همس اليراع
كانت القرارات الأخيرة التي صدرت (مساء الثلاثاء 7نوفمبر 2018م) باسم رئيس الجمهورية المشير عبدربه منصور هادي، مثيرة للجدل منذ لحظة صدورها، وكان كاتب هذه السطور قد تناول في منشور له على فيس بوك، موضوع تعيين وزيرا للدفاع بعنوان "وزير صالة العزاء" لعلاقة المقدشي بحادثة صالة العزاء الشهيرة.
لكن العنصر الأكثر إثارة للجدل والاستياء والغضب هو ما مثله قرار تعيين وزير للدفاع من تجاهل واستهتار واستفزاز لمكانة ومقام وتاريخ وتضحيات وذوي ومحبي الوزير (المشطوب) الأسير اللواء محمود الصبيحي (فرج الله أسره).
لن استعرض هنا السيرة الذاتية للقائد البطل اللواء محمود الصبيحي فهذا يحتاج إلى وقفة مطولة، يمكن ان تأتي في مناسبة وسياق آخرين، لكن ما تمكن الإشارة إليه هنا هو أن من قام بهذا الإجراء (التعيين) المستفز، (وأكاد الجزم انه ليس الرئيس عبد ربه منصور هادي) هو شخص ليس فقط له ثأر شخصي مع اللواء الأسير، بل وشخص تنعدم لديه أبجديات ولياقة التعامل الأخلاقية والأدبية والسياسية، وإلا لاكتفى بالتعيين السابق للمقدشي كقائم بأعمال وزير الدفاع (وهو عمليا يمارس كل صلاحيات الوزير ما عدا خوض الحرب) ، وهو استفزاز كاد الكثيرون ان ينسوه، لكن الاستفزاز الأخير اعاده إلى الذاكرة وطغى عليه.
قبل أيام من هذا القرار الاستفزازي والبائس جرت تسريبات عن احتمال الإفراج عن اللواء الصبيحي ضمن معالجة ملف الأسرى، وربما كان هذا سببا كافياً لدفع الجماعة للاستحواذ على المنصب قبل خروج الوزير الأسير، لكن هذه التسريبات تزامنت مع فبركات جرى ترويجها من قبل المطابخ الإعلامية لصناع القرار (الشرعيين) مفادها أن الحوثيين يشترطون عدم ممارسة الصبيحي لأي دور سياسي ونفيه للإقامة في روسيا، وهي اشتراطات لا وجود لها إلا في رؤوس مروجيها، وتمثل نوعاً من التمهيد النفسي والإيحائي للتهيئة لـ"لطش" المنصب.
من المؤكد أن شطب اسم الوزير الأسير اللواء الصبيحي من قائمة الحكومة هو استفزاز لملايين الجنوبيين ومعهم آلاف وربما ملايين الشماليين المحترمين وأنصار العدل والأخلاق والإنسانية، لكنه يمثل تشريفاً للوزير الأسير وتبرئةً لسجله من موبقات ومفاسد حكومة الفساد والعبث والفشل، الحكومة التي لم يعد ثمة من شخص محترم يتشرف بالانتماء إليها أو العضوية فيها.
سيبقى الوزير الأسير اللواء الصبيحي ومعه جميع الشهداء والأسرى والمختطفين في سجون العصابة الانقلابية أيقونات مضيئة في صفحة التاريخ الحديث وستظل سيرة هذا الأسير البطل كتاباً مفتوحاً تتعلم منه الأجيال معاني الوطنية والإباء والاستبسال ونكران الذات والتضحية والنزاهة وعفة النفس والإيثار وكل الفضائل التي تميز الشرفاء ويصعب على اللصوص والنصابين ومزيفي التاريخ اكتسابها.
الحرية للقائد البطل الوزير الأسير اللواء محمود أحمد سالم الصبيحي وجميع الأسرى، واللعنة على العتاة المتغطرسين الانتقاميين وتجار الحروب.