مديرية بعـــــــــــــــــــدان !

ديناميكية البطولات الرياضية في الريف اليمني تٌجسد أرقى نموذج لكرة القدم

Saturday 19 March 2022 6:21 pm
  ديناميكية البطولات الرياضية في الريف اليمني تٌجسد أرقى نموذج لكرة القدم
يمني سبورت:
----------

كتب / مفيد على عبدة صالح

لا يختلف اثنان حول مدى شغف أبناء محافظة إب عامة ومديرية بعدان خاصة لعالم المستديرة والمستطيل الأخضر، حتى أطلق عليها من قبل الاعلام الرياضي اليمني والمهتمين بالشأن الرياضي اليمني بـــ " نابولى اليمن" نتيجة لعشق أبنائها للرياضة بمختلف الوانها لاسيما كره القدم معشوقه الملايين حول العالم. ومؤخراً توج اهم نادي فيها "شعب إب" بلقب أكثر الأندية شعبية في اليمن وفقاً لاستفتاء الاتحاد الاسيوي لكرة القدم في أغسطس من العام 2020م. 

 

والملفت للنظر ان هذه المحافظة التي يمثل الريف الجزء الأكبر منها لم تَكّل ولم تَمّل من ممارسة الأنشطة وتنظيم البطولات والكرنفالات الرياضية رغم الوضع المأساوي الذي يعيشه أبناء اليمن اليوم طال حتى المنشئات الرياضية وتسبب في أزمات مالية خانقة تعطلت على إثرها جميع الأنشطة الرياضية بشكل شبة كلي في البلد. وتأتي مديرية بعدان الريفية كأحد أبرز مديريات المحافظة من حيث إقامة البطولات الرياضية في السنوات الأربع الأخيرة وأكثر مديرية ريفية على مستوى الجمهورية اليمنية تحظى فيها الأنشطة الرياضة بفاعلية واهتمام منقطع النظير، ولا غرابة في ذلك فالك ان تتخيل ان مديرية بعدان تحتضن اول نادي ريفي يتأهل الى دوري الدرجة الاولى "الممتاز" على مستوى الوطن العربي " نادي تعاون بعدان".

 

 لم يكترث أبناء المديرية لظروف القوة القاهرة والأزمات التي أدت الى وضع اقتصادي متردي جعل المواطن اليمني يغض الطرف عن ابداء أدني اهتمام في هكذا أنشطة وهكذا بطولات رياضيه رغم أهميتها في بناء وتماسك المجتمعات وتوطيد أواصر المحبة والاخاء والحفاظ على الشباب من الانخراط في اعمال وانشطة مشبوهة، بل على العكس من ذلك زاد توهج عشق الرياضة في نفوس أبنائها ليتجسد ذلك العشق في استمرار اقامه عده بطولات رياضية وانشطه ثقافية وبصوره لا تكاد تنقطع رغم المعوقات، فمّا ان تنتهي بطولة هنا لتبدأ الأخرى هناك. وقد حظيت كرة القدم بالنصيب الأكبر من تلك البطولات أبرزها بطولة الشهيد امين العميسي والذي نظمها نادي اليقظة بالرصد وبطولة كأس بعدان بنسخها المختلفة والعديد العديد من البطولات التي لا يسمح لي المجال هنا بحصرها، الا ان الملفت للنظر وما يشد الانتباه هي البطولة التي جرت حالياً في المديرية وبالتحديد في عزلة دلال- قريه مسوّره- والتي نظمها نادي صقور دوغان والتي أطلق عليها" بطولة فقيد الوطن الشيخ/ عبده مظفر عبيد" رجل الخير والعطاء وصاحب اهم المبادرات المجتمعية في المنطقة، لقد جاءت هذه البطولة في سياق مختلف عن ما سبقها من بطولات لتنحي مُنحنى اخر اكثر شمول من حيث عدد الفرق المشاركة والبالغ عددها (13 فريقاً) والنطاق الجغرافي "واحد من تلك الفرق كان ضيف شرف على البطولة قادم من مديرية الشعر " صقور ذي البرحه"، لم تقف هذه البطولة هنا فحسب بل جاءت ايضاً لتُحاكي بطولات رسمية من حيث جوده التنظيم على كافة المستويات، ناهيك عن الحضور الجماهيري الكثيف والتغطية الإعلامية الغير مسبوقة في هكذا بطولات وانشطه رياضية ريفية، فمن الامكان ان تتابع مجريات مباريات البطولة من خلال البث الحي "المباشر" عبر وسائل الاعلام الحديثة او ما يطلق عليها في لغه الاعلام (السوشيل ميديا   (social mediaمن أي مكان في العالم ليصاحب هذا البث الحي صوت معلق رياضي هاوي و مبدع يحاول محاكاه اللقاءات الكروية الرسمية للتعبير عن شغفة بهذا المجال، ناهيك عن ان المباريات فيها أُديرت بواسطة حُكام دوليين ابرزهم الحكم الدولي الكابتن فهد الصباحي الذي علق على هذه البطولة قائلا "لم اشاهد في حياتي بطولة ريفيه كهذه"، اضف الى ذلك أنّ حُظّيت اغلب الفرق المشاركة فيها بدعم سخي من قبل اللجنة المنظمة من حيث المستلزمات الرياضية والتسهيلات المالية لتمكينها من المشاركة. لقد كنت محظوظاً عندما ساقني القدر بعد أيام معدود من انطلاق البطولة الى المنطقة لتلبية دعوه حضور عرس زفاف احد الاقارب هناك، فترافق حضوري مع موعد انطلاق احدى مباريات البطولة، فأدهشتني دقة التنظيم والحرص على ممارسة البرتوكولات الرياضية الرسمية من طريقة دخول الفريقين أرضية الملعب والتزام اللاعبين وطاقم التحكيم  بالزي الرياضي الرسمي، واصطفاف الجميع ليرددوا النشيد الوطني، وكان يومها محيط الملعب ملفوفا بالعلم اليمني لتكتمل معها لوحه فنية لمشهد رياضي وسنفونية كرويه ابدعت في رسمها ايادي فنانين محترفين تجعل المرء ينحني احتراماً وتقديرا لهم وللنادي المنظم للبطولة "نادي صقور دَوغان" .

