الانجاز الذي حققه المنتخب الوطني في خليجي 22 لم يأت إلا بجهود اللاعبين الفردية ومدربهم، وليس الاتحاد الفاشل الذي أوصل اليمن إلى تصنيف 184 عالمياً بعدما كانت ضمن المائة الأولى نهاية التسعينات! هناك من يزايد ومن يريد أن ينسب ويُجير هذا النجاح لشخصه، بالرغم من أن قيادة وزارة الشباب والرياضة (الشابة) الحالية لم تتسلم الوزارة إلا قبيل خليجي 22، وأما القيادة السابقة فقد كانت في غيابة الجُّب مشغولة بالتشكيلة الوزارية الجديدة وليس تشكيلة المنتخب الوطني نفسه! وأما عن الاتحاد فلم يُقدم للمنتخب سوى أن أوصلهم إلى مرحلة يرمي بهم في صالات مطار دبي ليناموا على البلاط لساعات دون رحمة ولا تقدير ولا إهتمام وكأنهم مصابون بمرضٍ معدي فتاك!
ما يُدمي القلب أن يُنافس هولاء المتنفذين الشعب حتى في نجاحاته البسيطة التي يحققها بمجهوداته الذاتية وإمكانياته شبه المعدومة، بعد أن نافسوه على الثروات والنفوذ والسلطة وحرموه منها! ويتشدقون في المؤتمرات بأنهم من حقق المكاسب ويتصورون بزي المنتخب ولم يتبقى إلا أن ينافسوه على الهواء والحُلم! الحلم الذي جعل عشرات الألاف من أبناء اليمن يتوجهون إلى مدرجات إستاد الملك فهد لدعم المنتخب الوطني بروح وطنيه عالية ملئت أصداؤها صفحات الصحف والمجلات ونشرات الأخبار من دولة عُمان وحتى المغرب العربي وأعطت درساً هاماً للعالم العربي، أن اليمنيين لا تفرقهم سياسة ولا حروب ويجمعهم قاسم الوطن والدين والدم (الذي يفتقده هؤلاء)!
ولأنه ليس من المُنصف أن تُسمى الأشياء بغير مسمياتها، فقد كان لزاماً أن يفهم القارئ أن هؤلاء الشباب أثبتوا أنهم قادرين على تحقيق النجاحات، وأنه لو تيسرت لهم أبسط مقومات العمل الكروي كبقية المنتخبات الأخرى لكانوا ربما على منصة التتويج ليلة البارحة! فلم يكن من السهل على حامل اللقب (القطري) تجاوز المنتخب اليمني في المبارة التي إنتهت بالتعادل السلبي، وكذا حقق الفريق السعودي الفوز علينا بصعوبة بهدف يتيم، بينما شاهدنا كيف كانت تلك الفرق في الدور النصف نهائي "أهداف بالجملة"! صحيح أننا تعادلنا ولم نسجل أي هدف، إلا أننا صمدنا أمام منتخبات لديها من الأمكانيات مالم نحصل على عُشرها في ظل إتحاد يأكل الأخضر واليابس!
وبالرغم من كل الظروف الصعبة التي تعانيها البلد وعدم الإستقرار الذي يتسبب في خلق جو نفسي لا يُساعد المواطن على قيامه حتى بأبسط المهام اليومية، إلا أن اليمنيين يثبتون مرات أنهم حصان طروادة ورقم صعب في المعادلة العربية، فهذا وليد الجيلاني يحقق نجاحات في الجانب الفني، وهناك من يحقق الشهادات العالمية في مجالات أخرى كالعلوم، والفريق الوطني يتقدم كما لم يتقدم من قبل بالرغم من شحة الأمكانيات! ومن باب إحترام هذا الشعب المكافح أن لا نسلبه الفرحة، وأن لا نسرق الأضواء عندما ينجح بتقدير (مقبول) أو (جيد)، ونختفي عندما يفشل لنحمله تبعات أخطائنا .. وشكراً لكم أيها الشباب الذين ترفعون علم اليمن في كافة المحافل، وغيركم ينكسِّوه في قلب الوطن!
* عضو المجلس العالمي للصحافة