كنا نشعر منذ اللحظة الأولى لاستلام الرئيس(عبدربه) العلم من (صالح)بأنه (عهده) ،وأن(الخبرة)سيستردون السلطة ،ولن يتركوه يحكمهم ،وإن وقف خلفه العالم كله ،وحتى بعد أن انتخبوه رئيس شرعي للبلاد، ظلوا ينظرون له كرئيس أزمة ،وليس دولة!..
اجتاحت المسيرة القرآنية (صنعاء)،وأسقطت ثورة (الصرخة)،وثورة الربيع ،و(نخطوا)على رئيس جمهورية،ورمز سيادتها، ورئيس الحكومة ،وكل وزير،وكبير جنوبي ،وفرضوا عليهم الإقامة الجبرية ،و(طززوا) لوحدويتهم ،وشراكتهم ،وتنازلاتهم ،ولم تشفع لهم حتى مؤامراتهم على الجنوب ،ومن استطاع منهم أن ينفذ بجلده صر (بقشته)،وركب (بيجوت) إلى (عدن) بلا كلد ولاولد ،لا مرافقين ،وبرغم أننا كنا مختلفين معهم حتى العظم ،ولكن الجنوب كله شعر بالأسى والإهانة.
أفلت الرئيس(عبدربه) من قبضتهم ،واستقبلناه كقائد ،وليس كهارب، واستودعناه أحلامنا، ثم زحفت جحافل حوثتهم ،وحرسهم الجمهوري نحو(عدن) للقبض على شرعيته ،و(فحطوا) عند أول رصاصة ،و(عطفت)سلطة (عدن) فراشها قبل أن تسقط (كرش)،وجروا خلفهم عارهم ،ولعناتنا ،بعد أن تركوا صدورنا ،وظهورنا عارية.
فرضت علينا حرب ظالمة ،فتعتّقنا بنادقنا الشخصية،واشترينا الرصاص من زينة نسائنا ،وقوت أطفالنا ،وانتعلت أقدامنا (الكراتين)،وكتبنا وصيتنا على بعض ورقة،وأقسمنا بأنهم لن يمروا إلا بعد أن تمر جنازير مدرعاتهم على جثثنا ،وكل بيت في الجنوب دفع مهر النصر دم وألم.
ذقنا مرارة الدمار،والحصار،والنزوح،وكانت كروشهم تنتفخ من موائد (الكبسة)،وتتورد خدودهم في ترف(الرياض)،وحتى كريمات (…)،و(بامبرز)أطفالهم على حساب جلالة الملك(سلمان)،ونحن نبحث عن قطرة ماء ،وننزف دماءنا ،وحياتنا ،ونقبر شهداءنا في أحواش منازلنا ،ومدارسنا!..
عادوا يمتطون صهوة نصرنا ،وشرف مجدنا ،ولم نسألهم عن ذنبنا ،وما ارتكبوه في حقنا ،و(تكعفنا) شرعيتهم ولصوصها،عل ،وعسى يشعرون بالندم ،والحياء،ويتعلمون الدرس ،ويستوعبون التجربة القاسية،ويخرجونا من النفق المظلم.
اليوم الحرب قاب قوسين أو أدنى من نهايتها، والأكيد أنها ستضع أوزارها بصفقة سياسية ،وعودة(صنعاء) إلى محراب الشرعية باتت مسألة وقت..
كالعادة في الشمال سيجدون رأسا آخر يستبدلونه بـ (عفاش) ،ولن يضرهم إن أصبحت ميليشاتهم مكون سياسي ،وسيتعايشون مع واقعهم الجديد القديم ،ولن نستغرب أيضا إناحتضنوا(عبدربه)بعد أن دنبعوه،وخونوه،وكسروا خلفه ـ غير آسفين ـ كل بيضهم ،ومزاهرهم ،وذلك ليس حبا في سواد عيونه ،ولكن ليكون جسرهم إلى(بقرة) الجنوب.
لكن نحن الجنوبيين الذي وجدنا حالنا ركاب في قطار الشرعية ،ولا يعلم كثير منا محطته الأخيرة !..أين موقعنا في دهاليز التسوية القادمة ،هل نكون مجرد طرف تحت الطاولة ،أم قضية شعب ،ومصير وطن فوقها؟!..معركة تحرير واستقلال أم شعارات ،وكراسي!..
السؤال الذي بدأ ينخر في رؤوسنا ،ويطرح بقوة في الشارع الجنوبي اليوم هو..هل يعود فخامة (عبدربه) ،ومعالي (بحاح) ،والوزراء ،والمسئولين ،والمستشارين الجنوبيين حاملين شرعيتم، وأكاليل الغار إلى (صنعاء)؟!.. من الحكمة ألا نستبق الأمور ،وسننتظر، فالأيام القادمة حبلى بالأحداث المصيرية..
لكننا على ثقة بأن الجنوب يتسعنا جميعا ،وإذا قرروا أن يكونوا مع خيار شعبهم ،وقضيته ـ هذا عشمنا فيهم ،وظننا في جنوبيتهم ـ فإننا لن نتردد في حملهم على اأناقنا ،وسنرصع تاريخنا بشرف مواقفهم ،وسنخلد أسماءهم في مناهجنا ،وكتب أطفالنا ،وأما إذا أداروا ظهورهم لنا ،واختاروا دخول (صنعاء)على دخول تاريخ الجنوب من أوسع أبوابه،فهذا شأنهم ،ولا حرج إن تنحوا عن طريقنا ،ولكن آخر ما نتمناه أن يكونوا شوكة في خاصرة الجنوب ،وتضحيات شعبه ،فقد أردنا لهم العزة ،فهل يتمسكون بثوب الذل!؟..
الشعب الذي (ناطح) دولة (صالح) في عز مجدها ،وبطشها ،ودحر الاحتلال بسلاحه الشخصي ،وانتزع النصر،ودفع ثمنه آلاف الشهداء،والجرحى،لن يعجز عن فرض حريته واستقلاله رغم أنف الكبير.
لقد انتهى زمن الضحك من فوق السنون ،وفي الامتحان يكرم المرء أو يهان..إن الجنوب قادم بمشيئة الله ،وعدالته،ومن ثم إرادة شعبه ،ومن يحلق خارج السرب سنمضي بدونه..