- ﻋﺒﺪ ﺍﻹﻟﻪ ﺗﻘﻲ
ﺷﻬﺮ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻴﻤﻨﻴﻴﻦ ﻫﻮ ﺷﻬﺮ ﺍﻻﺣﺘﻔﺎﻻﺕ
ﻭﺍﻟﻔﺮﺣﺔ ﻭﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﻟﻠﻜﺒﺎﺭ ﻭﺍﻟﺼﻐﺎﺭ . ﻳﺘﺸﻜﻞ ﻫﻼﻝ ﺭﻣﻀﺎﻥ
ﺃﻳﻀﺎً ﻓﻲ ﺍﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺘﻮﻗﻒ، ﻟﻜﻦ
ﺍﺑﺘﺴﺎﻣﺘﻬﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺧﻔﺘﺖ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﺣﻴﻦ ﺃﺩﺭﻛﻮﺍ ﺃﻧﻪ ﻟﻢ
ﻳﻌﺪ ﺭﻣﻀﺎﻧﺎً ﺣﻘﻴﻘﻴﺎً، ﻓﻘﺪ ﺻﻨﻊ ﻟﻪ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﻓﻮﺍﻧﻴﺲ ﻣﻦ
ﻭﺭﻕ ﻛﺈﺑﺪﺍﻉ ﺟﺪﻳﺪ ﺍﺳﺘﻠﻬﻤﻮﻩ ﻣﻦ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﻭﺍﻗﻌﻬﻢ
ﺍﻟﻤﺆﻟﻤﺔ .
ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ، ﻛﺎﻥ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﻳﻌﺪﻭﻥ ﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺎﺕ " ﺍﻟﺘﻤﺎﺳﻲ "
ﺍﻟﻤﺸﺎﺑﻬﺔ " ﻟﻠﻘﺮﻗﻴﻌﺎﻥ" ﺍﻟﺨﻠﻴﺠﻴﺔ ﻓﻲ ﻟﻴﺎﻟﻲ ﺭﻣﻀﺎﻥ، ﻣﻦ
ﺃﺟﻞ ﻛﺴﺐ ﺍﻟﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻘﻮﺩ ﻣﻦ ﺟﻴﺮﺍﻧﻬﻢ، ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻟﻢ
ﻳﻌﻴﺸﻮﺍ ﻓﺮﺣﺘﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻡ . ﻟﻢ ﻳﺠﺪﻭﺍ ﺳﻮﻯ ﺷﻮﺍﺭﻉ
ﻣﺮﻋﺒﺔ ﺣﺎﻟﻜﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻈﻠﻤﺔ ﻭﺑﻴﻮﺕ ﻣﻬﺠﻮﺭﺓ ﻣﻦ ﺳﻜﺎﻧﻬﺎ
ﻣﻨﺬ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﺷﻬﺮ، ﻭﺷﻮﺍﺭﻉ ﻏﻴﺮ ﺁﻣﻨﺔ ﺑﺴﺒﺐ ﺟﺒﺎﻝ ﺍﻟﻘﻤﺎﻣﺔ
ﻭﺭﻭﺍﺋﺤﻬﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺰﻛﻢ ﺍﻷﻧﻮﻑ . ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ
ﺃﺑﺪﺍً ﻷﺩﺍﺋﻬﻢ ﺃﻧﺎﺷﻴﺪ " ﺍﻟﺘﻤﺎﺳﻲ" ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻔﺮﺡ ﺑﻘﺪﻭﻡ ﺷﻬﺮ
ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻭﺗﺘﻤﻨﻰ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻟﻠﺠﻴﺮﺍﻥ ﺣﻴﻦ ﻳﺪﻋﻮﻥ ﻟﻬﻢ : " ﻳﺎ
ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻳﺎ ﺑﻮ ﺍﻟﺤﻤﺎﺋﻢ ... ﺍﻋﻄﻲ ﻷﺑﻲ ﻗُﺮﻋﺔ ﺩﺭﺍﻫـﻢ .. ﻳﺎ
ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻳﺎ ﺑﻮ ﺍﻟﻤﺪﺍﻓﻊ .. ﺍﻋﻄﻲ ﻟﻨﺎ ﻣﺨﺰﻥ ﺑﻀﺎﺋﻊ ." ﻭﻓﻲ
ﺍﻷﺳﺒﻮﻉ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ ﻳﺤﺘﻔﻞ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﻣﻊ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺍﻟﺒﻌﺾ
ﻣﻌﻠﻘﻴﻦ ﻓﻮﺍﻧﻴﺴﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺻﺪﻭﺭﻫﻢ ﻭﻓﻲ ﺃﻳﺪﻳﻬﻢ، ﻣﺆﺩﻳﻦ
ﺃﻏﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻤﺎﺳﻲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺟﻤﺎﻋﻴﺎً : " ﻳﺎ ﻣﺴﺎ ﺟﻴﺖ ﺃﻣﺴﻲ
ﻋﻨﺪﻛﻢ ... ﻳﺎ ﻣﺴﺎ ﺃﺳﻌﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻤﺴﺎﺀ ."
ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻧﻄﻔﺎﺀ ﺍﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺀ، ﻟﻢ ﻳﺴﻤﺢ ﺍﻟﺤﺮ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﻭﻃﻮﻝ
ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ، ﻟﻠﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﺑﺎﻟﺘﻔﺎﺧﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺴﺎﺑﻖ ﻓﻲ
ﻋﺪﺩ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﻜﻨﻮﺍ ﻣﻦ ﺻﻴﺎﻣﻬﺎ ﻭﻗﻴﺎﺱ ﺍﻟﺴﻨﻮﺍﺕ
ﺍﻟﻤﺘﺒﻘﻴﺔ ﺣﺘﻰ ﻳﺼﻴﺮﻭﺍ ﻛﺒﺎﺭﺍً . ﻭﻳﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﻏﺼﺘﻬﻢ
ﺍﻟﺮﻣﻀﺎﻧﻴﺔ ﺣﺮﻣﺎﻧﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﻤﺘﺎﻉ ﺑﻤﺸﺎﻫﺪﺓ
ﻣﺴﻠﺴﻼﺗﻬﻢ ﺍﻟﺮﻣﻀﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻜﻮﻣﻴﺪﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻨﺘﻈﺮﻭﻧﻬﺎ
ﻭﻳﺘﺤﺪﺛﻮﻥ ﻋﻨﻬﺎ ﻗﺒﻞ ﺣﻠﻮﻝ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﺑﺄﺷﻬﺮ .
ﻟﻘﺪ ﺣﺎﻝ ﺍﻟﻈﻼﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﺎﺩ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﺪﻥ ﻭﺍﻟﻘﺮﻯ ﺍﻟﻴﻤﻨﻴﺔ
ﺩﻭﻥ ﺗﺤﻮﻳﻞ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺇﻟﻰ ﻧﻬﺎﺭ، ﻭﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﺒﻴﻮﺕ ﺗﺮﻯ
ﺍﻟﻈﻼﻡ ﻗﺪ ﺧﻨﻖ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻠﻞ ﻭﺷﺪﺓ ﺍﻟﺤﺮ، ﻭﻫﺎ ﻫﻢ
ﻳﻘﺎﺗﻠﻮﻥ ﺍﻟﺒﻌﻮﺽ ﻟﻴﺤﺎﻭﻟﻮﺍ ﺍﻟﻨﻮﻡ ﻣﺒﻜﺮﺍً ﺑﺴﻼﻡ ﻗﺒﻞ ﻭﻗﺖ
ﺍﻟﺴﺤﻮﺭ . ﺍﻟﺴﺤﻮﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﺠﺮﻩ ﻣﺪﻓﻊ ﺍﻹﻣﺴﺎﻙ
ﻭﺍﻟﻤﺴﺤﺮﺍﺗﻲ . ﻭﺗﻮﻟﻰ ﺍﻟﺪﻭﺭ ﺃﺯﻳﺰ ﺍﻟﻤﻘﺎﺗﻼﺕ ﻭﺗﺒﺎﺩﻝ
ﺍﻟﻘﺼﻒ ﺍﻟﻤﺴﻠﺢ .
ﻟﻢ ﻳﺬﻕ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﻓﻲ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻋﺘﺎﺩﻭﺍ ﻋﻠﻴﻪ
ﺳﻨﻮﻳﺎً، ﻓﻐﺪﺕ ﻟﻌﺒﺘﻬﻢ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﺷﻬﺮﺓ "ﻣﻐﺎﻣﺮﺍﺕ ﺟﻠﺐ
ﺍﻟﻤﺎﺀ" ﺑﺎﻟﺼﻔﺎﺋﺢ ﺍﻟﺒﻼﺳﺘﻴﻜﻴﺔ ﺍﻟﺜﻘﻴﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻵﺑﺎﺭ، ﺃﻭ ﻋﻨﺪ
ﺍﺯﺩﺣﺎﻣﺎﺕ ﺻﻬﺎﺭﻳﺞ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺘﺒﺮﻉ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻤﺤﺴﻨﻮﻥ .
