النساء المرابطات في المسجد الأقصى.. وقصة عشق من نوع آخر

Monday 30 November -1 12:00 am
النساء المرابطات في المسجد الأقصى.. وقصة عشق من نوع آخر
----------
خمسة أيام من الحصار عاشها المسجد الأقصى المبارك ومحيطه الخارجي من الاحد الى الخميس، أفرط خلالها الاحتلال الإسرائيلي في استعمال القوة والقمع بحق المصلين والمرابطين فيه، الذين تصدوا بصدورهم العارية لاقتحامات المستوطنين الجماعية للمسجد الأقصى، تزامنا مع بدء موسم الأعياد اليهودية، التي كان عيد رأس السنة العبرية في مقدمتها.ففي صبيحة يوم الأحد يقول احمد عبدالعزيز الرازم )٦٩ عاماً( احد المرابطين في المسجد الاقصى لـ)اليوم (: "كان المسجد المبارك على موعد مع هجوم إسرائيلي مباغت من باب المغاربة، شاركت فيه المئات من القوات الإسرائيلية ومن مختلف الوحدات العسكرية )الشرطة، القوات الخاصة، القناصة، المخابرات، المستعربين(، الذين انتشروا في ساحاته وأخذوا يُمطرون كل من تواجد فيها بوابل من قنابل الغاز والصوت والرصاص المطاطي، فضلاعن الضرب بالهراوات دون التفرقة بين صغير وكبير وكهل وامرأة، ما أوقع عشرات الإصابات المختلفة في صفوفهم". الرازم يصف الهجوم بأنه يذكره باحتلال القدس عام 1967 حيث كان فتى، إذ صوت المدافع وازيز الرصاص كان يخيم على المدينه التي تصاعد الدخان فيكافة ارجائها.واضاف: "قوات الاحتلال لم تكتفِ باجتياح اروقة المسجد الأقصى بل انتشرت قوات مقنعه خاصة ووحدة المستعربين تساندها وحدة القناصة فوق المدرسة الشرعية والمدرسة التنكزية التي حولها الجيش الإسرائيليالى مقر لحرس الحدود على مدخل باب السلسلة، واقتحموا بصورة سريعة حرم الاقصى الجامع القبلي، ومحاصرة المصلين والمعتكفين بداخله".وتابع يقول: "ثم اعتلت وحدة القناصة سطح المسجد القبلي وأحاطت بالقبة الرصاصية، وقامت بتهديد الشبان المحاصرين في المسجد بإطلاق الرصاص المطاطي باتجاههم في حال تركوا أماكنهم، وتسببت بحريق داخل المسجد القبليمن الجهة الجنوبية. اقتحام قوات الاحتلال لم يكن عابرا بالنسبة للمصلين والمعتكفين في المسجد الأقصى، الذين تصدوا له بالتكبير والهتاف للمسجد السليب، وما طالته أيديهم". واكد المرابط الرازم ان الاقتحام كان للسماح باقتحام مجموعات كبيرة منهم وصل عددها الى 163 عنصرا من المخابرات والجيش والمستوطنين وكبار قادة الليكود و"البيت اليهودي الشريك بالحكومة " - في الفترتين الصباحية وبعد الظهر - تحت حراسة أمنية مشددة، وقام المستوطنون ببثها لأول مرة عبر الهواء مباشرة، فيما أظهرت المشاهد التي تم بثّها مدى الأريحية التي حظي بها المستوطنون، والعبارات التي تلفّظوابها ودعوا خلالها لبناء الهيكل المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى المبارك.الباحث والمتخصص في شؤون القدس الدكتور جمال عمرو قال لـ)اليوم(: "هي الخطة المرحلية التي سبق وتحدثنا عنها عبر جريدتكم)اليوم( قبل اكثر من سنة، الشروع بالاقتحامات ليعتاد المقدسيون والعرب والمسلمون على اقتحامات للاقصى بشكل يومي ثم تحديد ساعات لليهود، لا يشاركهم فيها المسلمون، ثم تحديد مناطق لليهود لا يشاركهم فيها المسلمون، وفي مرحلة متقدمة، ايام خاصة يمنع فيها العرب، من دخول الاقصى، وايام يمنع فيها اليهود من دخول الاقصى، على ان تصل الخطة مداها ومنتهاها بإقامة الهيكل الثالثالمزعوم مكان قبة الصخرة المشرفة".