وفي غضون عشرة أيام من الآن وبناء على طلب من الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، سيجري الاتحاد الدولي (الفيفا) تصويتا بين 209 اعضاء سيحضرون المؤتمر السنوي في جنيف بشأن تعليق أنشطة الكيان الصهيوني داخل الاتحاد الدولي بداعي انتهاكها لقواعد مناهضة العنصرية وانتقال اللاعبين بحرية إضافة لاماكن ومقرات الأندية التي تلعب في دوري الكيان الصهيوني.

وإذا ما تم تعليق أنشطة الكيان الصهيوني، لن يكون بوسع الأندية والفرق المشاركة في المنافسات الدولية مثل دوري أبطال أوروبا وبطولة اوروبا 2016.

وبينما أكد مسؤولون فلسطينيون ان السياسة لا دخل لها بهذا التحرك فان الخطوة تثير مقارنات مع تعليق الفيفا لنشاط جنوب افريقيا أثناء حقبة التمييز العنصري خلال فترة الستينات من القرن الماضي وفترة حكم سلوبودان ميلوسيفيتش ليوغسلافيا في التسعينات، وهو ما يضفي صبغة عاطفية كبيرة على المسألة بسبب التشعبات الكثيرة التي تتجاوز حدود الرياضة.

ويثير الفلسطينيون ثلاث شكاوى أساسية تتعلق بقيود يقولون إن إسرائيل تفرضها على حركة اللاعبين والمسؤولين الرياضيين الفلسطينيين بشكل اعتيادي وهو ما يزيد من صعوبة إقامة المباريات إضافة لمشاركة خمسة أندية من الكيان الصهيوني داخل المستوطنات اليهودية المقامة على الأراضي الفلسطينية في دوري الكيان الصهيوني الى جانب مزاعم عن غض اتحاد الكيان الصهيوني الطرف عن العنصرية ضد اللاعبين الفلسطينيين.

وهذه الشكاوى قائمة منذ مدة طويلة ووضعها الاتحاد الفلسطيني على جدول أعمال اجتماعات الفيفا في عامي 2013 و2014، وفي الماضي تم التوصل لتسوية في اللحظات الأخيرة للحيلولة دون دفع الفلسطينيين للمسألة نحو اجراء تصويت.

الا ان الفلسطينيين يبدون في غاية التصميم للذهاب بعيدا هذه المرة قائلين ان الكيان الصهيوني خدعت الفيفا في آخر ثلاث سنوات ولم تقم بأي شيء لتغيير سلوكها، ويقول اتحاد الكيان الصهيوني انه يبذل قصارى جهده في هذا الصدد.

وقال جبريل الرجوب السياسي السابق والذي يرأس الاتحاد الفلسطيني منذ عام 2008 الثلاثاء: "لن نقبل على الإطلاق بأي تسوية أو أي اتفاق أو صفقة خارج نطاق الاجتماع السنوي (للفيفا)".

وأضاف مؤكدا على هذا النقطة مرتين: "(الكيان الصهيوني) يعتقدون أن بوسعهم قيادة العالم اجمع بسبب محرقة النازي، إنها فتوة الحي".

ووصل سيب بلاتر رئيس الفيفا الى المنطقة الثلاثاء، والتقى مع بنيامين نتنياهو رئيس وزراء الكيان الصهيوني في القدس في محاولة للتوصل لحل وسط، ورفض بلاتر الكشف عن اي تفاصيل بشأن اللقاء الا انه قال انه "متفائل".

وفي تصريحات للترحيب بالضيف امتدح نتنياهو بلاتر بسبب إبعاده السياسة عن الرياضة.

وقال نتنياهو: "الرياضة هي وسيلة لتعزيز النوايا الحسنة بين الشعوب. الشيء الذي يمكن ان يدمر أي اتحاد لكرة القدم هو تسييسه، إذا ما تم تسييس الأمور لمرة واحدة مع اسرائيل فانك ستلجأ لفعل الامر ذاته مع الجميع وهو ما سيؤدي لتدهور مؤسسة كبيرة".

