أن يلعب رونالدو كجناح أيسر كالعادة، رفقة المهاجم كريم بنزيما.
وحققت هذه الثلاثية الهجومية نجاحا مميزًا في ريال مدريد، لكنها لم تستمر طويلا نظرًا للإصابات التي ضربت بيل وغيابه لفترات طويلة عن المشاركة مع الفريق.
فهل ينحني مبابي لفينيسيوس على طريقة بيل؟ أم يفرض النجم الفرنسي سيطرته مبكرًا ويلعب بمركزه المفضل؟