قدم الأستاذ محمد محسن عثمان الملقب (سلب) نفسه في صورة مختلفة ومغايرة للمسؤول والتربوي المخلص لعمله والأمين لوظيفته وللموقع الذي كان يشغله، وسجل حالة خاصة قلما نجدها أو نشاهدها في مجتمعنا المحلي، حيث يتمسك كل مسؤول بمنصبه ويأبى التنحي عن كرسيه الذي جلس عليه سنوات طويلة، رافعًا شعار (هذه ملكيتي)، يمنع الاقتراب منها أو المساس بها.
الأستاذ محمد محسن عثمان أو "سلب"، كما يحلو لمحبيه وأصدقائه مناداته يقدم استقالته من إدارة مدرسة سعد بن معاذ بساكن وعيص (طواعية)، في مشهدٍ نادر الحدوث وفي مجتمع غارق بحب الاستحواذ والأنانية والبقاء دون مراعاة للكثير من الأمور المتعلقة بالأداء والسن والحب والرغبة في العمل وتقديم ما هو أفضل ومفيد.
تقديم الاستقالة جاء بعد سنوات طويلة من العطاء والمثابرة والعمل، دل عنها أنه استلم مدرسة ساكن وعيص وهي تفتقد لأبسط مقومات التعليم، وتقتصر الدراسة فيها إلى الصف السادس، قبل أن يحولها إلى مدرسة نموذجية (ثانوية)، ومركزًا تنويريًا وتعليميًا كبيرًا، تضم بين ثناياها مئات الطلاب في جميع المراحل الدراسية (الابتدائية، الإعدادية، الثانوية)، وتحتوي ابداعاتهم وتنمي قدراتهم ليصلوا إلى أعلى المراتب وينالوا أفضل الدرجات.
أثبت "سلب"، بخطوته تلك، أن المسؤولية تتشرف بالشخص ولا يتشرف بها وأنها تقدم المخلص لوظيفته والمتفاني في عمله في قالب "القبول"، والمحبة، لا البغض والكراهية، وهي لعمري مزية ومنقبة لا ينالها إلا الأفذاذ ولا يفوز بها إلا الأكفاء.
"سلب"، شخصية تربوية وتعليمية كبيرة، استهل مشواره بتدريس مادة اللغة الإنجليزية في مدارس مديريات "يافع ولودر ومكيراس" ومسقط رأسه يرامس في بداية مشوارة التعليمي، قبل ان يستقر به المقام مديرًا لمدرسة ساكن وعيص النائية بمديرية خنفر، مانحًا إياها جهده وإخلاصه وخبرات سنين عمله المتراكمة.
مثل محمد عثمان، ترفع لهم القبعات احترامًا وتقديرًا، وتُفرش الأرض أمامهم "ورودًا"، وتُرفع أسمائهم في كتب المبدعين والمتميزين، وتعلق صورهم في براويز التقدير والعرفان وتكريمهم والاعتناء بهم ووضع تيجان الشكر على رؤوسهم، نظير جهودهم الكبيرة واعمالهم الجليلة وسجلات ايامهم الخالدة.
ما اتمناه وغيري كثير أن تسارع إدارة التربية والتعليم في المحافظة، وخنفر على وجه الخصوص إلى وقفة وفاء وعرفان مع الأستاذ محمد محسن عثمان وغيره من الرعيل الأول، ممن أفنوا جل سنوات عمرهم وقدموا عصارة جهودهم في سبيل العلم والمعرفة ووضعوا بصماتهم المؤثرة في الكثير من المواقع التي شغلوها، واخرجوا المئات من الكوادر التي تتبوأ اليوم مناصب قيادية وإدارية في عدد من المرافق الحكومية داخل أبين وخارجها.
هي دعوة مني وأظنها دعوة الكثير من العاملين في الحقل التربوي والتعليمي، إلى ضرورة الاستفادة من الخبرات المتراكمة لدى الأستاذ محمد محسن عثمان، في أي من المواقع القيادية والإشرافية الاستشارية، في سلك التربية والتعليم في خنفر أو على مستوى أبين عمومًا.