* لم أره بأم عيني، يصول ويجول في ملاعب الكرة ، لكنني أحفظ سيرته الإبداعية، ومسيرته الكروية الظافرة عن ظهر قلب ..
* عندما قرر تلفزيون (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية)، نقل مباريات كرة القدم مباشرة من ملعب الشهيد (الحبيشي)، في مارس عام 1981 ، كان الكابتن الكبير ، واللاعب الخبير (سعيد دعاله) قد اعتزل الكرة، وهو ساحرها الأول بلا منازع ..
* كانت خسارة فادحة لعشاق كرة القدم، أن تحتجب ظاهرة كروية ، لا تتكرر كثيرا في ملاعب الكرة إلا كل ستة وسبعين سنة ، كما هو الحال مع مذنب (هالي) ..
* يجمع الكثيرون على حقيقة أن موهبة (سعيد دعاله) كانت استثنائية ، نسخة واحدة احتفظ بها متحف نادي (التلال) دون سواه ..
* منح (سعيد دعاله) كرة القدم (كاريزما) خاصة ، وأثر كثيرا في تحويلها من لعبة جماعية تعاونية ، إلى لعبة مهارية تتكلم شعرا، كلما داعبها بقدميه البارعتين، الهامستين بسحر القوافي ..
* حلق (دعاله) بكرة القدم نحو القمة ، حيث وكر النسر ، وأضاف لها (فلسفة) أساسها الإشهار و الإبهار ..
* نقل كرة القدم من خانة (الهيام) إلى خانة (العشق) الدفين، ذلك العشق اللذيذالذي يفتك بالعشاق ..
* لاشك أن تلفزيون (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) خسر الكثير، لأنه حرم قطاع واسع من مشاهدة هذا الداهية ، الذي ينتمي لعصر الأفذاذ، والفلتات والظواهر المدهشة ..
* كل الذين شاهدوه وعاصروه وعايشوا ربيعه الكروي في (عدن)، يجمعون على أنه حالة خاصة، تتجلى فيها عبقرية (دعاله)، مع شطارته كلاعب ماهر يحسن التموضع في كل مربعات الملعب ، خطورته تنبع من (عقله)، ثم تترجمها قدماه فنا متدفقا، وعشقا متواصلا ..
* وبقراءة لسيرته الذاتية تتشكل أمامي حقيقة أدبية لا بأس من كشفها تؤكد أن (سعيد دعاله) فريق كامل مع الاحتياط ، لاعب (جوكر) يحسن السيطرة على أجواء المباريات، مهما كانت سخونتها وصعوبتها ، ويجيد تحمل مسؤولية المباريات بدلا عن زملائه في اللحظات العسيرة والشاقة ..
* تبرز قيمة هذا النجم المشع، في تعدد تجاربه الداخلية والخارجية ، ما إن يبزغ نجمه في مساحة إحترافية حتى يغطي على كل النجوم ..
* تألق في (الصومال)، وسحر عيون الجماهير هناك، فكان أول لاعب عربي يبطل السحر في الملاعب الإفريقية ، وتعملق في (الزمالك)، وخطف الأبصار والعقول ، أما مع (التلال) فقد كان (حدوتة) ، حكاية عدنية على كل لسان ، حتى عندما نقل بوصلته إلى (الشمال) انحنت له الكرة اليمنية ، إعترافا بفضله في إشهار الكرة هناك ..
* تجلس معه، فلا ترى فيه (منغصة) أو (عيبا)،يبدو مهذبا مؤدبا ، حليما رحيما ، خفيف الظل و حبيب الكل ، رزينا وحصيفا ، صريحا ومريحا ،الذي في قلبه على لسانه، خبيرا كرويا تجاهله وطن تعبث برياضته (الجرذان) ..
* كان (سعيد دعاله) فارس زمانه ، زئبق كروي من الصعب مراقبته والحد من خطورته ، هذا لأنه كان يلعب الكرة بعقله ، ويستخدم قدميه كفرشاتين، ترسمان أحلى اللوحات الكروية بكل إقتدار ..
* أبهر عيون البشر في بطولة كأس اليمن الأولى ، عندما عرض بعضا من لوحاته في صنعاء والحديدة وعدن ، كان مشواره في الرمق الأخير عندما قاد (التلال) نحو البطولة ، وكانت بالفعل بطولة (سعيد دعاله) بلا منازع ..
* لو أن (سعيد دعاله) في ذلك الوقت رشح نفسه لرئاسة الجمهورية ، لفاز بالمنصب بإكتساح ، فقد أطبقت شهرته كل الآفاق ، وكان حينها معلما بارزا من معالم (عدن)، لا يقل شأنا عن (الصهاريج) مثلا ..
* يراه فرسان ذلك الزمن ، خلطة كروية ساحرة ، فيها الكثير من براعة (كرويف) ، والمزيد من انسيابية (بيليه) ، والوفير من حنكة القيادة عند (بيكنباور) ، بصراحة من لم يشاهد (سعيد دعاله) في عز مجده وتألقه ، فاته الكثير من فقرات العرض، الذي يسلب الألباب والقلوب ..
* سمعت أن (سعيد دعاله) بعافية هذه الأيام ، وهو الرجل البسيط الذي يعيش بيننا كنسمة رقيقة ، لذا ارتأيت رفع معنوياته بهذه الخاطرة ، ربما تدفع (العاقل) إلى ترجمة حقيقة إنه درة ثمينة ، وتاج (جنوبي) على رأس وطن رياضي ، يشهد له محبوه أنه (العاقل) الوحيد، وسط مجانين اغتالوا مفاهيم كرة القدم ..
* على فكرة ، ومالك علي يمين يا كابتن (سعيد) ، لو أني رئيس لهذا البلد المثخن بصرعات و حروب الرفاق والفرقاء ، لأصدرت قرارا رئاسيا يمنحك حقيبة وزارة (السعادة) ، أما لماذا استحداث هذه الوزارة ؟ فلأنك كنت ولازلت ذلك الفنان الكروي الذي يطعمنا (سعادة)، بحسن سيرتك، وكتاب حياتك الذي يشهد أنك كنت معنا كريما لاعبا، و إنسانا يقطر سعادة وبصيرة..
* كرويا، كنت (تمون) زملاءك داخل الملعب بكرات ساحرة ملفوفة بورق الحلوى ،لا تحتاج سوى (بوسة) لتدخل المرمى .. و إنسانا لازلت (العاقل) الذي تتدفق من صمته حكمة وزنها ذهب، كحال وزنك يا طيب القلب ..
* أبلغني الأخ العزيز (خالد خليفي) أن وزارة الشباب والرياضة ممثلة بالوزير (نايف البكري ) قدمت معونة مالية للكابتن (سعيد)، وهو أمر جيد يحسب للوزارة ولا شك ..
* شفاك الله من وعكتك الطارئة يا صاحب السعادة ، ولا عزاء لاتحاد كرة يعرف (علي بلابل)، ويجهل بطولات (سعيد دعاله) ، طهور إن شاء الله ..!
سعيد دعالة في لحظة عناق مع ابوبكر الماس / ارشيف: