بمقدور رياضة الفروسية في الكويت أن تتصدر مشهد البطولات (خليجيًا وعربيًا)، وحتى (دوليًا)، وباستطاعتها المنافسة على الألقاب وحصد الكثير من الجوائز والكؤوس وكتابة سطر جديد من الألق والإبهار، يضاهي ما حققته الرياضة الكويتية في أيام "مضت" وسنوات "خلت".
بوسع رياضة الفروسية في بلادي الحبيبة "الكويت"، أن تخرج من قمقمها وتقفز خطوات كبيرة إلى الأعلى، وتنطلق بسرعة الصوت نحو الأمام، متجاوزة كل العثرات والمصاعب التي وُضعت عنوةً في طريقها، لتشعل شمعة في ليلٍ حالكٍ بالسواد، وتكتب بنور الشفق حروف الألق لـ "آت جديد".
باستطاعة فروسية الكويت، أن تعانق (المجد) من أوسع أبوابه، وتفتح طريقًا مبهرًا للتميز، إذا ما ترك الاتحاد العام للفروسية حالة "الخمول"، التي تستوطن جسده منذُ تأسيسه، وانتفض في وجه العراقيل التي تُكبل وتقيّد انطلاقته، بعيدًا عن حالة التراخي واللامبالاة التي يبدو أنها قد أخذت مأخذها من تفكير وتدبير القائمين على شؤونه، وكانت سببًا في تأخرها، وعاملًا في تواضع سباقاتها.
بالقدر الذي تملكتنا فيه السعادة بتأسيس الاتحاد الكويتي لرياضة الفروسية، إلا إننا نشعر بغصة كبيرة في حلوقنا من هكذا عمل، إذ أنه من المؤلم أن تظل فروسية الكويت أسيرة للأهواء والأمزجة، ومكبلة بالكثير من العقبات والصعاب التي باستطاعتنا جميعا تجاوزها والقفز على أسوارها الشائكة، (وإن لم تكن كذلك)، بقليل من الإرادة والعزيمة والتصميم، ومتى ما شعرنا بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقنا، بعيدًا عن التسويفات التي تؤخّر ولا تقدّم، وتحبط ولا تحفّز.
لماذا كل هذا التعقيد؟ ومن مصلحة من تتأخر رياضة الفروسية في بلادي؟، هل يعقل أن تظل مشاركة الفارس أو الفارسة الكويتية وتمثيل البلد "خارجيًا"، محصورة بكل هذا الكم الهائل من التعقيدات؟ وهل من المنطق، أن تبقى حدود أمنياتنا تراوح مكانها على الصعيد المحلي وعدم الانطلاق في فضاء الإنجازات الخارجية وكتابة أسم (الكويت) في المحافل الدولية؟
هل من العدل، أن تظل نوادي الفروسية المعترف بها من قبل هيئة الرياضة، بتلك الصورة القاتمة؟، وهل من الحصافة في شيءٍ أن يتم مشاركة أي فارس أو فارسه إلا عبرها، وهي التي تفتقر إلى أبسط مقومات النجاح، أيعقل، أن تظل مواسم الفروسية بهذا المستوى المتدني المفتقر إلى كل صور (الإجادة والتشويق والأثارة والقوة)، كما هو الحال عند أقراننا في دول الخليج.
متى نعي أن رياضة الفروسية تعبّر عن (أصالتنا وثقافتنا العربية)، لكن مؤسف حقًا ما يجري في بلادي تجاه هذه الرياضة الأصيلة التي شهدت تطورًا كبيرًا عند اقراننا في دول الخليج والمنطقة العربية بأسرها، وقفزت بهم إلى مسارح العالمية، ونحن لا زلنا نحبو في غياهب التجاهل المتعمد والتخاذل الممنهج لرياضة المفترض أننا أول من يتباهى بها ويشعر بالزهو حيالها، بالنظر إلى ما كانت عليه عند أجدادنا الأوائل.
أشعر بحسرة كبيرة من الحال المائل الذي أشاهده أمامي، وترتفع نسبة الألم حين أرى أن رياضة فروسية المرأة بالذات، محاطة بكم هائل المعيقات، أولها وليس آخرها عدم تفعيل دور فارسات القدرة والتحمل، وعدم وجود سباقات خاصة بالفتيات في الوقت الحالي، في الوقت الذي يتم تسهيل وتوفير كل الإمكانيات المتاحة لأخواتنا في دول الخليج لممارسة هذه الرياضة، وانتظام المسابقات فيها، الأمر الذي انعكس ايجابًا على تطور اللعبة ورقيّها عندهم، وتأخرها بمسافات ضوئية عندنا.
متى نفهم وندرك أن شعوب العالم كلها تهتم وتدعم رياضة الفروسية وتوليها وتسخّر لها كل الإمكانيات والوسائل، باعتبارها جزء أصيل من تاريخ وعنوان وثقافة وحضارة كل بلد، وسباقاتها باتت من أهم وأقوى الاحداث الرياضية وجوائزها أكثر قيّمة وأهمية، أما آن الآوان لرياضة الفروسية الكويتية أن تنطلق دون كوابح وعُقد ومنغصات لتتصدر المشهد "داخليًا"، و "خارجيًا"، كما نأمل ونتمنى.