لم يلتفت أحد أثناء إنتخابات الرئاسة التوافقية إلى إحتمالية تكون جانب سلبي وخطير مسبقا في شخصية هادي والمتعلق بإمكانية تحوله إلى نسخة طبق الأصل من سلفه صالح نتيجة طول المدة التي قضاها معه متقمصا منه الطبع والاسلوب والحيل .
فقد كان جديرا باليمنيين أن يجمعوا على التكهن بحدوث هذا التحول في شخصية هادي ومن ثم تحاشي إختياره بدلا من إجماعهم عليه توافقيا لأنه في حالة قمنا الآن بإستعادت بعض الأحداث من عهده كاشفين الغطاء عن إسلوبه المعتمد في إدارة البلاد نجدها نسخه طبق الأصل لما كان عليه صالح .
نذكر هنا بعضها موجزين فيها فما عرف بأحداث دماج ودفع الحوثيين لمواجهة قاعدة البيضاء وأبين ومواجهات الإصلاح مع الحوثيين في الجوف ومأرب والتظاهر بدفع قوات عسكرية لمواجهة القاعده في أبين وحضرموت ومثله لمواجهة الحوثيون في عمران وصنعاء وكذلك هجوم هادي على المؤسسة الإعلامية والمالية لحزب المؤتمر وبصماته الواضحة في إدخال صالح ونجله وعدد من القيادات الحوثية تحت بند العقوبات المشمول بقرار مجلس الأمن رقم 2216 وخلخلة قوى الحراك الجنوبي ..
رغم أن هذه الشواهد قد جرت في عهد هادي إلا أن من تابع هذه الأحداث بإهتمام كان يشعر أنه مازال في عهد صالح لشدت تطابقها مع طريقته التي تقمصها هادي منه ونفذها أثناء حكمه وهي بسيطة جدا تتمثل بخلقه صراعات مختلفة وإدارتها بين القوى السياسية الرئيسية وزرع خصومة فيما بينها بهدف إضعافها ليبقى في منأى منها وإلى هذه النقطة كان هادي ناجحا في محاكاة صالح يقلب أوراق اللعبة بمهارة كما كان يقلبها هو.
وهنا نصل إلى غلطة هادي الكبرى التي أدت إلى فقدانه جمهورية التوافق التي كان يحكمها وكاد يدفع حياته ثمنا لها ويمكن أن نستعرضها من خلال إستعادت آخر المشاهد في فترة هادي المتعلقة بالمواجهات التي وقعت في عمران وصنعاء بين قوات الحوثيين وحليفهم صالح من جهة وقوات الإصلاح وحليفاه العسكري والقبلي من جهة أخرى.
فقد تجاهل هادي إحدى قوانين اللعبه التي كان ينظمها صالح لإدارة البلاد من خلال خلقه الصراعات بين الأطراف السياسية لحفظ التوازنات فيما بينها فقد كان يفترض بهادي أن لا يسمح بتدمير طرف ما نهائيا مادام هناك أطراف أخرى مازالت أقوى منه على أرض الواقع وهو ما تعرض له الإصلاح وحلفاه العام 2014 م وعلى إثره إنسحبوا نهائيا من ميدان المواجهة محتفظين بما تبقى لهم من قوة بعد إكتشافهم ضخامة التكتل العسكري الذي تشكل ضدهم والذي كان يهدف إلى تدميرهم تماما مدعوما من هادي وبعض الأطراف الخارجية.
فعند هذه النقطة وقعت الكارثة عندما أخل هادي بموازين القوى ما دفع بالإصلاح للإنسحاب من المواجهة ونتيجة ذلك اصبح هادي ودولته الهشة هم الطرف الأضعف الموجود في الميدان كفريسة سهلة وضعيفة لقوات الحوثي وصالح التي تفوق قواته بكل المقاييس الأمر الذي أدى إلى تمكنهم من إحكام السيطرة الكاملة على العاصمة صنعاء بما في ذلك الرئاسة وصولا إلى منزله والإساءة إلى شخصه حينها فقط أدرك هادي أن صنعاء قد سقطت .