واضاف عمرو يقول: "الاقتحامات للاقصى جزء من مخطط طويل، أوريأريئيل واعضاء في الليكود يدركون ما يعملون عليه فقد هيأت قوات الاحتلال لاقتحامات المستوطنين مسارات آمنة، بعد أن تم تفريغ باحات المسجد الأقصى من المصلينوطردهم بالقوة خارج الأبواب. وفي دليل واضح على تبني الحكومة الإسرائيلية نهج الاقتحامات في المسجد الأقصى، برز من بين المقتحمين أوري أريئيل وزير الزراعة في حكومة نتنياهو، ثم رئيس البلدية الصهيوني المتطرف تبعه قادة الجيش والمخابرات". وعلى الرغممن أجواء الحرب التي فرضتها قوات الاحتلال، الا أن جذوة الثبات لدى عشاق الأقصى لم تخمد، الذين واصلوا تحديهم وصمودهم في وجه ترسانته العسكرية، وتحمّلوا حرارة الشمس العالية حتى دخلوا المسجد الأقصى بالتكبير، وتصدوا للمستوطنين والسياسيين والحاخامات اليهود.ومن جهته، دعا الشيخ عكرمة صبري، رئيس الهيئة الاسلامية العليا في القدس، الزعماء والحكومات العربية الى اتخاذ مواقف حازمة وقوية بشأن جرائم الاحتلال في المسجد الأقصى المبارك. وطالب صبري، بحراك سياسي دبلوماسي تجاري واقتصادي، يردع الاحتلال عن بطشهوعنجهيته تجاه المسجد الأقصى والمرابطين فيه، لافتا الى أنه "لو كانت المواقف العربية التي صدرت إزاء جرائم الاحتلال بحق الاقصى، قوية وجادة، لكانت كفيلة بردعه عمايفعله، لكنها كانت خجولة وهزيلة وضعيفة".وقالت ابرز وانشط المرابطات في المسجد الاقصى المبارك سناء الرجبيلـ)اليوم(: لن اعود الى بيتي وهم يقتحمون المسجد الاقصى.لا تهدأ ولا تكل ولا تمل عن الرباطأمام باب السلسلة رغم إبعادها التاسع عن المسجد الأقصى، وبعد مضي أكثر من نصف سنة على إبعادها تأتي من الصباح الباكر لترابط أمامه، لتثبت للمحتل أنه لوأبعد جسدها عن الأقصى لم يستطع أن يبعد روحها عنه، وأوضحت:"تحت ذريعة التكبير في وجه المستوطنين والتصدي لهم، وعمل فرقة لتنظيم مظاهرات أمام المستوطنين داخل المسجد الاقصى. اعتقلت وأبعدت عدة مرات عن الأقصى، حيث كان أول اعتقال وإبعاد في نهاية عام 2014 لمدة خمسة وأربعين يوماً".وتضيف الرجبي: "اعتقالاتي تكررت، فما أن ينتهي ابعادي الأول حتى أدخل في اليوم التالي لتعود شرطة الاحتلال باعتقالي وتقرر إبعادي مرة أخرى ولم أمض في الأقصى سوى سويعات قليلة".مضيفة: "ما يقارب العام لم أدخل الاقصى سوى عشر مرات، ومن لحظة دخولي أبكي شوقاً للصلاة في الأقصى واقضي هذه الساعات أصلي وأدعو الله حتى لا يُعاد اعتقالي".وبحسرة في القلب تقول الرجبي:"أكثر ما يشتاق إليه المُبعد عن الأقصىويحرم من الصلاة في شهر رمضان ويحرم فرحة عيد الفطر، وها نحن على ابواب عيد الاضحى". وتتابع:"مضى رمضان وعيد الفطر دون أن أرى ساحات الاقصى مليئة بالناس وأستمتع بأجوائه الرمضانية وبفرحةالعيد، ومضى مخيم الأقصى مسؤوليتيوالذي كنت أشارك فيه كمرشدة لأطفال الاقصى". معقبة: "حرموني منكل شيء حتى حرمت من إكمال دراستي في احكام التلاوة والتجويد وإتقان قراءة القرآن، وها هو عيد الاضحي الاسبوع المقبل وامر ابعادي ما زال قائما".