يعتقد بعض المتذاكين السياسيين خصوصاً من أنصار شرعية 1994م بأن سياسات التسويف والترحيل والمماطلة التي يتبعونها في التعامل مع مطالب وتطلعات الشعب الجنوبي سوف تقود الشعب إلى الملل واليأس والاستسلام لأي أمر واقع سيطبخونه بطريقتهم المعروفة منذ 7/7/1994م، ومن ثم سيتسنى لهم بلوغ ما عجز عن بلوغهم من سبقهم من رواد عزوتي 1994م و2015م.
من يعتقد أن هذه السياسات ستؤتي أُكلها إنما يظل واهماً لا يتقن استقراء حقائق التاريخ القريب جداً، دعك من التاريخ البعيد الذي يصعب على أمثال هؤلاء الخوض فيه.
هذه الحقائق تقول أن القضية الجنوبية ليست من بنات كبراء الجاهلية ليتم وأدها بين عشية وضحاها وأنها قضيةٌ حيةٌ، صنعها التاريخ لتبقى وتنتصر، وهي لم تصطنع اصطناعا ولم تستزرع من بذور مستوردة بل إنها نبتة نشأت على تربتها وفي بيئتها الطبيعية، ولذلك كانت وستظل حية ما حيي هذا الشعب.
لقد خطط عفاش لوأدها بكل دهائه وسطوته ومكره وألاعيبه وأجهزته وأمواله، ومات بالطريقة المعروفة (ولا شماتة) وهي بقيت حيةً خالدة، وخطط شركاء حربه على الجنوب في 1994م للقضاء عليها وهربوا دونما إطلاق رصاصة واحدة لمواجهة المشروع الانقلابي المقيت، وبقي الجنوب صامداً أبياً وبقيت قضيته حيةً على ارضه وفوق تربته، وغزا الحوثيون الجنوب وفعلوا ما فعلوا لكنهم سحقوا تحت اقدام الجنوبيين وعاد من عاد منهم خائبا خاسئا.
من لم يتعظ من كل هذ الحقائق والدروس فعليه أن يراجع أقرب طبيب نفسي أو أي طبيب مخ وأعصاب للتأكد من سلامة عقله وصحة طويته.
أما مقولة أن الجنوبيين منقسمون فشتان بين انقسامات سببها تباين وجهات النظر وهي ظاهرة ملازمة لأكثر المجتمعات رقياً، وهي ما ندعو إلى تجاوزها وردم الفجوة بين أصحابها، وهذا أمر ضروري وممكن، وبين انقسامات يصنعها الذين يحلمون بالعودة بالجنوب إلى أجواء 7/7 وتلك سيفضحها الشعب الجنوبي لأنه قد شب عن الطوق وصار يجيد التنمييز بين مناضليه الحقيقيين وأبنائه الأوفياء وبين من يتكسبون من وراء قضيته وما أكثرهم.
ــــــــــــــــــــــــ