عبدالله عيضة الرزامي القائد الشرعي لانصار الله في اليمن ليس حوثيا

Monday 30 November -1 12:00 am
عبدالله عيضة الرزامي القائد الشرعي لانصار الله في اليمن ليس حوثيا
----------
منذ أن توقفت وسائل الإعلام عن نقل أخباره قبل أكثر من عام ونصف وتحديداً منذ حادثة الاشتباكات بين جماعته وبين جماعة عبدالملك الحوثي في شهر مايو عام 2014 في منطقة قحزة بمحافظة صعدة، غاب عبدالله عيضة الرزامي الرجل الثاني في الجماعة المتمردة كلياً، ولم يعد أحد يسمع أخباره، فما بين أسير معتقل في سجن سرّي وضعه فيه عبدالملك الحوثي كي يتخلص منه، وما بينقائد ميداني يقود مجموعة عسكرية على إحدى الجبهات كما تزعم جماعة الحوثي، دون أن يكون له أيّ ظهور أو تصريح، وهو الرجل الذي ظل لسنوات الرجل الثاني في الجماعة وكان مقرراً أن يكون رجلها الأول، فأيناختفى الرزامي؟ ومن تخلص منه أصلاً؟منتصف ثمانينات القرن الماضي سافر عبدالله عيضة الرزامي رفقة حسين بدر الدين الحوثي إلى مدينة قم الإيرانية التي كانت قد بدأت تتحول إلى عاصمة للمذهب الشيعي، بعد أن استولىالخميني وأتباعه على الحكم، وقد تلقى الرجلان تعليماً دينياً ومذهبياً.بعد عودتهما إلى اليمن وقيام الوحدة بين الشطرين الجنوبي والشمالي شارك حسين الحوثي في تأسيس حزب الحق اليمني، الذي كان يشكل واجهة سياسية لأتباع المذهب الزيدي، وفي عام 1991، وبتوجيه من بدرالدين الحوثي عمل كل من حسين الحوثي وعبدالله الرزامي على إنشاء تنظيم أطلقوا عليه تسمية “الشباب المؤمن” والذي سيعرف لاحقاً باسم “حركة أنصار الله” وكان التنظيم يهدف إلى جمع علماء المذهب الزيدي في صعدة وغيرها من مناطق اليمن تحت لوائه! وبالتالي دعم حزب “الحق” باعتباره يمثل المذهب الزيدي.من قم تبدأ الأموروبدأ تنظيم “الشباب المؤمن” بتوسيع نشاطه خارج منطقة صعدة، ليؤسس مراكز مماثلة لمركزه في عدة محافظات، وأرسل إليها بعض طلبته المقربين مع مجموعة من رجال الدين العراقيين الذين فرّوا إلى اليمن بعد حرب الخليج الثانية.وقد شملت أنشطة “الشباب المؤمن” التنظيمية عدداً من المحافظات منها صنعاء وصعدة وعمران وحجّة وذمار والمحويت، وتمت عبر المساجد والمراكز الخاصة التي أنشئت لتدريس المذهب الزيدي وفق رؤية الحوثي.وعمل تنظيم “الشباب المؤمن” على إحياء مناسبة “يوم الغدير” في محافظة صعدة، بمظاهر تحوّلت إلى تجمّع القبائل الموالية للحوثي، واستعراض للقوة وعرض لأنواع وفيرة من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة وإطلاق النار بكثافة في نبرة تحد واضحة، كما أن إحياء المناسبة في محافظات أخرى لم يكن بمعزل عن الحوثي وفكره ودعوته.كان “الشباب المؤمن” يعتبر ثورة الخميني في إيران منهاج عمل له، ويسعى لإعادة إنتاجها في اليمن، لذلك فقد بدأ التذكيربمظلومية شيعية في التاريخ وبحق تجب استعادته. وقد ترأسالتنظيم حسين الحوثي وكان مقرراً أن يخلفه الرزامي في حال قتل أو مات، بعدها ترشح كل من حسين بدرالدين الحوثي وعبدالله عيضة الرزامي في الانتخابات البرلمانية وتمكنا من الفوز ليمنحا الحزب مقعدين في البرلمان.