انفض مولد بطولة كأس عدن، وصبغت كأسها بألوان مدينة الشيخ عثمان، حيث العشق يبلغ مداه والوله يصل إلى قمته، والهيام يحلق في سماء مآذن مساجد "النور والهاشمي"، حيث الحب المغروس على ملاعب حامد وأزقة شوارع الجزائر تونس والرباط، بعد مباراة متكافئة مع صاحب الشهرة والريادة "التلال" الذي استمد شموخه ذات "زمنٍ" من قلعة صيرة، ومن التاريخ الذي نقشت ابجدياته على جدران حافة حسين والطويلة ومسجد أبان.
مسك الختام كان جميلًا في كل تفاصيله وأحداثه، جماهير كبيرة غطت بها جنبات الملعب العتيق من ساعة مبكرة، لكن ذلك ومن وجهة نظري الخاصة لم يكن كافيًا لإزاحة الوجه الشاحب الذي ظهرت به مباراة الختام والأندية العدنية في هذه البطولة والتراجع المخيف والانحدار اللافت للمستوى الفني لجميع الفرق، بما فيها أندية الصفوة "التلال والوحدة والشعلة"، ومن خلفهما الميناء وشمسان.
نتساءل: ما الذي جعل أندية عدن تتراجع بهذا الشكل غير المسبوق، أيٌ لعنة حلّت بـ "شبابها" لتبدو كسيحة عاجزة عن تقديم المتعة ولو في حدها الأدنى، حيث لا مستوى فني يمكن الإشارة إليه ولا أداء يرتقي إلى مستوى لاعبي أندية رياضية كانت لها صولات وجولات وسيادة وريادة..
محزنٌ بل مؤلمٌ الحال المائل الذي وصلت إليه كرة عدن، وهي التي سبقت باقي المدن اليمنية وربما العربية بسنوات طويلة.
نعلم جيّدا أن الظل لا يستقيم والعود أعوج، وإن البناء لا يكتمل والتشققات تنخر جدرانه، ووسط هذه الفوضى العارمة التي تعيشها الأندية في عدن والتجاذبات التي تحيط بشبابها "إحاطة السوار بالمعصم"، وفراغ الرؤية التي جثمت على صدرها خلال السنوات الأخيرة، أضحت معظم البطولات وبكل أسف مجرد زوبعة في فناجين مقلوبة، بطولات لا "تؤسس" لعملية بناء حقيقية ولا تستشرق مستقبلاً أكثر إشراقًا ونورًا.
لا يمكن لأندية عدن أن تقبض على مقود القيادة كما كانت وهي متقوقعة ومنكمشة على نفسها، ولا بمقدور فرقها أن تتبوأ مراكز الصدارة وتصل إلى القمة كما كانت، وجل لاعبيها أسرى للتباينات والتجاذبات المختلفة، أو الاكتفاء والاحتماء بـ "جدران" التاريخ والجغرافيا، أيُ مستوى وتطوّر تنشده عدن، وهي محصورة على ذاتها، وتخوض مباريات ومنافسات ضعيفة، هي أقرب إلى طريقة أصحاب ألعاب القوى والمسافات القصيرة.
من المهم أن يعلم القائمين على رياضة عدن حاليًا، أو من يروا أنفسهم مسؤولين عليها، إن مثل هذه البطولات لا تخدم أنديتها ولا تصنع له مجدًا ولا تؤسس لنجاح ترغب في تحقيقه وتأمل الوصول إليه، المجد يا سادة لا يُباع ويُشترى، المجد تصنعه النفوس الشجاعة وتحميه القلوب المخلصة النبيلة، من الواجب أن يتدارك الجميع الوضع المؤلم لكرة القدم العدنية، ويسارعوا لفتح نافذة جديدة لتدارك ما فات، فالاعتراف بالخطأ فضيلة والوقوف عند الحق منقبة ومزية لا ينالها إلا الأفذاذ المخلصون، كونوا منهم.. وكفى.
صحيفة الأيام العدد الصادر اليوم الأحد ٢٦ فبراير/ ٢٠٢٣