لكم دينكم؛ و لي دين.. !

Monday 30 November -1 12:00 am
----------
 
 
حاولت قراءة عدد من المنشورات في الفيس بوك بخصوص التفجيرات الأخيرة التي حدثت في عدد من الدول العربية، و من ضمنها السعودية، و العراق، و اليمن، و دول أخرى، لعلني أجد تفسيرات حقيقية تحاكي الواقع و تشرح سبب ما يحدث، لكن الغالبية ما زالت كما هي، تلقي اللوم، على عدوها الأبدي: الشيطان. 
 
الشيطان، ذاته، الذي يتم رجمه في السعودية ضمن شعائر مقدسة. 
حسناً.. هل هذا سبب يكفي، لكي يكف الشيطان عن فعله.. ؟! 
لماذا يستمر هذا المرجوم يمارس هوايته رغم أنف الجميع.. ؟! 
 
ثمة ما يمكن قوله هنا، كتفسير لذلك، و هو أن الإدانة مجازية عند الغالبية العظمى ، فالفعل بشري، لكن الشيطان أغواهم. و الشيء الثابت هنا أن الفعل مستمر. ذلك هو ما تعود عليه الغالبية قوله: الشيطان. 
 
لا أحد، عاقل، يُقدم على تفجير نفسه، إلا إذا كان لديه قناعة راسخة، و إيمان مقدس، بصواب ما يقوم به، مستنداً في ذلك إلى نصوص دينية، النصوص الدينية التي تعده بمكافأة مجزية، هناك في الجنة الموعودة: أنهار من الخمر و اللبن و العسل و سبعون حورية جزاءًا له لفعله كواجب ديني مقدس. ما عليه إلا أن يقتنع بأن عدوه كافر، و من ثم يتوجب قتله، كواجب ديني مقدس. 
 
و هنا : بيت القصيد الذي يهرب منه الغالبية، و يتحاشاه. عوضاً عن ذلك؛ يفعلون ما دأب عليه أجدادهم: إلقاء اللوم على العدو الوهمي المفضل و هو الشيطان، و ليس النصوص الدينية التي تدفع بهؤلاء ليفعلون ما يفعلونه. و التاريخ الإسلامي، كما غيره المسيحي، و اليهودي، و غيرهما، حافل بحوادث قتل مماثلة راح ضحيتها أبرياء. 
 
ما لم يتم وضع اليد على مكمن الخلل في ما يحدث؛ سيستمر القتل. القتل ذاته الذي هو في الواقع مستمر منذ قرون خلت؛ و ليس وليد الحاضر. و التاريخ الإسلامي ابتداءًا من الخلفاء الراشدين إلى يومنا هذا ، حافل بحوادث القتل. 
 
تجاوزت أوروبا، على سبيل المثال، عصرها الأسود، العصر الذي كان عنوانا لحوادث قتل بشعة تفوق أي تصور أو خيال. 
إنه قتل باسم الدين المسيحي الذي كان تحت سيطرة سلطة الكنيسة، لكن ذلك العصر الدموي الأسود، أوروبا تجاوزته بعدما أدركت ضرورة جعل الدين مجرد شأن خاص بين الإنسان و معتقده. أما الدولة، و كل دولة، فلها تشريعاتها المدنية المستندة إلى دساتير علمانية. 
 
ثمة دول غير عربية، لكنها إسلامية، و مع ذلك اتخذت العلمانية أساساً لدساتيرها مثل سنغافورة، ماليزيا و تركيا. و هي دول تقدم أمثلة على إمكانية أن تكون دول مسلمة دولاً علمانية : ناجحة و مزدهرة أيضاً. 
 
البداية الصحيحة ستؤسس، بالضرورة، لنهاية صحيحة، و القرآن حافل بنصوص تدعم مبدأ العلمانية الأساس، و لعل هذا النص، لا شك أحدها: لكم دينكم، و لي دين.