ونحن صغار كان يتم تخويفنا كمن سبقونا بذلك المجهول الذي بعيونه الطحين (!!).
كُنا نخافه ونخشى قدومه، وحتى نتجنب التصادم مع ذلك الغريب كُنا نستسلم للهدوء او النوم، واحيانا البقاء في الغرفة وعدم الخروج منها ليلاً حتى لا يقع ما لا يحمد عقباه ويأتي ذي بعيونه الطحين.
سنوات من الخوف والتخويف جعلت كثير منا ، لاسيما من يشْغلون عقولهم بالخوف من المجهول ، يلتزمون الهدوء ويؤثرون السكينة والالتزام للتعليمات من نوع " اسكت ، اجلس ، ارقد " من دون نقاش طالما بقي الخوف يسيطر على عقولهم من الذي بعيونه الطحين.
لفت نظري امس الاول، صورة للرئيس الامريكي ترامب ، نشرها احد ابناء عمومتي المقيمين في الولايات المتحدة على حائطه في فيس بوك وكتب عليها التعليق " جاكم ذي بعيونه الطحين" لاشك هو يسخر من الشكل لان للرئيس ترامب هالة بيضاء حول عينه تظهر وكان ثمة طحين او ما شابه.
لكن الصورة والتعليق نبشا في ذاكرتي موضوع ذي بعيونه الطحين الذي اكتشفت انا وغير من الصغار لاحقا مع بلوغنا سن الشباب انه المنخل ، نعم المنخل الذي يستخدم لتصفية الطحين من الشوائب فتعلق في فتحاته بقايا طحين ، ولذلك هم يقولون عنه " ذي بعيونه الطحين"، والقصد ليس الاشارة الى ان عهد ترامب سيكون عهدا خيرا كما هو - الخير - مرتبط بحركة المنخل لان ذلك في علم الغيب.. الا انه لابد هنا من استذكار المثل الشعبي القائل " اللي تخاف منه ما فيش احسن منه"، يعني ربما تكون عنصرية ترامب المعلنة افضل من عنصرية كلينتون المخفية، وربما تكون مواقف ترامب الواضحة افضل للعرب وللمسلمين من افكار كلينتون المخادعة.
وبالنسبة لنا كعرب وكمسلمين اي رئيس امريكي لا يمكن ان يكون معنا، لكن منهم من يتظاهر بالرحمة فيذبح بسيكن مسنون وبعضهم قد يذبح بسكين البصل، حسب تعبير احد الاصدقاء ، وعلى الرغم من هيمنتهم على العالم فانهم اي رؤساء امريكا يمثلون مصلحة الشعب الامريكي داخل وخارج الولايات المتحدة، ولا جديد في الامر.
المهم الان #ترامب ذي بعيونه الطحين ظهر للعالم وفاز، والاهم ان ظهوره الاول كرئيس للولايات المتحدة اتسم بالهدوء وربما الوقار بخلاف عنترياته في الحملة الانتخابية، وفي اطلالته الاولى كرئيس وعد ان يكون رئيسا امريكيا عادلا ، اذا فقد فازت امريكا بـديمقراطيتها وظهر منخل خيرها، ولم يكن لنا كعرب ومسلمين الا الجري للتتبع حملتهم الانتخابية كما هو حظ المتاعيس جريا بعد عروس وعريس.
- الصورة :