اندلع الصراع المسلح بين الجيشاليمني وأنصار حسين بدرالدين الحوثي بعد اتهام الحكومة له بإنشاء تنظيم مسلح على غرار حزب الله، واستعمال المساجد لبث خطابات معادية للولايات المتحدة والتحريض على الإرهاب، وقد استمرت المعارك قرابة أربعة أشهر انتهت بإعلان القوات اليمنية أنها قتلت حسين بدرالدين الحوثي.وكما كان مقرراً فقد بدأ الرزامي يعدّ نفسه لخلافة صديقه المؤسس إلى أن دخلت على الخطالمخابرات الإيرانية عبر خبراء من الحرس الثوري ومن حزب الله اللبناني الذين كانوا قد وصلوا إلى صعدة بطرق سرية، وعملوا على إقناع الرزامي بعدم تنصيبنفسه كقائد للحركة حتى لا يحدث انشقاق فيها ووعدوه بأنيتم دعمه كقائد في وقت لاحق على أن يكون بدرالدين الحوثي، والد حسين، وهو الرجل الطاعن في السن، زعيما انتقالياً للحركة.تشير المعلومات إلى أن الرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح كان على اطّلاع على هذه الخطوة الإيرانية وكان داعماً لها، وقد أوعز لصحيفة “الوسط الأسبوعية” المقربة منه، بإجراء مقابلة مع بدرالدين وتلميعه كزعيم للحركة.ورغم هذا فإن الرزامي ظلّ مخلصاً للحركة التي كان أحد مؤسسيها البارزين فعمل على حماية عبدالملك الحوثي ومن تبقّى معه من المقاتلين في منطقة الرزامات التي تقع تحت سيطرته، وقد بدأ الرزامي في استجماع قوى الحركة واستهداف نقاط ومواقع الجيش والأمن اليمني للثأر لصديقه ومحاولة تقويض نظام المخلوع علي عبدالله صالح في صعدة، كما تولّى الرزامي حينها عملية تهريب بدرالدين من إقامته الجبرية في صنعاء، وقد دك الجيش اليمني معاقله، ما اضطره للفرار إلى منطقة نقعة بمديرية كتاف شمال صعدة.الرزامي بين يدي الجيشسلّم الرزامي نفسه للسلطات اليمنية في 23 يونيو عام 2005 وقد أطلق سراحه، بعد ذلك بأيّام، لتبدأ حدة الخلاف بالتصاعد بينه وبين عبدالملك عقب تولي الأخير قيادة الحركة حيث اتجه إلى كهوف جبال مطرة مع والده ومن تبقى من ميليشياتهم، غير أن الرزامي توجهإلى كهوف جبال نقعة، وكان يرى أنه الأحق بقيادة التنظيم أو على الأقل الاحتفاظ بدوره كرجل ثانٍ، لكن القائد الجديد كان له رأي مخالف لقناعات الرزامي.حاول عبدالملك الحوثي إزاحة الرزامي من واجهة التنظيم وكلّف أحد القيادات من أقاربه كقائد لمديرية كتاف. إلا أن الرزامي وبحكم ثقله القبلي داخل تلك المناطق رفض الاستجابة لقرار عبدالملك، وانحاز إليه عدد كبير منالمسلحين ورجال القبائل، واعتزل الرزامي مع من انضم إليه في منطقة نقعة وانقطعت الصلة كلياً بينه وبين عبدالملك الحوثي.رفض الرزامي محاربة الدولةشارك الرزامي ومقاتلوه في الحربين الثالثة والرابعة اللتين خاضتهما جماعة الحوثي ضد القوات اليمنية، لكنه امتنع عن المشاركة في الحربين الخامسة والسادسة.