بين تلاعب المنظمات الاغاثية وظروف البلاد القاسية

"عمر علي" قصة معاناة تختزل واقع المئات من الاسر المتضررة من الحرب

Sunday 29 September 2019 7:46 pm
"عمر علي" قصة معاناة تختزل  واقع المئات من الاسر المتضررة من الحرب
----------
عدن | عادل حمران 
حين تستوطن المعاناة منزل متقاعد كسيح 
شظف العيش ووطأة الحاجة  لم تمنع أسرة  " عمر علي "  من اغلاق بابها عليها ترفعاً ؛على الرغم من أنها تبات طاوية بطونها طوال ساعات اليوم الإ من كسرات خبز تسد الرمق وتحافظ على التوازن مصحوبات برشفات ماء هو كل ما توفّر ، وعائلة عمر ليست استثناء في بلد تعصف به الحرب منذ 5 سنوات عجاف ؛ بل هي أنموذجا لمئات وربما آلاف الأسر اليمنية التي أصبحت  ترزح بثبات تحت درك الفقر وما دونه بدرجات ودرجات . 
معاناة مضاعفة : 
وبدأت نكبة عمر يوم أن تعرض قبل 6 سنوات  لحادث سير أقعده عن العمل واصبح بسببه طريح الفراش لا يستطيع الحركة الا بصعوبة تامة ؛عجز معها عن مواصلة عمله في إدارة الكهرباء . إعاقة عمر امتدت الى عائلته التي كانت تعتمد عليه كليّا فزوجته المريضة لا يمكنها هي الأخرى العمل وترك ابنتها مبتورة القدمين بفعل إصابة لحقت بها في حرب صيف 94 عندما اجتاحت القوات اليمنية أرض الجنوب ؛ وزيادة فوق ذلك عادت ابنة عمر الكبرى الى منزل والدها قبل عامين تحمل لقب مطلّقة وتحت حجرها 3 أطفال أكبرهم في ال6 من العمر .
ما سقناه سابقا ليس سيناريو لفلم سيعرض قريبا على شاشة بوليود بل هي قصّة حقيقية لأسرة تسكن وسط مدينة المنصورة في العاصمة عدن ؛وهذا ليس كل شيء فهناك المزيد من الألم المضاعف تطويه جدران  منزل المقعد عمر ؛ فحفيدته الكبرى ندى 6 سنوات مصابة هي الأخرى بمرض خطير يمنعها عن تناول الطعام؛ وإذا فثلاثية الفقر والمرض والإعاقة متلازمة الحياة اليومية لهذه الأسرة التي تقتات على ما تجود به أيادي الجيران وبعض من إعانات تقدمها منظمات إغاثية لكنها لا تكفي لسد جوع الاسرة ولو ساعات قليل ، أمّا الدواء فهو صعب المنال فالسيولة في يد عمر من معاشه التقاعدي الزهيد تذهب في شراء أساسيات القوت الضروري لسد جوع 7 أشخاص هم اليوم عائلة عمر التعيس كما يطلق على نفسه وزفرات متتالية تمنعه عن البكاء حتى وهو يعترف بأنه لا يستطيع سؤال الناس حاجة ، وإن لفض جميع أفراد أسرته أنفاسهم أمامه اهون بكثير من مد يده لإعالتهم.
اعتداد حتى الموت :
زيارتنا لمنزل عمر المكون من غرفتين وحمام ومطبخ تناثرت اوانيه على الممر الضيق الواصل بين غرفة النوم التي تحشر فيها الأسرة كلها للنوم  والحمام  اغضبت رب الأسرة الذي تفاجأ بوجودنا وسط المنزل دون علمه وحينها تمازجت على وجهه مشاعر الحسرة  والحزن والضيق والحياء وحاول أن يتمتم بكلمات تعبر عن كل ذلك لكنها اختنقت جميعها في حنجرته ولم يبدها واستحالت عبرة حاول جاهدا اخفائها مرت دقائق اعتقدت انه ربما وبما عرف عنه من خلق رفيع سيرحب بنا لكنه لم يفعل .
شعرت حينها بالذنب لاقتحامنا منزل هذا الرجل على الرغم من نبل المقصد وسلامة النية ؛ وتنسيقنا المسبق مع جارته وابنته الكبرى اللتان سعتا لمساعدته مع علمهما بأنه لو تم اخباره بالأمر لرفضه دون تفكير ؛ فهو- و الحديث لجارته – كثير الاعتداد بكرامته حد الضيق – بوصفها - ويعتبر أن مجرد الحديث عن معاناته وأسرته يعني ببساطة التشهير والانتقاص من قدره أمام أصحابه ومعارفه .
لم يوجه إلينا الرجل  أي حديث واكتفى بتبادل صامت للنضرات الغاضبة مع ابنته وأخرى رافضة غاضبة ضل يوزعها بيننا وجارته .
عندها همست منسقة الزيارة في أذني قائلة اعتقد بأن رحيلنا هو افضل خيار الآن ولا تحاول ابدا ومن معك مجرد التفكير في التقاط صور أو الحصول على تصريح من عمر و الإ فسوف يزعل و يشمت بناء جميعا .
*احتيال و تلاعب
الاستاذ عبدالقوي المفلحي رئيس مركز عدن للأعمال الإنسانية  اكد بأن " منظمة الغذاء العالمي و عدد من المنظمات العاملة في مجال الاغاثة الانسانية تعتمد على السلطة المحلية حيث يتم اختيار لجنة مكونة من عشرة أشخاص لكل مديرية ثم يتم تقسيم المديرية إلى مراكز و المراكز الى مربعات ويتم اختيار لجان فرعية لكل مربع حتى يتم حصر جميع الحالات لكنه في الوقت ذاته لا ينفي  حدوث تلاعب من قبل  اللجان أنفسهم لأنهم لا يجدون مقابل جهودهم فالبعض يحتال على حساب الأسر الفقيرة واخرين يختارون أسر بشكل عشوائي ولا يكلفون أنفسهم تعب النزول بسبب شحة الإمكانيات  ".
وأضاف المفلحي " لا تنسى بان البلد لا تزال في حرب وان الأسر الفقيرة من النازحين و المرضى يدخلون عدن بشكل يومي وهذا يجعل اللجان العاملة امام مشاكل كثيرة حيث تتحول الكثير من المساعدات الخاصة بالأسر الفقيرة للاشد فقرا الذين يفترشون الارض و يلتحفون السماء في معظم مديريات و شوارع عدن من المحافظات اليمنية الاخرى وحتى من دول شقيقة مثل الصومال و غيرها "٠
 
