هيثم طاهر... عودة رجل الظلّ

Monday 30 November -1 12:00 am
هيثم طاهر... عودة رجل الظلّ
----------
 عبدالخالق الحود :
طوى اللواء هيثم قاسم طاهر أكثر من 20 عاماً من عمره مقيماً في أبوظبي، عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة، بعيداً عن أي نشاط سياسي. ومع اشتداد وتيرة الحراك الجنوبي، وتصاعد الإحتجاجات في الجنوب، استدعى الرئيس اليمني السابق، علي عبد الله صالح، هيثم قاسم إلى صنعاء، بغرض تمكين شخصيات جنوبية من لعب أدوار سياسية، كان يعتقد لأنه عبرها يمكنه أن يحتوي الحراك أو على أقل تقدير تهدئته. هيثم قاسم البعيد عن الأضواء، قليل الحديث، عاد حينها من صنعاء إلى عدن عام 2010م فجأة، في خطوة عدها كثيرون إشارة إلى عدم الإتفاق بين الرجلين.
عزوف الرجل عن تأييده للحراك الجنوبي أو المشاركة في فعالياته علناً في الوقت نفسه حير كثيراً من الجنوبيين، غير أن موقف اللواء علي قاسم طالب، قائد القوى البحرية في الجيش الجنوبي، وهو رفيق هيثم في دولة الإمارات العربية المتحدة لسنوات طويلة، وتأييده لسياسة علي عبد الله صالح، وتوليه لعدة مناصب، قرأه مراقبون جنوبيون حينها اختراقاً من قبل علي عبد الله صالح لمنظومة قادة الجنوب المقيمين في الإمارات، إلا أن هذا الأمر لا تدعمه الكثير من الأدلة والشواهد، خاصة وأن اللواء هيثم ظلّ "صندوقاً أسود" حتى اليوم. بعدها حمل الرجل نفسه وعاد الى أبوظبي دون إبداء أي مواقف سياسية. 
"هل تريدون مني خلق نموذج لسنحان في الجنوب؟"، عبارة أثير حولها الكثير من الجدل، وقيل إن وزير الدفاع في حرب عام 94م، هيثم قاسم طاهر، رد بها على مشايخ وقبائل يافع التي طالبته آنذاك بتسليحها بالأسلحة الثقيلة لمواجهة القوات الشمالية. ما يعزز تلك المقولة، بحسب البعض، أن رجال الدولة في "جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية"، وهي الدولة التي كانت قائمة ككيان مستقل حتى العام 1990م، تأثروا كثيراً بالفكر القومي والمد الناصري، وطغى لديهم الزخم العروبي في مرحلة تحوّل دراماتيكية شديدة الحساسية؛ فالاتحاد السوفييتي يومها كان في طريقه إلى تغيير جذري، وبدلاً من أن يعي "الرفاق" حجم وخطورة الموقف، ساقهم الحماس القومي إلى الدخول في وحدة اندماجية غير مدروسة مع الشمال، سرعان ما تهاوت قواعدها بعد مرور 4 سنوات فقط من توقيعها.
ولا يُذكر وزير الدفاع اليمني في أول حكومة ائتلاف بعد الوحدة، اللواء هيثم قاسم طاهر، مقترناً اسمه إلا بنتائج تلك الحرب التي انتهت بهزيمة الجنوبيين، وتمكن قوات صالح من اجتياح مدن وبلدات الجنوب، وخروج القيادة الجنوبية إلى بلدان الخليج المجاورة. قد يتفاجأ كثيرون، في هذا السياق، إذا عرفوا أن الإهتمام الإماراتي بالجنوب لم يكن حديثاً أو ناشئاً أو مرتبطاً بدخول الإمارات كطرف فاعل ورئيس ضمن دول "التحالف العربي" بقيادة السعودية، والذي يخوض حرباً لا زالت فصولها مفتوحة على كل الإحتمالات في اليمن. فقد أرسلت الإمارات عام 2012م شخصيات جنوبية مؤثرة تربطها علاقات وثيقة بقيادات إماراتية رفيعة إلى عدن، في محاولة لتجميع قوى الحراك الجنوبي في مؤتمر جنوبي جامع كان مقرراً أن تستضيفه الإمارات بقوام 10 ألف مشارك من أبناء الجنوب، وهؤلاء كان من المقرر أن يختاروا قيادة جنوبية موحدة تُناط بها بعد ذلك مسؤولية الحديث باسم الجنوب على المستويين الداخلي والخارجي، إلا أن التطورات الدراماتيكية التي شهدها اليمن بعد ذلك وصولاً إلى حرب 2015، حالت دون إنجاز هذا المشروع السياسي. والسؤال لماذا لم يُكلّف هيثم قاسم بهذه المهمّة؟
بعد تحرير مدينة المكلا نهاية مارس 2016، بدأ اسم اللواء هيثم قاسم طاهر بالظهور، حيث أنيطت به مهمّة قيادة قوات المقاومة الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي في حضرموت، وبعد شهور قليلة أوكلت إليه الإمارات مهام قيادة القوات المتمركزة في قاعدة العند، والاشراف على المعارك في جبهات باب المندب وذوباب وكرش.
يحجم الرجل عن الإفصاح عن مواقفه السياسية دوماً، ويرفض الحديث لوسائل الإعلام، وعلاقاته محصورة على أضيق نطاق. قد تبدو هذه السمات محمودة للقيادات العسكرية في حال الحرب تحديداً، غير أنها قد تخلق ضرراً فادحاً إذا ما سارت الرياح بعيداً عن مبتغى الربان وأهدافه.