كرة القدم اليمنية بين الارتجال والحاجة إلى التخطيط المؤسسي

Friday 22 August 2025 10:45 am
كرة القدم اليمنية بين الارتجال والحاجة إلى التخطيط المؤسسي
يمني سبورت
----------

 

أ.د مهدي دبان

العمل الغير مؤسسي والمتخبط لا يمكن أن ينتج إلا قرارات ارتجالية، بعيدة عن العقلانية، تحول المشكلة الصغيرة إلى معضلة كبرى، وتفتح الباب أمام لعبة القط والفئران لتصبح هي المسيطرة. لا يُعقل أبداً أن تُدار كرة القدم بهكذا عقليات، خصوصاً حين تتشابه أنماط التفكير بين كل الأطراف: اتحاد، مدربين، إداريين. التعامل مع مدربي المنتخبات الوطنية والأجهزة الفنية وكأنها عقود مقاول يومي أو مصروف مؤقت "اشتغل بلقمتك"، لن يصنع أبداً منتخباً متميزاً. والكلفتة في اختيار اللاعبين مثال صارخ: ففي ساعة ونصف يتم اختبار خمسين لاعب أو يزيدون، ولو كان روبوتاً يعمل بالذكاء الاصطناعي لما استطاع إنجاز ذلك.

قرارات ارتجالية بالتعيين يعقبها الإقالة، واختيارات محصورة وغير منفتحة على الكفاءات العديدة الموجودة في الساحة، هي سمة المشهد الحالي. بينما المطلوب هو إعطاء الفرصة لمدربين أكفاء ضمن عقود احترافية دقيقة، وخطة استراتيجية طويلة الأمد، مع ضمان حقوق كل طرف وتوزيع المهام بشكل واضح لا لبس فيه. أما حكاية "مصور المنتخب" أو "منسق إعلامي"، فيجب أن ترتقي إلى مستوى مؤسسي حقيقي، عبر التعاقد مع مؤسسات إعلامية متخصصة وفق شروط مضبوطة، بعيداً عن المهاترات، وعن من يلتقط صورة بكاميرا ليُعامل وكأنه "جاب الذيب من ذيله".

إن كرة القدم صناعة وليست مغامرة، وتحتاج إلى إدارة علمية رصينة، وتخطيط سليم قائم على الرؤية والاستمرارية. ما لم تُصاغ المنظومة من جديد وفق قواعد مؤسسية واضحة، فستبقى النتيجة "لخبطة في لخبطة"، ويظل المنتخب ضحية تخبط إداري وفني. آن الأوان لإعادة البناء بروح علمية، تضع مصلحة الرياضة فوق الأهواء، وتعيد للكرة بريقها، وللجمهور ثقته، وللوطن منتخبات يليق به أن يفاخر بها.