"وايت هارت لاين" يوقظ صداقة اندثرت

Monday 30 November -1 12:00 am
"وايت هارت لاين" يوقظ صداقة اندثرت
----------

2013927112458609734_20تتشعّب عناوين الدربي اللندني المُرتقب السبت بين توتنهام هوتسبرز وضيفه تشلسي ضمن سادس مراحل الدوري المحلّي لكثرة المآرب؛ ففي الظاهر جموح للانسلال نحو قمّة الترتيب وما يعني ذلك من طموحات بعيدة، وفي الباطن عضّ خفيّ على النواجذ وشدّ حبال بين الربانين اللدودين بواش، التلميذ سابقاً والقائد حالياً بتمرّد غابر، ومورينيو المعلّم الساعي لإثبات مقولة العين لا تعلو فوق الحاجب. فهل يقوى التلميذ على أحد ملقّنيه أبجدية الكرة أم يبقى المعلّم، معلّماً؟.

غبار الـ"وايت هارت لاين" لن يحيد نظرنا عمّا سيدور من رحى في بقع أخرى، فآرسنال أمام فرصة تمتين صدارته إن أحسن تقدير مخاطر مضيفه سوانسي، ومانشستر سيتي في حالة مماثلة، سيّما إن أدرك أن أستون فيلا ليس باللقمة السائغة حين يكون "فيلا بارك" ممتلئاً، أما يونايتد فأغلب الظن أنّه سيعيد مدّ جسور الثقة مع محبّيه المحتشدين منذ الآن في "اولد ترافورد" تمهيداً لاستقبال وست بروميتش ألبيون، لكنّه (دربي لندن) سيكون بنكهات متنوّعة قطعاً.

بموازاة جديد الـ"بريمييرليغ" هذا العام واستحضاره لذكريات طيّبة جافت كباراً لزمن خصوصاً آرسنال، ستوقظ قمّة "وايت هارت لاين" ماضياً طيّباً بذكراه مرّاً بحاضره، لرجلين جاورهما القدر رغم مباعدة السنين (بواش 35 عاماً ومورينيو 50 عاماً)، فنشآ سوياً متتلمذين في بورتو على يدّ السير الراحل بوبي روبسون، ثمّ شدّا أواصر القربى الفنية لحقبة عمّرت سبع سنوات، اغتالتها فيما بعد طموحات بواش وسلطوية مورينيو.

لم يسبق أن تزامن وجود الرجلين على البساط الأخضر إلا وكان الهدف واحداً. هذا كان في الماضي أما اليوم فقصة أخرى وأهداف لا تلتقي، هي قطعاً أبعد من نقاط ثلاث يحتاجها المدرّبان ظاهرياً للمنافسة وضمنياً لتبريد دفائنهما كلّ تجاه الآخر؛ فبواش يحدوه أمل التنكّر للتاريخ كي يصبح هو المعلّم، ومورينيو، الرازح تحت جبال من الضغوط، يجتاحه رجاء التأكيد أنّ اليوم ما هو إلا امتداد لـ"سيادته" في الأمس.

أوّل مجاورة للبرتغاليين كانت محلّية عام 1994، حينما كان مورينيو مساعداً لروبسون في بورتو بعد أن كان مترجماً له في سبورتنغ وبواش -الخجول- مراهقاً صدف سكنه في نفس المبنى مع الـ"سير"، الذي راقه الشاب الصغير بعدما راسله الأخير مرّة وخاطبه لائماً على استبعاد المهاجم دومينغوس أوليفيرا من الفريق الأوّل، ما أثار إعجاب المدرّب ودفعه بعد استدعاء ومحادثة فنية لتبنيه موكلِاً إليه مهمّة في قسم المراقبة والاحصاءات في بورتو ثمّ ساعده في الحصول على شهادة تدريبية رغم صغر سنّه.

بعدها بسنتين غادر مورينيو في تحدٍّ جديد مع روبسون نحو العريق برشلونة، فيما بقي بواش في بورتو، حيث عاد الاثنان واجتمعا عام 2002 مع عودة الأوّل، لكن هذه المرّة كمدير فني. فكان أول أشكال التعاون الحقيقي بين الطرفين حين كان مدرّب تشلسي يستعين وقتها بتقارير الكشّاف بواش عن الفرق الأخرى ويعتمد عليها فنياً في وضع خطط فريقه، ما أفضى لشراكة جديدة في تشلسي، حيث اصطحب مورينيو معه، زميله بواش كمسؤول عن الكشّافين في الفريق حين تولّى قيادته الفنية عام 2004 وقد استمرّ الثنائي في "ستامفورد بريدج" حتى 2007 حاصدين النجاحات وكان مورينيو يصف بواش بـ"عينيه وأذنيه" فيما يقول الأخير عن معلمه بإنه من أعظم المدربين.

حقبة الرجلين امتدّت لإيطاليا، حيث استلم مورينيو دفّة انتر عام 2008 مصطحباً معه مرة أخرى الطموح بواش، الذي كان يواصل دوراته التدريبية مطارداً حلمه وآملاً أن يصبح صاحب الكلمة الفصل على الميدان، وكانت شخصيته أكثر تبلوراً في تلك الفترة، فبدأ يسند النصح لمورينيو، وهو يقول إنه صاحب الرأي في إعطاء إيتو دوراً كبيراً في الهجوم وليس رأس حربة فقط.

نُضج بواش وعصاميته دفعاه للبحث عن جديد فقرّر ترك إنتر وصورة الظلّ لمورينيو واستلام مهام المدير الفني في أكاديميكا عام 2009 في أوّل فرصة كبيرة حقيقية له -علماً بأن كان له تجربة مع الجزر العذراء البريطانية عام 1998، عاد إثرها لمهام الترصّد الكروي- ومع خطوته الجريئة انتهت قصة سبع سنوات مع الـ"سبيشال وان" وكانت بداية انكسار جرّة الصداقة، بعدما عارض الأخير انتقال "كشّافه" فيما كان تضارب الآراء الفنية آخذاً في الظهور مع فكر بواش التحرّري ونظيره التلقيني لمورينيو، الذي كان يرفض منح مواطنه دوراً فنياً أكبر.

ويقول بواش عن هذا الانفصال: "انفصالنا جاء لأنني كنت مفعماً بالطموح لإعطاء مورينيو شيئاً إضافياً ولعب دور أكبر مما كنت عليه في ذلك الوقت، وقد شعرت بأنني أستطيع تقديم الكثير، إلا أن مورينيو كان يرفض وجود أحد بجانبه أو كمساعد، ونتيجة لذلك وجدت أنه الوقت الملائم بعد إنتر لمتباعة طريقنا كلّ على حدة".

بعد الفراق غير الودّي بدأت العدائية تظهر بين الطرفين، ووصلت إلى درجة متقدّمة حين أسندت مهمّة المدير الفني لبورتو، للشاب بواش عام 2010، الفريق الذي يملك فيه مورينيو تاريخاً حافلاً ولقب الأبطال عام 2004، فلم ترقه رؤية تلميذه السابق ينمو بهذه السرعة لا بل يتحوّل إلى منافس جدّي على مستوى القارة فيما هو لم يرد له أكثر من كشّاف وجامع معلومات.

رغم مرور السنين لم تجد علاقة صديقي الأمس من يرمّمها ويعيد إليها شيئاً من ودّها السابق، واليوم مع وصول الأوضاع إلى التنافس الكروي المباشر ستكون الأمور أشدّ عداوة دون شكّ، كيف لا والتلميذ النجيب الذي يحترم مورينيو دون وجود أيّ صداقة أو صلة معه، على حدً قوله، قال أيضاً: "لم نعد أصدقاء.. لا أكترث له اليوم".