عانت القضية الجنوبية من خلافات ومماحكات, القوى والتيارات الحاملة, لصوتها ومطالبها المشروعة, المستندة لمعاناة وجور وظلم, حكم وحكام الجنوب المنتصرين ما بعد حرب 94م,
ومعهم ككيانات وقيادات, ظلت القضية تراوح مكانها, يرتفع ترموتور حرارتها وينخفض, وفي سياق نضرتهم الاحادية للأمور, واصرار كل طرف منهم, على حجته ونظرته للقضية, بفرض حشر الجميع, على ركوب قاربه الصغير, في بحر كبير متلاطم الامواج, وتعصف رياحه العاتية, بما
هو أكبر حجما من قاربه الصغير والهزيل,
ان عالم وبحر السياسة كبير وعميق, بالنسبة للقضية الجنوبية, تحتاج لاطار شامل وجامع, لاستيعاب كل المكونات الناشطة في الساحة الجنوبية, بحاجة الى سفينة تجمع وتشمل الجميع, وان كانت اشرعتها متعددة الاشكال والالوان, إلا أن لها في النهاية, كيان واحد وهدف وطريق
واضخ, لتبحر من خلاله الى المرسى المنشود, وما يتمناه ويأمله شعب الجنوب منهم,
لا يمكن أي نجاح لقضية الجنوبية, والسير بها الى بر الامان, مادامت تلك الأطراف تنتزع وتنفرد لنفسها, بحق القيادة والزعامة, وانها الممثل الشرعي لا سواها, لقضية وشعب الجنوب, وترفض أفكار واراء الجماعات الاخرى, بل تشن وتعد الحملات الاعلامية فيما بينهم, بتهم الخيانة والعمالة, لجهات واطراف اخرى,
وهذا ما يضعفهم وينسف جهودهم, ويستغله الجانب الآخر أيما استغلال, ويبث سمومه الخبيثة بينهم, الذي يتوحد وينسى خلافاته وعدواته جانبا, ويتفق في هدف معادات واقصاء الجنوبيين, المطالبين بحقوقهم وعدالة قضيتهم, ويتهمونهم بهتانا وباطلا, أنهم لا يستطيعون تولي وادارة الدولة, وبانهم مراهقين سياسيا, ويغردون خارج السرب اليماني بزعمهم,
وعلى هذا الاساس, فأن المجتمع الاقليمي والدولي, لا يمكن له النظر وانصاف الجنوبيين, ما دام هم في حلقة جماعات وافرادا, بل ومنقسمين اخماساً واسداساً, مشتتين ومختلفين,
في توجهم وافكارهم لحل القضية الجنوبية, وبالتالي لا يمكنه من تقديم, أي دعم وسند شرعي وسياسي لهم, وهكذا تاهت وضاعت القضية الجنوبية, في متاهات الجهل السياسي بها, لدى القائمين عليها ومن يمثلها, سوى كان في الشرعية والمجلس الانتقالي ومكونات الحراك الاخرى,
وبالتالي أن لم يتخلوا عن مواقفهم, ويقرروا اللقاء في منتصف الطريق, على كلمة سوى بينهم, تضع مصلحة الجنوب وخياراته, فوق أي اعتبار ومصلحة آنيه وضيقه لهم, -- لا يمكن لأي مكون أو طرف سياسي منهم أقصى الأخرين, والادعاء بتمثيله للقضية وحده, وانه الحارس الامين لها, والمسيطر المطلق على الشارع الجنوبي, فانه من يقول ويظن ذلك, فهو بالتأكيد خاطئ, وكمن يعتلي قارب مثقوب, لا يمكنه أن يؤصل به بر الامان, وبالتالي سيغرق في منتصف الطريق, أن لم يكن في مستهله وبداية,