 

 استمرت هذه البطولة بنفس الوتيرة والدرجة العالية في التنظيم والزخم الجماهيري والأداء القوي للفرق المشاركة من بدايتها حتى اختتمت يوم أمس الجمعة الموافق 18/3/2022م في لقاء قوي جمع فريق صقور ذي البرحة من مديرية الشعر واتحاد منعمه من مديرية بعدان والذي انتهى بفوز الصقور وحصده للقب البطولة.

 

 ليس المهم هنا من فاز بالبطولة  ولا الأداء القوي للفرق المشاركة وروعه الأهداف التي سجلت فيها، والتي وصفت من قبل لاعبين دوليين كبار في صفوف المنتخب اليمني سابقاً أمثال الكابتن عادل السالمي كابتن نادي اهلي صنعاء، والكابتن إيهاب النزيلي كابتن نادي شعب اب "بالخرافية والسينمائية"، انما المهم هنا هو النموذج الفريد للبطولة الشيء المختلف الذي جاءت به بطوله الفقيد “عبيد“ ، من حيث تكريم جميع الفرق المشاركة بما فيها تلك التي اقصيت من الأدوار الأولى، ولم يقتصر الامر على هذا فحسب، بل تم تكريم جماهير كل الفرق المشاركة فرداً فرداً، ومنحهم شهادات تقدير وهي سابقة لم تحدث في أي بطولة محلية ريفيه في كرنفال رياضي لم تشهد بعدان نظيراً له، ما يجعل المتتبع لهذه البطولة ينفي نفياً قاطعاً "تقليدية اقامتها" ليؤكد ان هدف المخرج لهذه البطولة كان اسمى واكبر من مجرد التنافس على كأس ولقب بطولة، واسمحوا لي هنا ان اطلق علية بدلاً من لقب "المخرج"  بــــ "الطبيب الجراح" لقد لامست جهود هذا الطبيب عبر ما حققته البطولة من نجاح لأهدافها الاجتماعية المتوخاة من هكذا أنشطة جراح الشباب في المنطقة المتمثلة بالدفع بهم الى متنفس الرياضة للترويح عن النفس من الهموم التي ارهقت كاهل الشباب جراء الوضع الحالي المتأزم في اليمن والظروف الصعبة التي يمرون بها، فقُدّم الدعم المالي والمستلزمات الرياضية كمتطلبات لضمان المشاركة من قبل الجميع، وشكل الدعم اللوجستي لهذه البطولة عبر اللجنة الإعلامية للبطولة فرصة لتنافس شباب المديرية الشغوفين في مجال التصوير والتعليق الرياضي لاكتشاف المواهب وسقل مهاراتهم عبر هكذا بطولات، ما يشكل بدورة دعماً معنويا للشباب في هذا التوجه، لقد أعُتبر الجميع فائزاً بالبطولة بدليل تكريم جميع الفرق، ما يعزز من فكرة تقدير جميع الجهود واحترام امكانياتها وقدراتها بهدف تنميتها وتطويرها والحرص على استمرارها في المشاركة في انشطه وبطولات قادمه، شمولية المشاركة ايضاً في هذه البطولة كانت ضمن بنك اهداف القائمين على هذه البطولة والغرض من ذلك هو تعزيز فكرة التضامن والتلاحم المجتمعي بين ابناء المحافظة، وهو هدف اجتماعي سامي ما يعزز من فكرة الصمود والتضامن بين أبناء المجتمع الواحد.

 نعم لقد حققت هذه البطولة أهدافها الاجتماعية بامتياز وبشهاده الجميع لتحفظ لأبناء هذه المديرية بشكل خاص والمحافظة بشكل عام ديناميكية البطولات والأنشطة الرياضية في الريف اليمني بلا منازع وتفرُد غير مسبوق على مستوى المديرية في بطولة أطلق عليها في نسختها الأولى ببطولة الشيخ/ عبدة مظفر عبيد لكره القدم، تخليداً لقيم نبيله حملها الفقيد طيلة حياته.