بقلم: محمد علي محمد أحمد
تتجدد مشاعر الأسى والحزن في قلوب أبناء عدن مع كل فقد لقامة من قاماتها، ليس فقط لمرارة الفراق، بل لما يصاحب ذلك من إحساس عميق بالتجاهل والتهميش الذي طال تلك الكفاءات في حياتها، وامتد ليلاحق ذكراها بعد رحيلها.
فبالأمس القريب، ودَّعت عدن قامة رياضية شامخة، إنه الأستاذ القدير هاشم الوحصي، الذي أفنى عمره في خدمة الرياضة وتوثيق تاريخها، ليصدمنا واقع مرير يكشف عن استمرار ذات النهج المؤسف في التعامل مع رموزنا حتى في وداعهم الأخير!!
وما نشهده من إهمال هو نمط متكرر يثير التساؤلات حول قيمة الكوادر العدنية في نظر المسؤولين.
لقد عانى الكثير من مبدعي ومثقفي ورياضيي هذه المدينة من التهميش والإقصاء في حياتهم، فلم يحظوا بالدعم والتقدير اللائقين لإبداعاتهم وعطائهم، واليوم، يتجدد هذا الشعور بالمرارة حين نرى الغياب الملحوظ لأي احتفاء رسمي يليق بمقامهم بعد رحيلهم، و تبقى أصالة أهل عدن وأبناء الحي ومعادنهم الطيبة، فبالرغم من ظروفهم الصعبة ليقيموا إلا أنهم اقاموا عزاءاً متواضعاً تخليداً لذكراهم.
أين أنتم أيها المسؤولين من هذا كله ، أين الكلمات المنصفة التي تستذكر مسيرتهم وإنجازاتهم؟
أين الالتفاتة التي تعبر عن تقدير المجتمع لجهودهم؟ فحتى إقامة عزاء لروحه الطاهرة "رحمه الله" والتي كنا نتوقعها كأقل واجب تجاه قامة بحجم الأستاذ هاشم الوحصي، تبدو غائبة أو خافتة في خضم هذا التجاهل وكأن القدر يكتب على أبناء عدن أن يعيشوا غرباء في وطنهم، وأن يرحلوا بصمت دون أن يلتفت إليهم أحد، و إنها والله وصمة عار على جبين كل مسؤول وستلاحقهم حتى مماتهم.
واعلموا أن استمرار هذا النهج سيترك أثره السلبي العميق على معنويات أبناء عدن، وسيُرسل رسالة محبطة للأجيال القادمة، فكيف يمكن للشباب أن يطمحوا إلى الإبداع والتميز وهم يرون أن مصير المبدعين هو النسيان والتجاهل، بدلاً من تكريمهم وتقدير جهودهم كأقل حافز أساسي للتقدم والازدهار.
وحتى نكون أكثر وضوحاً وبلا رتوش فإن مايحصل هو تهميش ممنهج لكوادر عدن، وعلى المسؤولين أن يخجلوا قليلاً وينظروا إلى قيمة تلك القامات وضرورة تكريمهم في حياتهم وبعد مماتهم،و أقل ما يمكن تقديمه لأمثال الأستاذ هاشم الوحصي رحمه الله هو حفظ إرثهم وتخليد ذكراهم بشكل يليق بمكانتهم.
ألا تستحق عدن بتاريخها العريق وكفاءات أبنائها المتميزة معاملة أفضل!!
أما آن الأوان لتقديرهم والاعتراف بإسهاماتهم، وبإرثهم لنبني مستقبلًا أكثر إشراقاً!!
رحم الله الأستاذ هاشم الوحصي وجميع القامات الغالية التي خدمت هذه المدينة بإخلاص في شتى العلوم والمجالات، ويبقى الأمل معقوداً على صحوة ضمير تنهي هذا التهميش وتعيد الاعتبار لكوادر عدن، أحياءً وأمواتاً.
"حسبنا الله ونعم الوكيل"