في سماء الرياضة المصرية عمالقة، سطعوا و لمعوا و تركوا بصمات لا تنسى، معا سنحاول أن نشير نحوهم بأصابع خجلي لنقتفي آثارهم و نتحدث عنهم ونقول: انظروا.. هذا النجم من الزمن الجميل .
عبد الحميد الجندي .. أسطورة كمال الأجسام
نجمنا اليوم من الزمن الجميل بطل قدير وفارس مغوار في ساحات الرياضة المصرية و العالمية ،وهو أيضا صاحب أفضال على الرياضة المصرية و قد فضلت أن أبدأ سلسلة " نجوم من الزمن الجميل " بالحديث عنه ، لأن الرياضة التي لمع فيها بطلنا رياضة مميزة و في غاية الأهمية ،وتعد بدون أي مبالغة رياضة خادمة و سائر الرياضات مخدومة، فالرياضي سواء كان لاعب كرة فلابد أن يمضي في صالة الحديد عدة ساعات لاكتساب القوة و اللياقة اللازمة لخوض المباريات و نفس الأمر ينطبق على الملاكم أو المصارع أو السباح، و هكذا تخدم رياضة كمال الأجسام سائر الرياضات الأخرى و في نفس الوقت تستغني بنفسها عن كل الرياضات .
عبد الحميد .. الموهوب
ولد عبد الحميد الجندي يوم 28 مارس سنة 1936 ، وعشق الرياضة منذ الصغر فمارس كرة السلة و هو في العاشرة من عمره ، ثم استهوته رياضة المصارعة فاتجه نحوها منذ العام 1951 ليحصد بطولات المدارس الثانوية والجامعة ،في العام 1954 يتجه لرياضة كمال الجسام متأثرا بفوز البطل المصري " محمد نصر " ببطولة العالم لكمال الجسام عام 52 ، يضع عبد الحميد الجندي محمد نصر أمامه قدوة ومثل أعلى ويضع كل تركيزه على كمال الأجسام ليتوج في العام 1957 بطلا للجمهورية ، وفي العام الذي يليه يتم ترشيحه للمشاركة في بطولة العالم لكن بسبب خلافات داخل الإتحاد المصري و الذي كان يجمع بين الإشراف على رفع الأثقال وكمال الأجسام لم يتمكن البطل من السفر لكن يمكن في العام التالي من السفر ليشارك في بطولة العالم ببولندا و يحصل على المركز الثاني ، فيعود إلى مصر ليواصل التمرين و يشترك في العام التالي 1961 في بطولة العالم بالنمسا لكنه يحصل على المركز الثاني أيضا ، فيشعر البطل بتحيز الحكام و ينتابه اليأس من إمكانية الحصول على المركز الأول فيعود من النمسا و قد قرر هجر كمال الأجسام و التوجه إلى رياضة رفع الأثقال فيضع نفسه تحت أيدي البطل الكبير المدرب و نجم السينما " مختار حسين " ، و بعد قليل يتمكن عبد الحميد الجندي من تحقيق بطولة الجمهورية في رفع الأثقال .
عبد الحميد .. مستر يونيفرس
يعاود الحنين إلى رياضته المفضلة قلب عبد الحميد الجندي ، فيشارك في بطولة العالم لكمال الأجسام في العام 1963 في لندن ليفوز بالمركز الأول و يتوج بلقب " مستر يونيفرس " ، ثم يعود الجندي في العام التالي 1964 ليكرر إنجازه ببطولة العالم فيحصدها للمرة الثانية على التوالي مما يجعله موضع تقدير الزعيم جمال عبد الناصر الذي منحه وسام الرياضة من الطبقة الأولى.
في العام 1971 يأتي ترتيب البطل في المركز الرابع ببطولة العالم ، فيقرر الاعتزال و الاتجاه نحو التدريب و الإدارة ، فيقوم في العام 1973 بتأسيس الإتحاد المصري لكمال الأجسام ويتم اختياره بالتزكية ليكون رئيسا له ، و في العام الذي يليه يتم اختياره ليصبح نائبا لرئيس الإتحاد الدولي لكمال الجسام في عام 1990 يقوم عبد الحميد الجندي بتأسيس أول إتحاد عربي لكمال الأجسام و يتم اختياره بالتزكية ليصبح أول رئيس له ،وأثناء توليه للإتحاد المصري سعى لنشر رياضة كمال الأجسام في ربوع مصر، و في عهده حصلت مصر على 95 بطولة مختلفة بين عربية و إفريقية و متوسطية و دولية ، كما تمكن عبد الحميد الجندي من إحضار بطولة العالم إلى مصر ، حيث نظمت مصر بطولة العالم سنة 1981 تحت سفح الهرم و إلى جوار أبو الهول و شاركت فيها 54 دولة و كانت بطولة تحاكى بها العالم لفرط روعتها .
لعبد الحميد الجندي موقف وطني رائع حيث رفض بمنتهى الحسم كل الإغراءات التي تعرض لها للتجنس بجنسيات أخرى واللعب باسمها ، و من بينها دعوة مغرية جدا بوظيفة ذات راتب عال كمهندس بواحدة من كبرى شركات المقاولات الأمريكية ، مع توفير كل الإمكانيات للمعيشة ، و طبعا مع الجنسية الأمريكية لكنه رفض بقوة .
و في السابع عشر من يوليو 2000 يرحل عن دنيانا في صمت بعد رحلة طويلة من الإنجازات ليصبح غائبا بذاته لكنه ساطع في سماء الزمن الجميل .
