أثبت البرتغالي لويس كاسترو، مدرب النصر السعودي، نظرية مهمة في عالم التدريب، بعدما فشل في تحدٍ خارج المستطيل الأخضر، فيما يمكن الاستشهاد بالثنائي جوزيه مورينيو، وكارلو أنشيلوتي.
وكلما تحدث كاسترو لوسائل الإعلام أغضب جماهير النصر، ما عزز حملة الانتقادات المثارة ضده، ليصبح قريبًا من فقدان منصبه.
وتعتبر كأس السوبر السعودي الجارية فرصة كاسترو الأخيرة لحفظ ماء وجهه أمام الجماهير والإدارة، وإلا ربما يتخذ عملاق العاصمة السعودية قرارًا بإقالة المدرب في بداية الموسم، الأمر الذي سيؤثر أيضًا على استقرار الفريق.
ويبدأ النصر موسمه بمواجهة التعاون مساء اليوم الأربعاء في نصف نهائي كأس السوبر، وسط علامات استفهام عديدة حول كاسترو، بينما يأمل المدرب في تحسين صورته بالتأهل إلى النهائي لملاقاة الهلال.
المدرب.. ليس مجرد فنيّات
وبدأ كاسترو مسيرته مع النصر الموسم الماضي بالفوز بلقب البطولة العربية للأندية، لكن مستوى الفريق تراجع لاحقًا بشكل ملحوظ، وفشل في حصد أي لقب محلي أو آسيوي.
وفي مارس/ آذار الماضي، عندما كان النصر قريبًا من خسارة الدوري السعودي لصالح الغريم الهلال، خرج كاسترو بتصريح مثير.
وقال المدرب البرتغالي ردًا على الانتقادات بعد الخسارة من الرائد في الجولة 23 "قبل تحقيق البطولة العربية، منذ متى لم يفز النصر ببطولة؟ لا تتعاملوا كما لو كان الفريق يحقق بطولة كل عام!".
وأضاف "المدربون السابقون كانوا يبحثون عن الأعذار، فزنا هذا الموسم ببطولة، ولكن هناك سنوات كثيرة لم يفز النصر فيها ببطولات".
اعتبرت جماهير النصر تصريح كاسترو بمثابة "إهانة" لتاريخ الفريق، ما زاد غضبهم، خصوصًا أنهم لم يشعروا بالرضا أصلًا تجاهه من الناحية الفنية في ذلك الوقت، قبل أن يضطر المدرب لاحقًا للاعتذار، والتأكيد على أن تصريحاته "فُهمت بشكل خاطئ".
انتظرت جماهير النصر إقالة كاسترو بنهاية الموسم، لكنها فوجئت باستمراره في فترة الإعداد خلال معسكري البرتغال وإسبانيا.
وبعد تحقيق نتائج مخيبة في المباريات الودية، عادت الانتقادات للواجهة، بل ودشنت الجماهير وسمًا عبر منصة "إكس" بعنوان "استمرار كاسترو مرفوض".
ولعب الفريق العاصمي 8 مباريات ودية، معظمها ضد أندية مغمورة ومن الدرجات الأدنى، لكنه اكتفى بفوز وحيد، فيما استقبلت شباكه 11 هدفًا.
وأمام الانتقادات، قرر كاسترو الخروج عن صمته لمواجهة المطالبين بإقالته مرة أخرى، حيث برر نتائج النصر في الفترة التحضيرية بأن "الفريق يفتقد عددًا من اللاعبين، فيما تأخر لاعبون آخرون في العودة من الإجازة".
ازدادت حدة الهجوم على المدرب البرتغالي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، على اعتبار أن الفريق واجه منافسين متواضعين خلال معسكريه، لا يحتاجون للقوام كاملا للفوز عليهم، حسب وجهة نظر المنتقدين.
تبرير كاسترو المستفز، وفقًا للجماهير، يجعلهم يتأهبون أي إخفاق محلي لإثبات وجهة نظرهم وتجديد مطالب الإقالة، ويمكن القول إن العلاقة بين الطرفين وصلت لطريق مسدود.
