المدرب العربي بين الحقيقة والتضليل الإعلامي

Monday 30 November -1 12:00 am
المدرب العربي بين الحقيقة والتضليل الإعلامي
ــ جمال القاسمي :
----------

 قضية من لا قضية له تعود للظهور في كل موسم وموسم..

المدرب العربي بين الحقيقة والتضليل الإعلامي

تظل قضية المدرب الوطني، حديثا لا ينتهي في مجتمعاتنا العربية، ليس لأنها القضية الأبرز والأهم والتي يمكن ان تنتشل كرتنا من التراجع والتدهور الى القمة والانجازات، لكن ليس اكثر من حالة طارئة، نعاود الحديث عنها، في وقت محدد ولحظة الاخفاقات، ثم نغلق ملفاتها اياما وأشهر وسنوات، معتقدين وفي مرة من المرات، أن المدرب الوطني وقضيته تظل من الحالات الاستثنائية، التي يمكن أن يقال عنها الكثير، ويمكن أيضا أن نكتفي بكلمة أو اثنتين، ثم نصمت!.
وبما أننا في عالم ومجتمعات عربية مليئة بالاجتهادات، والأحلام، وايضا المفاجآت، فمن الطبيعي جدا ألا نعرف اين بالفعل نحن نقف، والى أي مدى يمكن ان نتحرك، فلا استراتيجية واضحة المعالم، ولا خطط طويلة أو قصيرة الأمد، فكل منا يراوح مكانه، ليس أكثر، كما اسلفنا مجرد اجتهادات، تغلب عليها الصفة «المجردة» التي ليس لها من الحقوق او التشريعات، ان تتحدث عن «رؤى» أو رسائل أو أهداف!.
لقد أشبعت قضية المدرب الوطني بحثا، وايضا انتقادا، ومن بعدها مع كل نهاية للمشوار يظهر الانتقاص، فتارة نقول انه المنقذ، وتارة أخرى نعتقد أنه الوصي الشرعي على كل ما من شأنه أن يكون «وطنيا» وفي مرات نقول انه لا موقع له من الإعراب، ليس لأنه مدرب وطني وفقط، ولكن لأنه لم يقنع أو يثبت أنه مثلما هم غيره من أصحاب الخبرات الميدانية الطويلة والسنوات!.
في مجتمعاتنا الخليجية والعربية، تفتح ملفات المدرب الوطني في كل مرة نتابع فيها الاخفاقات، فالأصوات في مثل هذه المناسبات، تسارع الى التغزل، والتغني والاشادة، وعلى نفس الوقع والشدة والدرجة، تظهر الانتقادات أكثر حدة، عندما يكون نفس المدرب سببا في الاخفاق، وفي اشارة واضحة وملامح صريحة، اننا لا نعرف من الأساس ماذا نريد، وهل بالفعل هو مدرب المفاجآت، واللحظات غير المحسوبة، أم أنه مجرد شماعة، يزج به المسؤولون في الموقع واللحظة التي يحاولون من خلالها رمي الكرة في ملعب النقاد والجماهير، وتلك المجموعات، التي تقول ان المدرب الوطني، هو مدرب الانجازات!.
في الآونة الأخيرة وما قبل ما يقارب الأربع الى الثلاث سنوات، ظهرت الكرة الاماراتية وكأنها الواجهة والمدرسة والحدث، وبعد نجاح حققه المدرب الاماراتي مهدي علي، ان كان مع منتخبات الناشئين والشباب والأولمبي وأيضا الأول، فالغالبية يعتقدون ان النجاح الذي حققه المدرب الاماراتي، من السهل أن يتم استنساخه في أكثر من موقع ومساحة، وبعد الأخذ في الاعتبار، أن المهندس مهدي علي، يعد نموذجا لواجهة عربية وخليجية، يستحق أن يتم الوقوف معها، لكن والسؤال يطرح نفسه، لماذا فقط مهدي علي؟! ولماذا لم يظهر اي مدرب اماراتي آخر ناجحا بنفس القيمة والمستوى، ولماذا نجح مهدي علي مع نفس الجيل والأسماء من اللاعبين، ولم يوفق في الظهور بنفس القيمة مع أندية اماراتية أخرى، وهل كان مهدي علي نفسه سيطوف بنفس السيناريو من النجاح، لو أنه لم يوفق كما كان ظاهرا مع المنتخب الأولمبي الاماراتي، وقبل سحب نقاط العراق، ومن بعدها اعلان صعود الامارات الى أولمبياد لندن، خاصة ان تلك المرحلة كانت بمثابة الفاصلة في تاريخ المدرب الاماراتي، وان ما تعرض له من انتقادات وتجريح كان يمكن أن يلقي به بعيدا عن اي مسار للتدريب!.
حكايات وتفاصيل لابد وأن نعود لمتابعة فقراتها، ومن بعدها يمكن أن نقول إن المدرب الوطني لابد وأن تكون له قيمة وكاريزما، ورؤية وفكر احترافي، ومهدي علي قبل أن يصل الى ما وصل اليه، تلقى دعما غير محدود من القيادات الاماراتية، وتم تفريغه بأمر من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي، وقبلها حي بثقة ودعم رئيس الاتحاد الاماراتي السابق محمد بن خلفان الرميثي الذي اختار أحد اعوام رئاسته وخصصه عاما للمدرب المواطن.
ويجب أن نقول أيضا ان مهدي علي استفاد من مجموعة وجيل مميز من اللاعبين، وهو ما يراهن عليه في أكثر من بطولة ومناسبة، فالعلاقة التي يرتبط بها مع اللاعبين علاقة سنوات طويلة مضى عليها معهم في سن مبكرة، وهو ما يعني أن ما شارك في ان يكون مهدي علي بهذه القيمة والمستوى، هو تجمع لمجموعة من المقومات والايجابيات، وايضا شخصية مميزة من المدرب الاماراتي، يقف خلفها دعم كبير من كبار المسؤولين في الامارات.
لقد سعت العديد من المنتخبات العربية في تجسيد نفس الحالة التي مضى عليها المدرب الاماراتي، وسارعوا الى العمل على استنساخ النتيجة، لكنهم في نفس الوقت تجاهلوا التركيز على تفاصيل وايجابيات كثيرة استفاد منها مهدي علي، وحرم منها العديد من المدربين الوطنيين الاخرين، وبالتالي كان لزاما أن يحكم على تلك التجارب بالفشل، ويعود المدرب الوطني الى نفس النقطة من الجدل والنقاش، مدربا للطوارئ والمفاجآت.
 
المطلق: يحاربون الوطني ويطالبونه بالنجاح!
أبدى صالح المطلق نجم النصر السعودي سابقا والمدرب الوطني المعروف حزنه على حالات الضياع التي يعيشها المدرب الوطني والذي وصفه بالمحارب من عدة جهات فهو مطالب بالتأهيل والدراسة وتنمية القدرات والتحصيل العلمي ونيل الدرجات العلمية الرفيعة من خلال السمنارات التدريبية المختلفة على الصعيدين المحلي والخارجي ولكنه وبعد ان ينال التأهيل المطلوب ويصبح من المدربين الذين يحملون الشهادات العلمية التدريبية الرفيعة بجانب الخبرات الميدانية التي اكتسبها من داخل المستطيل الاخضر سواء ان كان ذلك من خلال مشاويره مع ناديه او منتخبات الوطن ولكنه ورغم كل تلك الجهود التي يبذلها المدرب الوطني تجده لا يأخذ حظه وفرصته مع الاندية والمنتخبات حيث يحتل دوما دور الكومبارس حيث دأبت الاندية السعودية على الاعتماد على المدرب الاجنبي لمجرد ان يقال بان النادي الفلاني يدربه مدرب اجنبي له اسمه ومكانته حتى لو كانت النتائج دون المستوى. 
 
حمد بوحمد: الواسطة لا تقف معه
الكويتي حمد بوحمد قال إن العلاقات الشخصية تدخل في معظم الأحيان في ظهور المدرب الوطني، فمن لديه واسطة هو المحظوظ حيث أن الأمر يكون مرتبطا أحيانا بانتخابات وجمعيات عمومية، وقال بوحمد إن تقييم المدرب يجب أن يكون عند تعرضه للموقف الأصعب وليس لمجرد فوزه على فرق ضعيفة أو حصوله على بطولات في متناول اليد، وتساءل: هل هناك اتحاد كرة قادر على تقييم مدرب واختيار من هو أنسب علما بأن من يتولون إدارات الاتحادات ليسوا بفنيين؟.
 
خليفة الزياني: مدربون بحرينيون على الورق فقط
المدرب البحريني الشهير خليفة الزياني قال: «صحيح أن المدرب الوطني حصل على فرصته في تدريب الأندية المحلية، وذلك بجدارته وكفاءته لكنني مازلت أراه مظلوماً في عمله ويحتاج إلى مزيد من الثقة والدعم من الجميع، فالنظرة إلى المدرب الوطني التي استشعرتها طيلة هذه السنوات وفي جميع الأندية المحلية أنه عندما تسند المهمة إلى المدرب الوطني فانه ترمى عليه الكثير من المسؤوليات والمهام سواء الإدارية أو الفنية ويضطر إلى التدخل لحل مشكلات اللاعبين واحتياجاتهم وذلك على عكس الحال عليه بالنسبة للمدرب غير البحريني الذي تسهل أمامه الأمور في عمله ويمنح الامتيازات والتسهيلات ويكون تركيزه على الجانب الفني فقط، فضلاً عن الفارق في الناحية المالية بين ما يحصل عليه المدرب الوطني والأجنبي على الرغم من عدم وجود فوارق في الكفاءة أو الشهادات التدريبية أو العمل».
وتابع الزياني «البحرين تتمتع بقاعدة تدريبية كبيرة وجيدة من الكفاءات الوطنية التي تجتهد في عملها والحصول على الدورات التدريبية التي ينظمها الاتحاد الآسيوي والدولي، والغريب أنني ألاحظ أن عدد المدربين البحرينيين الذين يحضرون هذه الدورات يصل عددهم إلى نحو 100 مدرب بمستويات مختلفة لكن لا أجدهم جميعهم يحصلون على فرص العمل والدعم من المسؤولين والأندية.
 
