حين يكون اسمك مجيد يجب أن تبذل جهدا مضاعفا ليحترمك الآخرون!

Friday 17 December 2021 4:31 pm
حين يكون اسمك مجيد يجب أن تبذل جهدا مضاعفا ليحترمك الآخرون!

مجيد بوقره

يمني سبورت
----------

 

أتعاطف كثيرا مع مجيد بوقرة، ربما تأثرا بمعرفتي به، إنه صاحب أخلاق رفيعة وتربية أصيلة وتواضع نادر، قلّما ما أجده في نجوم الكرة.

لم يتكبر يوما عن الصحفيين والمشجعين، أتذكر في عنابة أن مشجعا دق باب غرفته بفندق "صبري" في ساعة متأخرة من الليل، وأظنها جاوزت الواحدة صباحًا، وفيما استيقظ والتقط معه صورا وعاد للنوم، جرب المناصر مع لاعب آخر فكاد يعتدي عليه جسديا.

مجيد عاش طفولة ممزوجة بالفقر والحرمان في بيت مساحته 40 متر مربع نواحي ديجون الفرنسية، والده كان طلاءً، واضطر للتوقف عن العمل بسبب مشكلات في التنفس، وبعد بطالة طويلة غادر فيها شقيقاه الأكبر منه سنا بعيدا بحثا عن لقمة العيش، وجد الوالد عملا إذ صار عامل نظافة يشتغل في سلالم العمارات.

مجيد بدوره عمل في التنظيف، كان يحمل سطلا ومنشفة وينظف "الميترو" كما اشتغل مساعد بناء وفي العتالة وحمل الاغراض ومواد البناء والأثاث، عانى النظرة الدونية في فرنسا، بل وذاق أسوأ أنواع العنصرية في بلد الحريات الذي يرفع شعار الحرية والمساواة والأخوة.

يقول مجيد عن الحياة في فرنسا “لو كان اسمك محمد أو مجيد أو ممادو فإنك ستعاني الكثير، وعليك أن تبذل مجهودا مضاعفا لكي يحترمك الآخرون!”.

لم يحظ بفرصة تكوين في المدارس الفرنسية، رفض في كل مكان، كل ما حققه جهد شخصي، بإرادة وعزيمة من فولاذ.

حين التحق بفريق ?ينيون في الدرجة الثانية الفرنسية ليحترف الكرة متأخرا جدا وعمره جاوز العشرين، أمره المدرب زفنكا فيكتور أن يفطر نهار رمضان، لم يحترم مشاعره ومعتقداته.

يقول عن إحساسه لحظتها في تصريح لصحيفة "الدايلي ريكور" البريطانية “لقد صدمني الأمر، كان يطلب مني الإفطار دون أدنى احترام لمعتقداتي... يوم الجمعة، وحينما كنا نحضر بالقميص تأهبا لصلاة الجمعة كانوا يحتقروننا ويصفوننا بعبارات خادشة”.

 قبل أن يتبع ”كانوا لا يحترمون ديننا الإسلامي، والمسلمون ليس لهم مكان في الفريق حتى ولو كانوا الأفضل”.

لم يتخلص مجيد من النظرة الدونية والمعاملة العنصرية إلا بمغادرته فرنسا عام 2006 نحو إنجلترا مهد الكرة، وهناك انفتحت أمامه كل الأبواب، وبدأ يتوهج مع المنتخب الوطني ???? الذي حقق معه حلما قديمًا.

وبخلاف بعض اللاعبين الذين اكتشفوا أنهم جزائريون فجأة أو بشكل عرضاني، مجيد الفرنسي غير المرغوب فيه كان جزائري الروح والهوى والتنشئة، عاشق للمنتخب الوطني، لعب لمنتخب الآمال الوطني في وقت القحط الكروي

كما كان يقضي الصيف في الجزائر، ويذكر صديقي وزميلي مهدي تافرت أنه كثيرا ما كان يجده في إحدى مقاهي الأنترنت بالحي واقفا في طابور ينتظر دوره ليدخل مقهى الأنترنت.

مجيد لا يعيش في فرنسا، غادرها مكرها، إنها تذكره بالجحيم، اليوم يعيش فصلا جديدا من حياته في التدريب، يملك شهادة AFC PRO وهي أعلى شهادة تدريب يُقدمها الإتحاد الأسيوي لكرة القدم تعادل UEFA PRO، أرفع شهادة في عالم تدريب ويتطلع إلى مستقبل منير.

في دورة كأس العرب 2021 وفي أول سنة تدريب وفيما يحوم شبح بلماضي من حوله وفي كل مكان، برهن على كفاءته،  وتفوق على مدربين من عدة جنسيات أكثر منه خبرة.

 مدرب منتخب السودان الأول الفرنسي هيبرت فيلود، ومدرب لبنان الأول التشيكي إيفان هاشيك، وسيطر 70 دقيقة على منتخب مصر الأول بقيادة البرتغالي كارلوس كيروش الذي درب ريال مدريد و6 منتخبات، وأطاح بالمغرب ومدربها عموتة أقوى فرق الدورة وحامل اللقب، وهزم منتخب قطر الأول على أرضه بقيادة الاسباني فيليكس سانشاز، وسيلعب غدا لهزم منتخب تونس الأول بمدربه منذر الكبير..

فبالتوفيق لمجيد "الماجيك" و"الخضر" وجيبوها يا لولاد .

 

نجم الدين سيدي عثمان

صحفي جزائري