يعد النوم أقوى مُحسِّن للأداء ومصدر للصحة، لكن من المؤسف أننا لا نحصل على قسط كافٍ منه. فهل من الممكن إذن النوم بسرعة - وما الذي يُساعد حقاً؟
هل يُمكنك حقاً النوم في خمس دقائق؟
ويقول الدكتور جاي ميدوز، المدير السريري والمؤسس المشارك لمدرسة النوم: «بينما قد يُشير النوم في أقل من خمس دقائق من حين لآخر إلى صحة نوم جيدة وكفاءة، فإن النوم لمدة خمس دقائق أو أقل باستمرار قد يكون أيضاً علامة على النعاس المفرط أو الحرمان من النوم».
ويقول ميدوز إن متوسط ما يحتاج إليه الشخص الذي ينام نوماً صحياً هو 15 إلى 20 دقيقة. وإن بعضنا ببساطة يسقط في النوم بسرعة أو بسهولة، ويتابع لصحيفة «تلغراف» البريطانية: «بعض الناس أكثر استعداداً للنوم بسرعة بسبب عوامل مثل الوراثة، ومستوى جودة نومهم، وانخفاض مستويات التوتر، والنشاط البدني المنتظم، والصحة النفسية الجيدة». كما تختلف كمية النوم التي نحتاج إليها - فبينما يحتاج الأطفال إلى أكثر من 14 ساعة في الليلة، يحتاج البالغون إلى نحو 7 ساعات. وإليك ست نصائح للنوم أسرع:
1. عرّض عينيك للضوء أولاً
ويقول راسل فوستر، أستاذ علم الأعصاب اليومي في جامعة أكسفورد ومؤلف كتاب «وقت الحياة: العلم الجديد للساعة البيولوجية، وكيف يُمكن أن يُحدث ثورة في نومك وصحتك»، إنه عندما يتعلق الأمر بالقدرة على النوم بسرعة، فإن ما نفعله خلال النهار لا يقل أهمية عما نفعله عند النوم.
ويضيف: «ينبغي على معظمنا الحصول على أكبر قدر ممكن من ضوء الصباح الطبيعي لتحسين فرصنا في النوم لاحقاً في ذلك اليوم. فقد ثبت أن هذا يُحرّك الساعة البيولوجية إلى وقت أبكر، مما يساعدك على الشعور بالنعاس أكثر عند النوم». وساعتنا البيولوجية، أو إيقاعنا اليومي، هي «الساعة الداخلية» التي تعمل على مدار 24 ساعة وتنظم دورات نومنا واستيقاظنا.
ويوافقه جاي ميدوز الرأي. يستعد جسمك للنوم بشكل طبيعي منذ لحظة استيقاظك، وهناك أشياء يمكنك القيام بها في وقت مبكر من اليوم لمساعدتك على النوم بشكل أسرع. إن دخول الضوء إلى عينيك أولاً يُشير إلى جسمك ببدء اليوم والعد التنازلي لوقت النوم.
ويتابع ميدوز: «الآن، مع عمل المزيد منا من المنزل، لم نعد مُضطرين للخروج يومياً. وللتغلب على ذلك، أتمشى حول المنزل كل صباح دون نظارات شمسية لأدخل الضوء إلى عيني وأضبط إيقاعي اليومي. هذا يُنشئ نمطاً رائعاً من التزامن اليومي ويُساعد على تحسين جودة نومي في تلك الليلة».
2. لا تأخذ قيلولة أبداً بعد الساعة الرابعة مساءً
وكانت القيلولة القصيرة من بعد الظهر شائعة تاريخياً في جميع دول البحر الأبيض المتوسط، ويعود ذلك إلى حد كبير إلى مناخها الدافئ وميلها إلى تناول أكبر وجبة في منتصف النهار.
ومع أن القيلولة لها فوائدها الصحية، توخَّ الحذر عند أخذ قيلولة نهارية لضمان قدرتك على النوم ليلاً: ويقول البروفسور فوستر: «أولاً، إذا كنت ترغب في أخذ قيلولة نهاراً بانتظام، فمن المحتمل أنك لا تنام جيداً ليلاً. ومع ذلك، فإن القيلولة العرضية ستحسّن اليقظة والأداء بعد الظهر، بشرط ألا تتجاوز 20 دقيقة وألا تكون قبل موعد النوم بست ساعات، وإلا فستؤخر وقت النوم».
وبعد أن تنام أخيراً، يمر جسمك بأربع مراحل مختلفة ضرورية لنوم هانئ. تبدأ المرحلة الأولى بالنوم الخفيف، والخطوة الأخيرة هي نوم حركة العين السريعة الذي يمكن أن يستمر من 10 إلى 60 دقيقة.
