العميد محمد عمر في ذمة الله : النجم الكروي الذي لم ينصفه احد ( صور )

Monday 30 November -1 12:00 am
العميد محمد عمر في ذمة الله  : النجم الكروي الذي لم ينصفه احد ( صور )
كتب – فرحان المنتصر:
----------
في يوم ماطر من عام 1996م كنا نلعب كرة القدم ، خليط من الشباب والشيوبة ابتهاجا بتلك الاجواء الجميلة والخلابة، حتى مر بجوارنا ضابط كبير  برتبة عقيد ركن يقترب في عمره من ال 60 ، متوسط القامة،  شعره كثيف ابيض ، وجسمه ممتلئ كانه صب في قالب ليتسم بالقوة والمتانة.. عرفت لاحقا ان اسمه العقيد الركن محمد عمر حسن اركان حرب لواء النقل العسكري العام.
 
مر بجوارنا ونحن نلعب ، فسخر من طريقة لبعنا المهوشلة، ومن بدائيتنا بل وضعيف لياقتنا ومهاراتنا في التعامل مع كرة القدم ، والظاهر ان الحالة السيئة عند اغلبنا في التعامل مع معشوقته – كرة القدم - استفزته  فكان ان قرر ان ينزل لمغازلتها ويستعيد ذكرياته معها بنفسه .. فنزل الى الملعب.
 
والواضح  عندنا حينئذ ان درجة الاستفزاز لديه كانت اكبر مما تتخيل كمتابع ، فقد نزل بالبدلة العسكرية والحذاء العسكري حتى القبعة لم يخلعها،  والحقيقة انه قد لعب بمفرده وتركنا نتفرج او لنقل نستمتع بترويضه للكرة وحسن تعامله معها وبتصويباته التي لم نرى لها مثيل في ملعبنا ذلك من قبل.
 
ورغم انه تحول لاحقا الى صديق الا انه لم يثر معي أي نقاش او حديث في الرياضة، وحتى مع معرفته اني ملتصق بالرياضة كإعلامي ، لم يحاول  استغلالي للظهور اعلاميا من جديد، او حتى استعراض صولاته وجولاته التي لم يصل اليها عدد كبير ممن يتصدرون المشهد الرياضي، وبقي نقاشنا في الجوانب الحياتية العامة.
 
نقاش عرفت من خلالها ما يخططه لأولاده ، وعلمت بمعاناته من مرضي السكري والضغط ، ولمست من كل احاديثه اعتزازه بنفسه وبعمله وبقدراته المهنية التي تستند الى رصيد نضالي وعلمي لم يتوفر لكثيرين غيره شغلوا مناصب ونالوا مكاسب لا يستحقونها اذا قورنوا بالعميد محمد عمر حسن.
 
لاحقا عرفت من قراءاتي وجلوسي مع عدد من رواد الحركة الراضية في عدن ، ان محمد عمر حسن كان لاعبا كبيرا بل ومن طينة الكبار  جدا بموهبته وبقدراته ومشواره الكبير الذي بدأ من شباب البريقة فالهلال بمدينة الشيخ عثمان ثم فريق الجيش ، اضافة الى مسيرته الظافرة بصفوف المنتخبات الوطنية.. كما عرفت انه لاعب كبير لم ينل حقه من التقدير والاهتمام الاعلامي او التقدير الرسمي.
 
كما كنت اعرفه ضابط محترف في القوات المسلحة ، لكنني لم اعرف انه من ثوار 14اكتوبر 1962م الا بعد وفاته من خلال منشور كتبه يوم امس الاول الكابتن محمود عبود، وهو بالمناسبة احد رفاقه في كرة القدم، اكد فيه انه محمد عمر حسن كان من الفدائيين في ثورة اكتوبر،  كما كتب عنه قصة لا تنقصها الطرافة ولا تحتاج الى لقول انها تعبر عن الانتماء الحقيقي للنادي واللعبة ، تلك القصة التي تقول انه هرب من بيته يوم عرسه ليخوض مباراة ضمن فريق الهلال واضطر خلال هروبه الى اخفاء حذاء اللعب بين ملابسه.
 
اخر لقاء جمعني بالكابتن محمد عمر كان يوم تكريم نصر شاذلي بمناسبة اطلاق اسمه على ملعب نادي التلال بحقات، وفي اللقاء تبادنا الحديث على عجالة قبل ان يغادر الى بيته مسرعا على امل اللقاء من جديد لكن الظروف لم تسمح بذلك حتى عرفت بخبر وفاته عبر الواتس من احد الزملاء في جروب يمني سبورت " مجتمع الرياضة". 
 
ذلك هو الكابتن محمد عمر حسن كما عرفته بما مثله من قيمة رياضية وانسانية ومهنية اتسمت بالتواضع والاجتهاد لكنها لم تنل مقابل ما قدمته للوطن ولو الجزء اليسير.
 
اسال الله ان يمن عليه بالرحمة والمغفرة وان يسكنه فسيح جناته.
 
خالص التعازي لأسرته واصدقائه وزملائه وكل محبيه .
 
انا لله وانا اليه راجعون.