الوجه الجديد لأحمد العيسي

Monday 30 November -1 12:00 am
----------
 
 
يتلقف اليمنيون بشغف أي خبر يبعث فيهم الفرح و يحتفون به و كأنهم ما فرحوا من قبل، و لذلك يطلقون العنان لأنفسهم للتعبير عن فرحهم العارم بشكل عاطفي جيّاش.
 
و هكذا فعل غالبية اليمنيين بالأمس و هم يحتفون بالتأهل الأول للمنتخب الوطني الأول لكرة القدم إلى نهائيات كأس آسيا الذي يتحقق بعد تحقيق الوحدة اليمنية في العام 1990م، و هو التأهل الثاني في تاريخ اليمنين، إذ كان أول تأهل إلى نهائيات كأس آسيا حققه المنتخب الوطني الأول لكرة القدم في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في العام 1976 بإيران.
 
عبّر غالبية اليمنيين، في شمال اليمن و جنوبه عن فرحتهم الكبيرة بهذا الإنجاز، على الرغم من كونهم في وضع كارثي، لم يسبق له مثيل في تاريخ اليمن المعاصر جرّاء حرب تدخل عامها الرابع ولا توجد مؤشرات حقيقية لانتهائها. 
 
فنياً هذا المنتخب، بكل تأكيد، ليس هو الأفضل في تاريخ كرة القدم اليمنية، ولكن كان من حسن حظه انه وقع في مجموعة منتخباتها ضعيفة للغاية، ولسوف تكون المرحلة المقبلة في النهائيات صعبة تماماً؛ بل أصعب مما يمكن تصوره. 
صحيح التأهل حدث مهم كإنجاز، لكنه سيقود المنتخب في النهائيات إلى نتائج غير إيجابية لظروف مرتبطة بعوامل ذاتية و موضوعية قاهرة. و هذه العوامل القاهرة، و المستمرة منذ بدأت الحرب الأخيرة، تشير - بكل وضوح - إلى أن هناك من وقف في وجهها و تصدى لها، بقدر ما يستطيع، ليحافظ على أن لا تتغلب عليه هذه العوامل القاهرة، وتنال بالتالي من كرة القدم في اليمن، و هذا الذي تصدى لهذه الظروف والعوامل القاهرة بلا شك هو رئيس الاتحاد العام لكرة القدم أحمد العيسي. 
 
راهن كثيرون على عدم قدرة الاتحاد العام لكرة القدم الاستمرار في الالتزام بمشاركات منتخباته المختلفة في المسابقات الخارجية عطفاً على توقف مسابقاته الداخلية بفعل الحرب، خصوصاً في ظل عدم تدفق المال الحكومي مثلما كان قبل الحرب. 
كان واضحاً أن توقف المسابقات الداخلية للإتحاد العام لكرة القدم وعدم تدفق المال كما كان قبل الحرب، كعوامل ذاتية وموضوعية قاهرة من شأنها أن تحول دون استمرار المشاركات الخارجية، هو الأمر الراجح، لكن ذلك لم يحدث. 
 
أسوأ من ذلك، أي أسوأ من العوامل الذاتية و الموضوعية القاهرة التي من شأنها أن تحول دون استمرار منتخباتنا الوطنية في المشاركات الخارجية، واجه رئيس الاتحاد العام لكرة القدم تحدياً أكثر صعوبة و خطورة، زاد من كم الضغوط الكبيرة التي صارت تعترض عمل الاتحاد العام لكرة القدم وتحول دون القيام بما عليه القيام به. 
 
وقف رئيس الاتحاد العام لكرة القدم أحمد العيسي في وجه تلك الضغوط التي تم فرضها عليه في عدن خلال سنوات الحرب الثلاث الماضية بغية دفعه إلى الرضوخ لها، تلك الضغوط الناجمة عن محاولة منع التحاق اللاعبين إلى صفوف المنتخبات اليمنية بحجة أنها تتبع سلطات الاحتلال الشمالي لجنوب اليمن في سلوك يكشف بجلاء إقحام أفعال السياسة في ميدان الرياضة من أناس لطالما صدّعوا رؤوس العامة بمطالباتهم بعدم إقحام السياسة في الرياضة، بل ومحاولة القيام بمسابقات داخلية لا علاقة لها بالاتحاد العام لكرة القدم هدفها غير رياضي، في الواقع كان هدفها تحقيق مكاسب سياسية من بوابة الرياضة، و هذا العمل الذي قام به أحمد العيسي، أي الوقوف حائط صد منيع ضد إقحام السياسة في الرياضة، كشف عن وجه جديد لرئيس الاتحاد العام لكرة القدم، وجه شجاع أتاح لمنتخباتنا الوطنية الاستمرار في القيام بما عليها القيام به، و تحقق ما تحقق، و فرح غالبية اليمنيين في نهاية المطاف.
 
أكتبُ ما كتبته انصافاً لعمل رئيس الاتحاد العام لكرة القدم أحمد العيسي خلال سنوات الحرب، الذي أظهر نفسه كرجل مسؤول، و أجدها فرصة لحثه على إعادة تصحيح الكثير من الأخطاء التي أرتكبتها قيادته خلال عمله في الاتحاد العام لكرة القدم فترة ما قبل الحرب، وقد سبق لي التوقف عندها غير مرة منذ زمن بعيد، و بكثير من التفصيل.
احتفوا بمن جعل غالبية اليمنيين يفرحون في زمن افتقد فيه الغالبية لأحداث تجعلهم يفرحون.