في الظروف التي يوشك فيها جانب من الجسر الذي يوصلك بهدفك على الإنهيار ، وتملأ المسار الشروخ ، وتتعثر عليه خطواتك ، لا يجب أن تنشغل فقط بهذا الجزء من الجسر ، بل لابد من تفتيش الجسر بأكمله لمعرفة أسباب الانهيار .
الأقوياء وحدهم هم الذين يجعلون مثل هذا الوضع سبباً في مراجعة شاملة تفضي في نهاية المطاف إلى إصلاح المسار بأكمله .
ينطبق على القوة ، التي نتحدث عنها هنا ، المثل الذي يقول : "القوة هي ما تفعله القوة" . Power is what power does ..
بمعنى أن القوة ليست ظاهرة مجردة عن دوافعها ومنجزها ، وإلا فإنها تبقى مجرد حالة بيولوجية لم تسعف الدناصير ، وهي أقوى كائنات زمانها، في مقاومة كوارث الفناء .
قوة لا تنهار بانهيار جزء من الجسر ، بل تعيد بناء الفعل ، وتعيد تشكيل الموقف بالاستناد إلى الدوافع الحقيقية التي أنشأتها للمهمة الصعبة .
في مثل هذه الظروف تتشكل مناخات انهزامية تتسلل من بين ثناياها دعوات الإنكسار ، ورسائل الاحباط والتشفي .. وجميعها تعمل على توسيع شروخ الجسر ، وأخطر ما في المشهد هو إنهاك وعي المجتمع بتسويق اليأس ، وتطبيع الجريمة .
تطبيع الجريمة هي وسيلة "الاشقياء" لاختراق مجتمعاتهم بصوت " العقل" المزعوم حينما تشتد الظروف وتتعقد عملية المواجهة مع الجريمة ، هنالك تنبعث من بين ركام المأساة دعوات تطبيع الجريمة ، وعندما تكون هذه الجريمة هي مصادرة وطن من قبل جماعة عنصرية ، لنا أن نتخيل النهايات التي يؤدي إليها هذا الاختراق والتطبيع وتزييف الوعي .
ما يجب أن يسعى إليه الجميع اليوم هو نقد "القوة" التي تتصدى للمهمة بروح "القوة" التي يعول عليها في إصلاح كامل المسار ، لا بالوسيلة التي توسع الشروخ ، حتى نتجنب النهايات التي لا نريدها لبلدنا .
لا أدل على ما نحن فيه سوى قول المتنبي :
وسوى الروم خلف ظهرك روم@ فعلى أي جانبيك تميل