----------
يُعد ملعب الشهيد الحبيشي بمدينة عدن أحد أبرز معالم كرة القدم اليمنية وذاكرة أجيال متعاقبة من عشاق اللعبة، فبين جنبات مدرجاته تشكّلت صور متجذرة للرياضة في المدينة، وبقي الجمهور أوفى عناصر المشهد رغم تغير الأزمنة وتبدل الممارسات.
ففي الماضي، كان الدخول إلى الملعب يتم عبر تذاكر مدفوعة، وكانت أبوابه تخضع لضوابط صارمة، بحيث لا يسمح بالعودة لمن غادر أثناء المباراة، وقد ارتبط ذلك الزمن بطقوس خاصة اشتهر بها الإعلاميون واللاعبون والجماهير، من بينها عادة تناول الشاي الاحمر من قبل اللاعبين في استراحة ما بين الشوطين، حتى غدت جزءًا من ذاكرة المكان وروحه.
ومع مرور الوقت تغيّرت الأوضاع، فأصبح الدخول مجانيًا، والأبواب مفتوحة للجميع، واتسعت حركة الباعة الذين يملأون المدرجات بمختلف أصناف المأكولات والمشروبات، وهو ما يعكس البعد الاقتصادي والاجتماعي للبطولات والمباريات، إلى جانب بعدها الرياضي.
غير أن المتابع للشأن الرياضي يلحظ تراجع الحماسة الجماهيرية عما كانت عليه في السابق، وهو ما يُعزى إلى غياب الدور الفاعل للإعلام الرياضي في تقديم اللاعبين والتعريف بهم.
ففي الأمس كان المشجع يحفظ التشكيلة الأساسية عن ظهر قلب ويقترح التبديلات قبل المدرب، أما اليوم فكثير من المتفرجين يسألون عن هوية اللاعب وهو على أرضية الملعب.
وتشهد الأندية بدورها تحولات واضحة؛ فبعد أن كانت تعتمد على أبناءها وتصنع منهم نجوماً يفتخر بهم الجمهور، بات كثير منها يلجأ إلى التعاقد مع محترفين من خارج المدينة، وأحياناً من خارج البلاد، وهو ما أضعف الصلة بين النادي وجماهيره.
كما تراجع حضور الصحافة الرياضية، فالمقالات التي كانت تحظى بالاهتمام وتمنح كاتبها حضوراً جماهيرياً بارزاً، لم تعد تجد ذات الصدى بعد انتقال القراء إلى وسائل التواصل الاجتماعي، وفي مقدمتها "واتساب" و"فيسبوك".
ومع انطلاق البطولات الحالية في ملعب الحبيشي، يظهر المشهد مختلفاً: اللاعبون والأجهزة الفنية والتفاصيل التنظيمية، فيما ظل الجمهور حاضراً بوفائه، وإن خفت حماسه، ليتوازي ذلك مع مستوى بطولة لا يتخللها نظام هبوط.
ورغم ذلك، يبقى "الحبيشي" شاهدًا على ذاكرة الرياضة في عدن، ورمزًا متجدداً لارتباط الجماهير بكرة القدم.
https://www.facebook.com/share/15n9AvNmuA/