في رثاء صاحب القلب الطيب

Monday 30 November -1 12:00 am
في رثاء صاحب القلب الطيب

المعلمي مع الشهيد رمزي بامدهف

كتب/ سميح المعلمي
----------

 

 بينما كنت أطّلع على أرشيف صور ذكرياتي، وجدت هذه الصورة التي توقفت أمامها كثيرا، ولم اتعدّاها حتى كتب هذه الكلمات، علّها تنفّس عنَا ما أصابنا بفراقه.. طوال الفترة التي عمل فيها الشهيد "الدكتور رمزي بامدهف" في نادي اليرموك، كان مثالا للإنسان المتقن لعمله، المبتسم للجميع، الصريح عند حدوث تقصير.

عرفته عندما كنت لاعبا في صفوف اليرموك لسنوات عديدة.. فعندما يحضر ويتواجد يضفي على المكان جوا آخر من الحيوية والحماس، نظرته ثاقبه لمن حوله، يعرف متى يكون هذا اللاعب في معنويات مرتفعة، فيعززها .. ويشعر بذاك الذي تأثر بكلام مدرب أو لم يقدم مستوى في مباراة ما، فيقترب منه ويخفف عنه.. خدماته لا تقتصر على مجاله في الطب الرياضي فحسب، ولكنه كان كالطبيب النفسي في رفع المعنويات والتشاور في كل طارئ… ولا أخفي هنا امتناني له، كونه كان أحد أهم الأسباب التي جعلتني اجتهد حتى وصلت حينها في العام2009 للمنتخب الأولمبي ومن ثم الوطني، بفضل الدروس المعنوية التي كنت اتلقاها منه دائما.. أكثر ما يظهر احترامه وأخلاقه في سفريات الفريق للمحافظات، حيث يلزم مكانه المعروف خلف الكرسي الذي بجانب السائق، حاضنا شنطته الطبية التي تحوي ما يهدئ ويداوي الآلام والأمراض، يلطف أجواء الرحلة بدمه الخفيف وأسلوبه المرح، لم يجرح أو يزعل أحد.. في وصف عمله شهادتنا منقوصة، قمة في الالتزام والعمل المخلص في التمارين وماقبل وأثناء المباريات.

آخر الأيام التي كنت قريبا منه- بعد أن تركت الملاعب- كانت في سفرية فريق اليرموك إلى طاجيكستان في الدور التمهيدي لكأس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم.. اتذكر تلك اللحظات التي ترافقنا فيها في المطار، تحت الثلوج، في الملعب، أثناء المباراة، بعد الخسارة .. كلها مشاعر متنوعة و ممزوجة ببعضها، تنبع من قلب لا يعرف إلا الإخلاص في العمل، وحب الآخرين.. كل من عرفك، تحسر وفجع بخبر استشهادك، لأنهم سيفتقدون تلك الروح الرائعة، سيفتقدون الابتسامة والكلمة الصادقة، سيفتقدون الدكتور رمزي الذي يجاهد ويسعى لخدمة من حولة وإسعاد أسرته وأهله.

تبا لتلك الشظية الإجرامية التي أصابت جسدك، ذاك الجسد الذي يحمل اليدين التي داوت آلام الكثيرين، وأجزم لو لم تصبك حينها لذهبت لإنقاذ من حولك ممن سقطوا، لأني أعرف مدى الإنسانية التي يحملها قلبك.. تبا لتلك الشظية التي أدمت قلوب أهلك ومحبيك، لكن عزاؤنا أن يتقبلك الله برحمته شهيدا، لأن مشوارك في هذه الفانية يستحق الشهادة، ونحتسب على الله ذلك.

رحمك الله.. وألهم قلوبنا وقلوب محبيك الصبر والسلوان..

إنا لله وإنا إليه راجعون.