" القطعة السوداء "

Monday 30 December 2019 5:10 am
----------
أخبرني ذات مرة صديقي " الأسمر " بأنه يحلم بأن يكون مذيعاً لكنه يخشى أن يقف لونه حاجزا أمام حلمه! 
فقلت له: ياصاح، ألا تشاهد القنوات التلفزيونية الأخبارية : " الجزيرة، العربية، الحرة " - وأن كنا نتخلف معهم في أشياء - لكنهم جميعهم لديهم المذيع " الأسود " ، ياصاح ليس العيب في اللون، العيب في غياب المضمون، في غياب المقومات المهنية، العيب الحقيقي في أن نؤذ أحلامنا بسبب لوننا، ياصديقي قد يكون لونك أحياناً هو سبب تميزك! 
ياصديقي " أوبرا وينفري " أغنى مذيعة في العالم " سوداء اللون "، والرائع الذي أحبه جداً " ستيف هارفي " واحد من أشهر مقدمي البرامج حول العالم " أسود اللون "، أما عن سبب حبي له لأنه دائماً ما يدافع عنا نحن المسلمون، عكس أوبرا المتطرفة جداً في الدفاع عن " الكيان الصهيوني ". 
كم أحب وجود تلك " القطعة السوداء " في كل الأشياء، حتى وأن كنت لا أتفق معها كوجود عارضات أزياء ذات بشرة سوداء! 
ومنتخب إيطاليا، منتخب تلك البلد التي أهواها كثيراً لجمال طبيعتها، ووجود البندقية فيها، بلد ليوناردو دافنشي، مايكل أنجلو، وشيطان السياسة " نيكولا ميكافيلي
 " وأول لاعب كرة قدم أحببته " كريستيان فييري " بلد أجمل المأكولات حول العالم " المطبخ الإيطالي " مطبخ بيتزا، والمعكرونة، والأكلات البحرية الشهية، على كل هذا الجمال الإيطالي، وعلى موقف المنتخب الإيطالي المشرف في إهداء كأس العالم عام " ١٩٨٢" م للشعب الفلسطيني، لكن الطليان قبيحون تجاه الأفارقة، فهم عنصريون جداً تجاه البشرة السوداء! مؤخراً أصبحنا نرى تلك القطعة السوداء في المنتخب الإيطالي .
القطعة السوداء أصبحت في كل شيء في كراسي الحكم، في الإعلام، في الطب، وفي الفن وطالما ذكرت الفن من منا لا يعشق صوت الراحل المبدع كرامة مرسال! 
كم هو جميل ذلك فهم بشر مثلنا، يستحقون أن يكونون كما يريدون، يستحقون أن يصبحوا كما يحلمون، يستحقون أن يكونون أسياداً في قمة الهرم، لا مكتفون بمشاهدته .
في فترة ما من حياتي وجدت نفسي أصبح معلماً، وفي إحدى الحصص قال طالب أبيض لزميله الأسود بتغطرس شديد " ياعبد يا أسود " أمام زملائه في الصف، إجابته قائلاً: ومن فينا ليس عبداً، أنت عبد وأنا عبد وكلنا عبيد الرحمن، واحذر من قولك هذا فأن أبولهب كان من قريش وسميّ بذلك اللقب لشدة أحمرار خديه لكنه في النار، وبلال أسود حبشي كان خادماً لكن النبي سمع صوت قدميه في الجنة، وعبادة بن الصامت - رضي الله عنه - كان أسوداً لكن الفاروق عمر - رضي الله عنه - قال عنه بأنه رجلاً بألف رجل، وعنترة كان أسوداً لكنه كان فارس قومه وكم تمنيت لو أنه أدرك الإسلام، ولكن التمني يقال في اللغة لما لايدرك، لافرق ولافضل ياتلميذي بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى قالها خير البشر صلوات ربي وسلمه عليه .
ناصر بامندود