ﺃﺑﻌﺪﺗﻬﻢ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﻋﻦ ﺟﺪﺭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺪﺭﺳﺔ، ﻟﺘﺮﺳﻠﻬﻢ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﺠﺒﺎﻝ ﺑﺤﺜﺎً ﻋﻦ ﺍﻟﺤﻄﺐ، ﺃﻭ ﻟﻼﻟﺘﺤﺎﻕ ﺑﺎﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ
ﺍﻟﻤﺴﻠﺤﺔ، ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺴﻮﻝ ﺧﻼﻝ ﺷﻬﺮ ﺍﻹﺣﺴﺎﻥ .
ﺃﻣﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻜﺒﺎﺭ، ﻓﺒﺪﺍ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻣﺨﺘﻠﻔﺎً ﺗﻤﺎﻣﺎً . ﻓﻐﺎﺏ
ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻱ ﺍﻟﻐﻨﻲ، ﻋﻦ ﻣﻮﺍﺋﺪ ﺍﻹﻓﻄﺎﺭ، ﺑﻤﺎ ﺃﻥ
ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺼﻌﺒﺔ ﺃﺟﺒﺮﺕ ﺃﻏﻠﺐ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﻓﻴﺮ
ﻣﺎ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻣﻦ ﻣﺎﻝ ﻹﻧﻔﺎﻗﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻮﺍﺩ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻭﻏﺎﺯ
ﺍﻟﻄﻬﻲ ﺍﻟﻠﺬﻳﻦ ﺗﻀﺎﻋﻔﺖ ﺃﺳﻌﺎﺭﻫﻤﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﺟﻨﻮﻧﻲ . ﻓﻠﻢ
ﻧﻌﺪ ﻧﺮﻯ ﺍﻷﺳﺮ ﺗﺘﺴﻮّﻕ ﻭﺗﺸﺘﺮﻱ ﻣﺘﻄﻠﺒﺎﺕ ﺍﻷﻃﺒﺎﻕ
ﺍﻟﺮﻣﻀﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﻬﻮﺩﺓ .
ﻟﻜﻦ ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻦ ﻛﺴﺐ ﺃﺟﺮ ﺇﻓﻄﺎﺭ
ﺍﻟﺼﺎﺋﻢ، ﻓﺘﺮﻯ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻳﺨﺮﺟﻮﻥ ﺍﻟﺘﻤﺮ ﻭﺍﻟﻘﻬﻮﺓ ﻭﻣﻌﺠﻮﻥ
ﺍﻟﻄﻤﺎﻃﻢ ﺍﻟﻤﺴﺤﻮﻗﺔ ﺑﻤﺨﺘﻠﻒ ﺍﻟﺒﻬﺎﺭﺍﺕ ﻭﻳﻔﺘﺮﺷﻮﻥ
ﺟﻮﺍﻧﺐ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ، ﻭﻳﺪﻋﻮﻥ ﺍﻟﻤﺎﺭﺓ ﺑﺈﻟﺤﺎﺡ ﻟﻤﺸﺎﺭﻛﺘﻬﻢ
ﺍﻟﻔﻄﻮﺭ . ﻭﻳﻼﺣﻆ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﺳﻌﺎﺩﺓ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﺑﺎﻟﺘﺰﺍﺣﻢ ﻓﻲ
ﺣﻠﻘﺎﺕ ﺍﻹﻓﻄﺎﺭ ﻣﺜﻠﻬﻢ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻜﺒﺎﺭ، ﻭﺷﻌﻮﺭﻫﻢ ﺑﻜﻤﺎﻝ
ﺗﺬﻭﻕ ﺍﻹﻓﻄﺎﺭ ﻣﻊ ﺃﺟﻮﺍﺀ ﺍﻻﺑﺘﻬﺎﻻﺕ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻄﺔ ﺑﺤﻮﺍﺭﺍﺕ
ﺍﻟﺪﻑﺀ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻓﺔ ﺑﻌﻔﻮﻳﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻤﻦ .
/ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