يذكر الباحث السياسي عبدالمجيد سنان أن عبدالملك الحوثي نفسه كان يعمل لإقصاء الرزامي، وكانالمحيطون بعبد الملك يسرّبون معلومات للجانب الحكومي حول تحركات الرزامي للتضييق عليه، ويبثون تسريبات للإعلام تارة بأن الرزامي قد قُتل وتارة بأنه قد سلّم نفسه للجيش الحكومي.واتسعت دائرة الخلاف بين عبدالملك الحوثي والرزامي وبقي الوضع على هذه الحال دون أن ينتشر للعلن.خلال مفاوضات الصلح بين الحكومة اليمنية وبين جماعة الحوثي والتي قادتها لجنة وساطة محلية، وكانت تهدف إلى وقف الاقتتال بين الجانبين والتوصل إلى هدنة طويلة، رفض الرزامي لقاء اللجنة وظهر على العلن للمرة الأولى خلافه مع عبدالملك الحوثي، والذي كان مغيباًوبشكل كلي منذ تبوأ الحوثي الصغير زعامة “أنصار الله”.بعد ذلك بعام اختطفت مجموعة مسلحة تسعة أطباء كانوا يعملون في المستشفى الحكومي في مدينة صعدة، وقد عثر على جثث ثلاثة من المختطفين في مديرية كتاف علىمقربة من نقعة التي يتخذ منها الرزامي معقلا له، ويرى بعض المراقبين أن جماعة الحوثي بقيادة عبدالملك هي من قامت بعملية الخطف والقتل، وأن إلقاء الجثث في منطقة قريبة من معقل الرزامي، إنما الهدف منه هو توريط الرزامي في صراع مع الدولة اليمنية التي قد تشن عليه حرباً وتزيحه من الصورة بشكل كامل.قطيعة مع الحوثيبقي الرزامي في حالة قطيعة مع عبدالملك ولم يعترف به كقائد للحركة في الأماكن التي يسيطر عليها، ومعه 500 مسلح يخضعون لقيادته وإمرته حسب مصادر مقربة منه وهم مقاتلون أشداء، ويتميزون عن ميليشيات الحوثي بالتدريب والانضباط.وهو ما دفع عبدالملك لإرسال الكثير من الوسطاء للرزامي لطلب النجدة عندما تداعت القبائل اليمنية إلى كتاف لنصرة إخوانهم من طلاب مركز دماج السلفي وفك الحصار عنهم.تكللت تلك الوساطات بالنجاح والتقى الحوثي والرزامي بعد قطيعة سنوات، إلا أن ذلك اللقاء لم يعن أن الأمور عادت إلى طبيعتها بين الرجلين فالرزامي لا يعترف بعبدالملك زعيماً لحركة أنصار الله.ومع بدء العمليات الجوية لعملية عاصفة الحزم التي بدأتهاالمملكة العربية السعودية وحلفاؤها والهادفة إلى استعادة الشرعية في اليمن، عاد الرزامي للظهور ولكن من خلال حساب مزيف على أحد مواقع التواصل الاجتماعي يهدد فيه ويتوعد، لكن الحقيقة تقول إن الرجل نفسه لم يظهر في الصورة، فلا قتال ولا حتى تصريحات.يقول الحوثيون إنه يشارك معهم في المعارك وإنه يتخذ من أحد كهوف منطقة نقعة التي يعرفها جيداً مقراً له، لكن الأخبار تشير إلى غير ذلك تماماً فقد استغل بعض مناصري عبدالملك الحوثي المعارك واعتقلوا عبدالله عيضة الرزامي كي لا يقوم بانقلاب يستعيد من خلاله المنصب الذي حرم منه والذي يرى أنه من حقه، وهو الآن معتقل في مكان سري. فأين هي الحقيقة؟ لا أحد يعلم وربما علينا انتظار انجلاء غبار المعارك وعودة اليمن إلى أصحابه، كي نعرف مصير واحد من أكثر الشخصيات اليمنية غموضاً.