وفي مؤتمر صحفي عقد لاحقا قال بلاتر انه اقترح أن ينظم الفيفا "مباراة من أجل السلام" بين منتخبي الكيان الصهيوني وفلسطين في زوريخ، وقال بلاتر إن نتنياهو وعد بحضور المباراة إذا ما أقيمت.

وقال اتحاد الكيان الصهيوني انه لا يمكنه تحمل المسؤولية بسبب القيود التي تفرضها حكومة الكيان الصهيوني والتي تقلص بشكل معتاد حركة الفلسطينيين أو تعلق وصول البضائع بسبب مخاوف أمنية.

وكرر روتيم كامر المدير التنفيذي للاتحاد الاسرائيلي نفس التصريحات في مؤتمر صحفي عبر دائرة تلفزيونية عقد الثلاثاء مع تكثيف كلا الطرفين لحملات العلاقات العامة قبل الاجتماع السنوي للفيفا.

وقال: "لا اعتقد أن هناك أي اتحاد كرة قدم في العالم يمكنه ان يملي على حكومته كيفية التعامل مع القضايا الامنية بما في ذلك اتحاد الكيان الصهيوني".

واضاف: "في النهاية فان هذا لا يعد شيئا يمكننا التعامل معه"، نافيا الاتهام بوجود عنصرية في كرة القدم الكيان الصهيوني، قائلا: "إنها ظاهرة بغيضة حول العالم يجب على الجميع التصدي لها".

ويقول مسؤولون فلسطينيون إنهم يعتقدون ان نقطة القوة لديهم تتعلق بمشاركة فرق من المستوطنات في دوري الكيان الصهيوني.

وقال الرجوب: "إذا ما اصر الجانب الآخر على ان يتسبب لنا في معاناة فاننا لن نستخدم العنف أو الاسلحة بل سنستخدم المزية القانونية الموجودة في لوائح الفيفا، لا يوجد ما يمكن ان نفعله ازاء السياسة فهذا شأن رياضي".

وإذا ما انتهى الامر باجراء تصويت في جنيف فانه يبدو من غير الواضح بشكل كبير إلى أين ستصل الامور.

كما يثور خلاف ايضا حول كيفية تمرير القرار وما إذا كان يستلزم الحصول على موافقة 75 في المئة من نسبة الاعضاء الحاضرين لجلسة التصويت أم 50 في المئة زائد واحد.

ويثق الفلسطينيون في حصولهم على دعم واسع، وقال جونزالو بوي المستشار القانوني للفلسطينيين في هذه القضية ان التحرك لتعليق عضوية الكيان الصهيوني يتطلب دعم 50 في المئة من اعضاء الفيفا الحاضرين اضافة لصوت واحد مع عدم احتساب الممتنعين عن التصويت.

ويتبنى الكيان الصهيوني وجهة نظر مختلفة قائلين إنهم تلقوا "تفسيرا واضحا" من الفيفا بان الاقتراح يحتاج إلى موافقة الأغلبية بنسبة 75 في المئة وهو ما يعني ان الفلسطينيين سيحتاجون الى 160 صوتا وهو ما يمثل مهمة صعبة.

وتنص لوائح الفيفا وفقا للمادة 14 على ان تعليق العضوية يتطلب موافقة الاغلبية بنسبة 75 في المئة، إلا أن الفلسطينيين يدفعون بانهم تقدموا باقتراحهم باعتباره بندا عاديا على جدول الاعمال وهو ما يتطلب عددا اقل لتمرير القرار.

واذا ما تم تعليق عضوية الكيان الصهيوني فان هذا سيمثل انتصارا كبيرا للفلسطينيين مع استعدادهم لمواجهة الكيان الصهيوني باشكال وصيغ أخرى مثل اللجوء للمحكمة الجنائية الدولية وهو ما يضيف بعدا سياسيا خلف هذا النزاع الرياضي.