3. تجنب ممارسة الرياضة قبل موعد النوم مباشرةً
وتعد ممارسة الرياضة مفيدة لقدرتنا على النوم، ولكن كما هو الحال مع القيلولة، تجب ممارستها بشكل صحيح. ويتابع فوستر: «بالنسبة لمعظمنا، تُساعد ممارسة الرياضة على تنظيم دورة النوم والاستيقاظ وتُقلل من الأرق. ومع ذلك، قد تُسبب ممارسة الرياضة قبل ساعة أو ساعتين من موعد النوم مشكلةً، إذ تُؤثر على الساعة البيولوجية للجسم وتُؤخر بدء النوم»، ويضيف الخبير أن ممارسة الرياضة القوية تحديداً لا يُنصح بها، لأنها قد تُسبب «نشوة العداء»، والتي بدورها تُؤخر النوم.
4. فكّر في الفراش الجيد
يعتقد البروفسور فوستر أن مراتبنا مهمة عندما يتعلق الأمر بنوم هانئ، ولكنه يُشير إلى وجود دراسات علمية قليلة تُؤكد ذلك. ويتابع: «مع ذلك، تُشير الأبحاث إلى أن المرتبة الجيدة والفراش المُناسب يُمكنهما نقل الحرارة بعيداً عن الجسم، مما يُخفض درجة حرارة الجسم الأساسية، وهذا يُمكن أن يُقلل من الوقت اللازم للنوم ويُعزز النوم العميق ذا الموجة البطيئة».
ويقول إنكِ قد تحتاجين إلى مرتبة جديدة إذا كانت مرتبتكِ الحالية مترهلة أو غير داعمة، أو إذا استيقظتِ وأنتِ تعانين من آلام في ظهركِ أو أطرافكِ. ويردف: «وهل مرّ أكثر من سبع سنوات منذ شرائها؟ هل تزداد حساسيتكِ أو تظهر عليكِ أعراض الربو أثناء النوم؟ إذا كان الأمر كذلك، فقد يكون الوقت قد حان للتفكير في شراء مرتبة جديدة». وينصح بشراء مرتبة أكثر برودةً وتهويةً، ويقترح عليكِ زيارة صالات العرض أو المتاجر الكبرى لتجربة بعضها.
فيما يتعلق بدرجة الحرارة، يقول جاي ميدوز إننا ننام بشكل أفضل في غرفة باردة، وإن درجة الحرارة المثالية لغرفة النوم تتراوح بين 16 و17 درجة مئوية.
5. التزم بروتين للنوم مثل حمام دافئ
يزدهر إيقاعنا اليومي بالروتين، لذا احرص على الاستيقاظ والذهاب إلى الفراش في نفس الوقت كل يوم، مما يُسهّل الاستيقاظ والنوم. ويقول فوستر: «هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث، ولكن من المعلوم أن الزيوت المهدئة، مثل اللافندر، تُحسّن النوم أيضاً، ويمكن أن تكون جزءاً مفيداً من روتين وقت النوم». والحمام الدافئ جزءٌ مفيدٌ أيضاً من روتين «التحضير للنوم»، لأنه يُدفئ الجلد، مما يزيد من تدفق الدم من مركز الجسم، وهو ما أظهرت بعض الدراسات أنه يُقلل من الوقت اللازم للنوم.
وأخيراً، يُنصح بجعل غرفة نومك ملاذاً للنوم: «يجب أن تكون غرفة نومك هادئةً ومظلمةً وهادئةً، لذا حاول ألا تعمل فيها خلال النهار».
6. تجنب الأجهزة الإلكترونية في السرير
ويقول فوستر: «كنتُ أتعامل بفظاظة مع اليقظة الذهنية في الماضي عندما كانت البيانات عنها شحيحة. أما الآن، فأعرف أن تقنيات اليقظة الذهنية يمكن أن تساعد في تخفيف ضغوط النهار، التي تُعدّ مُسبباً قوياً لاضطراب النوم».
في عام 2015، وجدت دراسة أن من مارسوا اليقظة الذهنية قبل النوم ناموا بشكل أفضل، ويعتقد الباحثون أن ذلك يعود إلى تهدئة الجهاز العصبي وتقليل القلق، مما يُساعد على الاسترخاء قبل النوم، وفي هذا الصدد، يقول فوستر: «معظم الناس لا يعانون من مشاكل في النوم، بل يعانون من مشكلة قلق، ويمكن أن تكون اليقظة الذهنية أي سلوك يُهدئك قبل النوم. سواء كان ذلك القراءة أو بعض تمارين التنفس. يجب ألا تكون اليقظة الذهنية ممارسة مُحددة، وألا تستغرق وقتاً مُحدداً».
ويقول ميدوز إن اليقظة الذهنية قد تشمل اختيار التركيز على ملمس اللحاف على قدميك أو على حركة أنفاسك لبضع دقائق. وينصح أيضاً بعدم استخدام الأجهزة الإلكترونية قبل النوم، ليس بسبب الضوء، ويقول: «بل بسبب ما قد تراه من أشياء تُسبب لك التوتر. لهذا السبب، توقفتُ عن متابعة الأخبار على هاتفي قبل النوم. حتى رسالة بريد إلكتروني من مديرك قد تُسبب لك توتراً شديداً قبل النوم، لذا تجنب الأجهزة الإلكترونية».