هي تجربة رائدة قام بها وأنجزها الديوانُ القوميّ للأسرة والعُمران البشريّ بتونس وتتمثلٌ في الإعداد النّفسيّ للشابّات والشبّان المُقبلين على الزواج للتّكيّف مع مسؤوليّات الحياة الأسريّة والحياة الإجتماعيّة عامّة، وتمّ لهذا الغرض تركيزُ عيادات نفسيّة سابقة للزّواج تحت إشراف خُبراء في علم النفس وعلم الإجتماع لتقديم استشارات للشباب وإعدادهم اعدادا نفسيّا للتأقلم مع مسؤوليّات الحياة الزوجية المُقبلة.
ليس هناك وصفة واحدة يمكن تقديمها، ولكن هناك إرشادات ونصائح عامّة يمكن إعتمادها لإنارة الطّريق للمقبلين على الزّواج وتتمثل تجربة الإعداد النّفسي في حصص استشارة وإرشاد هدفها مساعدة الشبان على فهم أعمق لذواتهم وقياس حدود امكانياتهم، و فهم الطرف المقابل من خلال اكتشاف افكاره وسلوكه والوقوف على طموحاته. فلكل من الشاب والشابة تربيته الخاصة حسب محيطه وأسرته، ومن الطبيعي ان لا يتفقان تماما في آرائهما وسلوكهما ولابدّ من إستكشاف بعضهما عبر النّصائح لتيسير التّوافق والتّفاهم .
ومن اهداف هذه التجربة المساعدة على فهم المطلوب من الآخر والمنتظر منه والسعي للإنسجام مع سلوكه لتجنب التصادم. ففي الغالب تقوم علاقة التّعارف بين الشّاب والشّابة على التّقنّع وإخفاء الوجه الحقيقيّ لشخصيّة كلّ منهما، ولكن هذه الأقنعة سرعان ما تسقط وتتلاشى عند الزّواج وهو ما قد يحدث مشاكل بينهما ويكون سببا في الفشل بسبب رفض علاقة التّكامل بينهما ورغبة كلّ واحد منهما إحتواء الطّرف الآخر. ومن بين أهداف الإعداد النفسي الحد من الانانية والمحورية لضمان حياة مستقرة بين الإثنين.
من أجل أن يكبر الحب وتصغر المشاكل يتم خلال فترة الإعداد النفسي تقديم النصائح واجراء التمارين قصد اكتساب صمام امان للسعادة وللتدرب على لتحمّل المسؤوليّة بالإعتماد على النّفس دون خوف أو تردّد.
ويشمل الاعداد النفسي تهيئة المقبلين على الزواج وتدريبهم على الإستعداد لتقبّل علاقة التّكامل بينهما والتّنازل عن بعض الأنماط السّلوكيّة وتعويضها بأخرى إذ لابدّ أن يتنازل كلّ منهما عن بعض الصّفات السّلوكيّة القديمة من أجل الإتّفاق مع سلوك شريكه والإستعداد لكسب حدّ أدنى من النّضج العاطفي لكسب الثّقة المتبادلة.
والتّوافق العاطفي المنشود يتطلّب مدّة طويلة بين المحاولات الصّائبة والخاطئة، وعلى المقبلين على الزواج إعتماد الرّغبة الصّادقة في التّفاهم مع التسلح بالصّبر والمثابرة لتذليل عقبات الحياة الزّوجيّة وخلق روح التّعاطف والمشاركة والتّعاون. وعلى الأسرة والمجتمع الإحاطة بالشباب منذ سنّ المراهقة ومساعدتهم على تحقيق أهدافهم بكلّ صبر وطول نفس و تشجيعهم بعد ذلك على مواجهة الواقع لا الهروب منه و خلق فرص التّحاور والتّصالح بين الطّرفين (المقبلين على الزّواج) والتّناقش في المواضيع الخاصّة بالزّواج من أجل بناء أسرة مستقرة ومتماسكة .
والى جانب الكشف النفسي فان عيادة ما قبل الزّواج تشمل أيضا اجراء فحص طبّي عام للشاب والفتاة مع تحاليل دمويّة و كشف بالصّدى وهي صور بالاشعة والهدف من ذلك الاطمئنان الكشف عن الأمراض المعدية لدى أحد الأطراف ومعالجتها قبل أن تنتقل للآخر، والتّنبيه لإحتمال وجود أمراض وراثيّة والتّوجيه إلى إجراء فحوص مختصّة في حالة وجودها في العائلة، والإشارة إلى إختلاف فصيلة الدمّ لتفادي الإجهاضات المُتكرّرة أو وفاة الجنين، كما تشمل العيادة التّأكّد من السّلامة من بعض الأمراض المنقولة جنسيّا .