وما أصعب أن تلمح مآذنه وتشاهد مصلياته وتعيش بجواره دون أن تراه، تقول الرجبي: "أعيش بجوار الأقصى بالبلدة القديمة وأشاهده من نافذة منزلي وأسمع أذانه دون أن اقترب منه "وكلما قترب ابعدني الجنودومنعوني من الدخول".وبكل عزيمة وقوة تقول الرجبي: "هذا إبعادي الحادي عشر ورابطت فيه على الأبواب وسأظل طيلة حياتي أرابط في الأقصى وساحاته وعلى أبوابه". مضيفة: "المحتل أبعد أجسادنا عن الأقصى ولكنه لم يستطع أن يبعد أرواحنا عنه، فأنا متيمة في عشقه وقلبي معلق به".اما ابو حمزة محمود عليان احد المرابطين المعروفين، فيقول من تحت ظل الشجرة الصنوبر وبالقرب من الكأس حيث يجلس يومياً ذي الثانية والسبعين من عمره يرتل آيات من القرآن الكريم بصحبة أقرانه من المرابطين، بلباسه التراثي العربي، فعلى رأسه يلبس الكوفية الفلسطينيةالحمراء وعباءة سكنية اللون: "منذ اثني عشر عاماً في ساحات ومصليات المسجد الأقصى، بعد أن كبرت في العمر وأحلت للتقاعد من وظيفتي أصبحت من ذلك اليوم مرابطا وبشكل يومي في ساحات ومصليات المسجد الأقصى، حيث أستيقظ عند الساعة الرابعة صباحاً أصلي قيام الليل ومن ثم أخرج لصلاة الفجر في الأقصى وبعد الصلاة أبدأ بتلاوة آيات من القرآن الكريم". ويقول الحاج إبراهيم عليان:"أبقى أتلو آيات من القرآن حتى يتجمعالمرابطون ومن ثم أجلس في مصاطب العلم المنتشرة في ساحات الأقصى أتعلم فيها ترتيل آيات القرآن الكريم وفق أحكام التلاوة والتجويد، ومن ثم أصلي صلاة الضحى منتظرا بعد ذلك صلاة الظهر، وخلال ذلك يقتحم المستوطنون ساحات الاقصى حتى أبدأ بالتكبير والتهليل رافضاً اقتحامهمللأقصى وساحاته".ويتابع الحاج أبو حمزة :"عند دخولي إلى المسجد الاقصى تعود إلي الروح وكأنها سلبت مني خارجه، فالأقصى حياتي ومنذ تقاعدي لم أترك مقعدي هنا تحت ظل شجرة الصنوبر، وأعمل يوميا على المجيء والحضور إليه وباستمرار وحسب طاقتي بكل الصلوات حتى لا يهجر"."نموت أحسن"، هذا ما قاله الحاج عليان عند سؤالنا عن ماذا لو فقدنا المسجد الاقصى.وعند رؤيته لمجموعات المستوطنين تقتحم ساحات الأقصى يقول الحاج إبراهيم: "وكأن سكينا يطعن في ظهري، وبالأخص عند مشيهم حافي الأقدام لأنه يعتبره مكانا خاصا له ولايريد تدنيسه، بالإضافة إلى ادعائهمالكاذب والمستمر وخاصة المرشدين السياحيين الذين يقدمون الرواية الكاذبة للمجموعات السياحية والتي يدعون فيها أن المسلمين قاموا بسرقة المسجد الاقصى من اليهود".ويتابع: "المستوطنون يتعرضون للمرابطين بالاستفزاز والمضايقات المستمرة، فاقتحامهم يومياً لساحات المسجد الأقصى ومشيهم الحافي يضايق مشاعر المسلمين، كمايحاولون أداء صلواتهم التلمودية أمام قبة الصخرة، وتصوير المرابطاتوالمرابطين وشرب المياه من أسبلة الأقصى والاعتداءات على حراس المسجد والمبعدين عند الأبواب".وكغيره من المرابطين في الاقصى يتعرض الحاج لمضايقات وتهديدات من شرطة الاحتلال بالاعتقال والابعاد.وختم بالقول: لا اعلم ماذا ينتظر العرب والمسلمون؟ هدم الاقصى؟؟؟؟.سناء الرجبي أبرز المرابطات والمبعدة عن الأقصى ١١ مرة