قبيل إقالة الأخ خالد بحاح من منصبيه كرئيس وزراء ونائب رئيس جمهورية كانت وسائل الإعلام الممولة من مراكز القوى داخل صف الشرعية تشن حملة شعواء تتهم رئيس الوزراء (وحده) بالفشل وكان واضحا أن المسألة تمهيد لإخراج الرجل الذي تميز بالديناميكية والكفاءة واللباقة وعدم التورط في أية صراعات سياسية سابقة من المشهد، وعند إقالته انهالت الوعود للمواطنين بالمن والسلوى والنعيم والفردوس الذي سيأتي به بن دغر وحكومته/ رغم أن هذه الحكومة تتكون من نفس وزراء حكومة خالد بحاح باستثناء اسمين أو ثلاثة لم يقدما جديدا يذكر عدا توظيف أقاربهم وأحبابهم في وزراراتهم.
وجاء بن دغر. . . .وليته لم يجئ!
لسنا بحاجة إلى تعداد المآسي التي أتت بها حكومة بن دغر، فلم يعد هناك مجال من مجالات الحياة في المناطق المحررة (محافظات الجنوب) لم تصل إليها أيادي العابثين، ولم يطلها الفساد والتخريب المتعمد من قبل حكومة بن دغر.
شخصيا صارت لدي قناعة كاملة أن ما يتعرض له الجنوب على يد حكومة بن دغر ليس فشلا أو عجزا أو سوء تصرف بالموارد، لأنه لو كان الأمر كذلك لشهدنا وزارة أو مؤسسة أو هيئة واحدة تفي بواجباتها تجاه هذه المناطق، بل إنني أؤمن إيمانا مطلقا أن ما تقوم به هذه الحكومة تجاه الجنوب هو عمل متعمد ومقصود الغرض منه إلحاق الأذى بالجنوب والجنوبيين عقابا لهم على ما اجترحوه من مأثرة عجزت حكومة الشرعية وحلفائها البالغ عددهم فوق العشرة مليون (على افتراض ان نصف الشمال معها وهي تدعي ان أنصارها هم كل الشعب في الشمال) عن الأتيان بمثلها.
لسنا بحاجة إلى البرهان على أن حكومة بن دغر هي الأسوأ في كل تاريخ الحكومات اليمنية شمالا وجنوبا، لكن اللغز الذي يحتاج إلى فك هو لماذا يتمسك الرئيس هادي بهذا النوع من الحكومات؟ التي لا تصنع له إلا المزيد من المآزق والإحراجات مع قاعدة جماهيرية هو أحوج ما يكون إلى كسب ودها؟
ما يحتاجه الرئيس هادي هو حكومة كفاءات وطنية غير خاضعة للابتزاز الحزبي وغير تابعة لمراكز القوى التي تبتز الرئيس هادي نفسه، حكومة تتصرف بمسؤولية تجاه التزاماتها وتستطيع كسب رضى الجماهير المتعطشة لأربع ساعات كهرباء بدون انقطاع، وجرعة دواء سهلة المنال وشربة ماء نظيفة وشوارع نظيفة بلا أكوام القمامة وبلا بحيرات الصرف الصحي ولحظة أمان بلا قتل وتقطع وغيرها من تلك البديهيات الضرورية التي غيبتها عن المواطنين حكومة بن دغر.
للتذكير: عندما فضحت استقالة المستشار عبد العزيز المفلحي فساد حكومة بن دغر بقصة الخمسة المليارات التي حولها رئيس الوزراء إلى دولارات وبعثها إلى الخارج (كما جاء في رسالة المستشار المفلحي) قال إعلاميو بن دغر أنها سخرت لتحسين تقنية المعلومات، ونعلم أن رسالة الووتس أب تستغرق أربع أيام حتى تصل من وإلى اليمن، لكن بن دغر ما لبث أن كتب مقاله الجهبذ الذي تمخض عن المكرمة السعودية (الملياري دولار) كوديعة لدى البنك المركزي، وقد صور إعلاميو بن دغر هذا المقال على أنه منجز تاريخي لم يأت بمثله الأوائلُ، وربما كان المنجز الوحيد لحكومة الدكتور بن دغر، فهل كنا بحاجة إلى رئيس وزراء ليكتب رسالة توسل باسم الشعب اليمني بعد أن عجزت حكومته عن توفير راتب الموظفين الحكوميين في حين تحول المليارات إلى عملة صعبه لا أحد يعلم في أي بنك استقرت.
إنها حقا الحكومة المأزق التي لا يمكن إن تصل بالبلد إلا إلى قاع الحضيض إن كان هناك حضيضا أكثر مما أوصلتنا إليه هذه الحكومة.