الحقيقة التي يمكن الخروج بها أن المدرب لن يحقق نجاحًا لمجرد تفوقه في الجوانب الفنية فقط، وإنما يجب أن يكون تعامل مع الإعلام ذكيًا، ويتفادى الدخول في صدامات تكلفه الكثير.
أسلوب مورينيو
النتيجة التي وصل إليها كاسترو تعيد للأذهان تجربة مواطنه جوزيه مورينيو، الذي تراجعت مسيرته في الأعوام القليلة الماضية بشكل لافت، وربما يعد أسلوبه مع الإعلام والجماهير واحدًا من الأسباب.
اشتهر مورينيو بدخوله في صدامات على كل المستويات، سواء مع اللاعبين داخل غرف الملابس، أو الحكام، أو المنافسين، فيما لم تسلم حتى جماهير الفرق التي دربها من "لسانه".
ففي فبراير/ شباط 2018 عندما كان يقود مانشستر يونايتد، انتقد "السبيشال وان" "هدوء وقلة حماس" جماهير الفريق في مدرجات ملعب "أولد ترافورد"، وقال حينها "ملعب بورتسموث صغير لكن به أجواء لا تصدق. هنا الأجواء هادئة ودون حماس".
وفي مارس/ آذار من نفس العام، خرج مورينيو بتصريح يشبه ما قاله كاسترو الموسم الماضي عن النصر حول خسارة الألقاب.
فبعد الإقصاء من ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا على يد إشبيلية، قال مورينيو في مؤتمر صحفي "جلست على هذا المقعد مرتين في دوري الأبطال بعد الإطاحة بمانشستر يونايتد (من دور الـ16) على أرضه".
وتابع المدرب البرتغالي "واجهته مع بورتو وريال مدريد وأطحنا به (يونايتد) في المرتين، هذا ليس بالأمر الجديد على النادي!".
وكان طبيعيًا أن يتعرض مورينيو للإقالة قبل نهاية ذلك العام (في 18 ديسمبر/ كانون الأول)، بعد ضغوط هائلة من الجماهير، التي لم تكن راضية عن البرتغالي داخل الملعب أو خارجه.
ويمكن القول إن قرار إقالة مورينيو من تدريب مانشستر يونايتد أنهى مسيرته مع أندية النخبة (الصف الأول) في أوروبا، بالنظر إلى أن توتنهام، وروما، وفنربخشة في مكانة أقل.
مهارة أنشيلوتي
في المقابل، هناك مدربون ساعدهم الهدوء والدبلوماسية أمام الميكروفونات على البقاء في مستوى رفيع، حتى لو لم يكونوا الأفضل من الجوانب الفنية داخل الملعب، ولعل أبرز الأمثلة كارلو أنشيلوتي، مدرب ريال مدريد.
وأحيا الإيطالي مسيرته التدريبية من جديد في يوليو/ تموز 2021، بعدما تلقى عرضًا من ريال مدريد لقيادة الفريق في ولاية ثانية، بعد أن كان يتجه لتدريب "فرق الوسط" بالإشراف على إيفرتون.
قرار فلورنتينو بيريز المفاجئ وقتها جاء لسبب رئيس، أنه كان يريد مدربًا لا يثير المشاكل لا مع الإدارة أو الإعلام أو الجماهير، خصوصًا بعد اعتراض سلفه زين الدين زيدان على سياسة النادي في سوق الانتقالات، ما دفعه للاستقالة.
لم نسمع يومًا أن أنشيلوتي دخل في صدام مع جماهير الفرق التي دربها، أو مع أي من أطراف اللعبة، ففي معظم الأحيان يأتي ظهوره أمام الإعلام هادئًا، حتى في أوقات الخسارة.
هذه "المهارة" ساعدت الإيطالي على البقاء مدربًا لأحد أبرز أندية الصفوة في العالم، ما سمح له بصناعة تاريخ كبير، رغم أنه يرتكب في بعض الأحيان أخطاءً فنية كارثية، لا يفعلها المدربون الصاعدون.
اختار أنشيلوتي السير في الاتجاه الآمن، بدلًا من الدخول في صدامات مع الجماهير والحكام مثل مورينيو، أو حتى معاداة إدارة الأندية التي يدربها كما فعل أنطونيو كونتي مثلًا.