وسرد المدير " نحاول جاهدين الوصول الى الأسر الفقيرة و خصوصا الارامل التي تعيل عدد من الأطفال ، والمرضى وخصوصا اصحاب الأمراض المزمنة و النازحين الذين لا يجدون أكل ولا شرب ولا مسكّن يقيهم حرارة الصيف و برد الشتاء ، لكننا نجد صعوبات كثيرة خلال اعمالنا بسبب قلة المواد وكثرة الفقراء ورفض بعض الأسر العفيفة التعامل معنا خجلا من الواقع الذي فرض عليهم لكننا نحاول مساعدة الناس قدر الاستطاعة فحال الكثير من الأسر محزن للغاية والبعض ياكلون في اليوم وجبة إلى وجبتين  فقط "٠
 
واسترسل عبدالقوي " الاغاثة ليست حلا وخصوصا وأنها تكلف ملايين الدولارات ولا تفي بالغرض وخصوصا بان المنظمة هي من تقرر المواد وليست الأسر المستفيدة فمثلا منظمة الغذاء العالمي توزع الدقيق الأحمر و العدس و الناس في عدن يفضلون الدقيق الأبيض و الأرز او غيرها يجب على الحكومة الشرعية صناعة حلول لكي تستطيع هذه الأسر إعالة نفسها نملك صحاري واسعة واراضي خصبة يجب علينا التفكير في ادخال مصانع لتشغيل العاطلين عن العمل من الأسر الفقيرة و إنعاش الاقتصاد المحلي .
 
وإلى ان يتغير الحال وتضع الحرب اوزارها ، تبقى المئات من الاسر المتضررة ، تتكبد ويلات الصراع  من جهة، وتلاعب المنظمات الداعمة بما تنفقه من اغاثات متقطعة ، لا  تصل لمن يستحقها ، وفي احيان كثيرة ، يتم المتاجرة بها من قبل بعض الجهات المشرفة ، وهي بذلك تدفع بمئات الاسر إلى الهاوية بلا رحمة ، الأمم المتحدة التي اطلقت نداء للمجتمع الدولي طالبته بسرعة التحرك لإنقاذ أكثر من 13 مليون نسمة في اليمن يحتاجون للتدخل والمساعدة المباشرة قالت بأنها أضحت عاجزة عن سد الاحتياجات الأساسية للسكان مع صعوبة الأوضاع على الأرض واتساع رقعة الفقر بصورة مطردة .