الحقيقة هي أن العالم لم يعد يريد أن يرى القضية اليمنية غير قضية إنسانية حتى تثبت الحكومة الشرعية أن الجذر السياسي للقضية ، والمتمثل في تمرد المليشيات الحوثية على الدولة ونهبها ، هو سبب المشكلة . وأن السلام مرهون بانهاء هذا السبب الذي فجر الحرب.
الطريقة التي تدار بها محادثات السلام ، بتجاوز هذه القضية وبتغييب المرجعيات ، لن تتوصل إلى هذه الحقيقة بالمرة . حتى المفاهيم والتسميات التي تستخدم تعكس التجاوز المخل لتحديد طبيعة المشكلة .
أطلق على وفد المتمرين الحوثيين "وفد صنعاء"!! بأي منطق سياسي أو قانوني أو تفاوضي يمنح هذه التسمية للمتمردين.
هذا مجرد نموذج لمحاولات تكسير ديناميات الحل السلمي الحقيقي بتسويات لن تورث هذا البلد غير المزيد من الصراعات والحروب .
كان وزير الخارجية اليمني موفقاً اليوم في رده على الصحفيين بشأن اولويات المسار نحو الحل النهائي ، لكن ديناميات هذا الحل مختلة بكل المقاييس في اللحظة الراهنة التي تجري فيها المفاوضات ، فقد جاء الحوثيون وهم يرفعون علامة "النصر والصمود" وإلى جانبها الضغط الانساني الذي راهنوا عليه بتطويل زمن الحرب ، وما صاحبه من تفكيك للجذر السياسي للمشكلة التي خلقوها بانقلابهم المشئوم .
ما لم تستعدالحكومة المبادرة بإعادة انتاج ديناميات مفاوضات جادة للسلام ، يكون على رأسها حق الدولة في استعادة كل الاراضي والمنشئات المنهوبة من الانقلابيين بدون قيود ، فلن يكون أمامنا غير فراغ هائل يعمل الحوثيون على التمدد فيه ، ومن ورائهم مشروع قلب الطاولة على المنطقة كلها.