عبدالجبار.. أمير البحار

Monday 14 July 2025 12:29 pm
عبدالجبار.. أمير البحار

عبدالجبار

يمني سبورت
----------

 

أ.د مهدي دبان

خرج من صخور جبال القلوعة المطلة على المحيط، لا يهاب أحداً، يتملك قلباً شجاعاً وموهبة ربانية قل أن تجد لها مثيلاً. ارتدى قبعة القيادة وشارة القبطان وهو في سن مبكرة، وركب أمواج البحار وشق طريقه بثبات وسط عواصفها العاتية. لم يكن مجرد لاعب، بل كان حارساً أميناً لنوارس البحر ولمنتخب اليمن الجنوبي بمختلف فئاته.

لم يكن ضخماً أو مفتول العضلات، لكنه كان ذكياً، نبيهاً، يمتلك كل المهارات التي جعلته يتربع على عرش الحراسة، ويصبح الحارس الأول للمنتخب، وتلك ميزة لا تُمنح إلا لمن يستحقها. هو الكابتن عبدالجبار عباس، الشهير بـ"الجباري"، ذلك الاسم الذي نقش بحروف من ذهب في ذاكرة كرة القدم الجنوبية.

لأنه من البحر، فقد تشبع بصفاته: كريم، معطاء،  ولأنه نشأ في بيئة البسطاء، بين حواري القلوعة، منجم الذهب والأحجار الكروية الجميلة، كان مبتسما،بسيطا، ودودا و أصيلاً، ابن بلد، لا تغيره المراكز ولا تبهته الأضواء.

لم تقتصر مسيرته على الملاعب، بل كان أيضاً مهندساً، خريج كلية الهندسة، وشيد العديد من الطرقات التي لا تزال شاهدة على بصماته. والمفارقة المدهشة، أنه كان يفتح الطرق للناس في مهنته، ويغلقها على المهاجمين والخصوم في الملعب، حارساً أميناً، ورباناً رائعاً لناديه ومنتخب وطنه.

لطالما كان حلمي أن أقف إلى جانبه يوماً، أو ألتقط معه صورة واحدة، فإذا بالقدر يبتسم لي، ويمنحني شرف مرافقته ولو لفترة قصيرة في صفوف نادي الميناء العريق، الذي كان عريقاً وأصبح اليوم غريقاً. شجعني في بداياتي، احتضن وجودي بين الكبار، وكان أكبرهم تاريخا. لم يبخل علينا يوماً بالنصح أو الدعم، فكان أخاً، قدوة، ونجماً في عيون كل من عرفه.
هكذا كان عبدالجبار... أمير البحار، حارس النوارس، ومهندس الطرقات والقلوب. ترك أثراً لا يُمحى في الملاعب وبين الناس، وبقي اسمه محفوراً في وجداننا، رمزاً للفخر والانتماء، شفاه الله وعافاك.