أبوزمع: مظلوم رغم إنجازاته
المدرب الوطني الاردني عبدالله ابوزمع قال إن المدرب الوطني يبقى مظلوما، مهما يحقق من انجازات، وشدد على ذلك بحصول العديد من المدربين على مجموعة من الانجازات، ومع ذلك لا تجدهم حاضرين مع المنتخبات الوطنية في بلدانهم، مما يعني ان المدرب الوطني هو مدرب للطوارئ لا أكثر وان النظرة تظل ضيقة بالنسبه له.
واشار ابوزمع الى ان فوز الوحدات بلقب الدوري وظهوره المميز في الموسم الذي قاده هو انتصار للمدرب الوطني، وتابع: لي الشرف ان اكون نموذجا للمدرب الوطني وان أساهم عبر ذلك الانجاز في تعزيز الثقة بقدراته، فالمدرب الوطني مظلوم وغالبا ما يكون كبش الفداء مع كل إخفاق، والحمد لله انني حظيت في نادي الوحدات بدعم لا محدود اداريا وجماهيريا ساندني في مشواري وشد من عزمي لمواصلة العمل.
 
شحاتة: لا يحصل على نصف دعم الأجنبي
يرى المدرب المصري القدير حسن شحاتة ان المدرب العربي قادر على الابداع والتميز متى ما حصل على الفرصة المناسبة، لكنه وللأسف لا يحصل حتى على نصف ما يحصل عليه المدرب الأجنبي الذي يتم دعمه من كافة الاطراف.
وقال: المدرب الأوروبي يعمل معه طاقم فني وإداري يذلل له كل العقبات ويقوم بكل شيء تقريباً ويتبقى الإشراف الفني فقط على هذا العمل من قبل المدير الفني الذي يجد كل شيء جاهزا دون أن يتحمل مسؤولية مستحقات لاعبين أو يشكو تأخرهم عن مواعيد التدريب أو لا يجد ملعباً للتدريب أو يدخل في صراعات مع الجماهير أو الإعلام.
وأضاف: باختصار المدرب الأجنبي يعمل بلا ضغوط تقريبا، وتتوقف النتائج على إمكانات اللاعبين أنفسهم، ولو عمل المدرب العربي في هذا المناخ لكان إنتاجه ضعف إنتاج المدرب الأجنبي، خصوصا في الأندية العربية.
 
السويح: الإعلام هو السبب
حمل المدرب التونسي عمار السويح الإعلام الرياضي العربي مسؤولية التقليل من شأن المدرب العربي مقابل تعظيمه لنظيره الأجنبي. 
وطالب السويح، بتغيير هذه الصورة المقيتة للمدرب العربي ومنحه الثقة بالإشراف على الأندية الكروية بنفس القدر الذي يتمتع به الأجنبي، وقال: لا بد أن يغير الإعلام الرياضي العربي نظرته تجاه مواطنيه من المدربين، فهو لا يمنحهم الثقة، ويركز على نقاط الضعف فيهم، وكأن (الخواجات) يملكون الوصفات العلاجية لإنقاذ الفرق بينما لا نملكها نحن. 
وأضاف: نحن التوانسة نحب العمل ومع هذا كثير منا يبقى مدرب طوارئ للأجنبي.
**
عدنان حمد: لا يمنحونه الثقة
قال المدرب العراقي المعروف عدنان حمد ان المشكلة التي يعاني منها المدرب الوطني هي الغياب الكبير للثقة وأن الأجنبي هو من يحصل على كل شيء.. وقال: اقول ان المدرب العربي مظلوم، مظلوم في البلاد العربية والسبب هو الثقة المطلقة بالمدربين الاجانب رغم ان غالبيتهم وليس جميعهم غير قادرين على تطوير او احداث تطوير كروي، وان المدرب العربي لو توافرت له ذات الثقة وذات الدعم والاهتمام الذي يمنح للاجانب لحقق في الغالب نتائج افضل.