الزميلة الصحفية المخضرمة نادرة عبدالقدوس

Monday 30 November -1 12:00 am
----------

يُخيّل للزميلة نادرة عبدالقدوس، و هي صحفية مخضرمة، انها سطّرت ملحمة تاريخية حين كتبت قرار إعفائها من منصبها كما هو مفترض كقائم بأعمال رئيس مجلس إدارة مؤسسة 14أكتوبر – رئيس التحرير، على الرغم من أن ما كتبته ليس غير عمل سياسي عبر مقال، لكنه في نهاية المطاف أظهرها كأنها طفل بالكاد يتلمس خطواته الأولى في عالم السياسة.

 

أي إنسان غير واثق مما يقوم به، بالضرورة تجده يحاول أن يغطي على حقيقة ما يقوم به بإثارة أمور أخرى لا علاقة لها بما يقوم بها في الأساس؛ معتقداً انه بذلك ينجح في صرف الأنظار عن حقيقة ما يقوم به، و بالتالي يظهر في صورة تخيلية يصنعها عقله في خياله كنموذج تقمصي لشخصية بطل مغوار لا يشق له غبار.

و الزميلة الصحفية المخضرمة نادرة عبدالقدوس فعلت ذلك حين نشرت - في صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك- ما أسمته بقرار إعفاء من منصبها كرئيس مجلس إدارة مؤسسة 14أكتوبر– رئيس التحرير، لكنها، على الرغم من كونها صحفية مخضرمة فعلاً ويجمعني بها علاقة قائمة على الاحترام، بدت من الضعف بحيث راحت تلقي التهم على الغير يميناً و يساراً؛ بل و فوق رأسها و تحت قدميها، و في أخر مطاف هذا الأمر المرتبك، راحت تذيّل ما كتبته بـ"المواطنة العدنية الجنوبية/ نادرة عبد القدوس".

ما علاقة (العدنية الجنوبية) باستقالة موظف من منصبه في مرفق حكومي عام؟ ما هذا الهراء السياسي؟!

 

حسناً.. دعونا نتصرف تصرف الكبار كما نحن، الكبار الذين يُعرفون بمواقفهم العلنية الواضحة، و نقول: كتبت الزميلة الصحفية المخضرمة نادرة عبدالقدوس ما يُفترض أنه استقالة من منصبها، و أدّعت جملة من الصفات التي تعتقد أن عقلها - بذلك- قد رسم لها صورة بطل مغوار لا يشق له غبار، وعليه ستظل تنافح وتكافح في أمر أخر لا علاقة له بمنصبها في وظيفتها في مرفق حكومي عام، و هذا يوضح بجلاء أنها اعتمدت سلوكاً سياسياً انتهازياً صرفاً لا علاقة له بما تدّعيه من صفات وإلا ما وجدناها تستغل هذا بذاك.

أي إنسان يحترم نفسه، بالضرورة سيحترم جملة القوانين والنظم واللوائح التي تسيّر الجميع، و هذا الأمر يعني ان هذا الإنسان يعي تماماً ما يجب عليه أن يفعله و ما لا يجب أن يفعله، و الزميلة الصحفية  المخضرمة نادرة عبدالقدوس ظهرت خلاف هذا تماماً و على نحو ينسف ما أدعته من صفات أنزلتها على نفسها.

 

تعتقد الزميلة الصحفية المخضرمة نادرة عبدالقدوس انها قدوة؛ وهذا من حقها بلا شك، و لذلك تقول: "بنيت سمعتي طوال أربعين عاماً في بلاط صاحبة الجلالة، بتحمل مسؤولية أمانة الكلمة بنزاهة والتمسك بأخلاقيات المهنة، إيماناً مني بمكانة الصحفي في المجتمع كقدوة في المجتمع ومعلم ومرب للأجيال"، ومع ذلك؛ راحت تتهم قيادات، زملاء لها، تعاقبت على قيادة مؤسسة 14أكتوبر بالفساد والفساد المتراكم، دون أن تقدم دليلاً واحداً على ما تقوله بحق كل هذه القيادات التي أتهمتها، علماً بأن الدستور، والقوانين النافذة كلها، توضح أن المتهم بريء حتى تُثبت إدانته، و (كمان) هناك فرصة لاستئناف قرار إدانته إن صدر من محكمة: القضاء كجهة اختصاص.

أن سلوك الزميلة الصحفية المخضرمة نادرة عبدالقدوس سلوك عاجز و ضعيف، فضلاً عن كونه لا علاقة له بتحمل مسؤولية أمانة الكلمة بنزاهة والتمسك بأخلاقيات المهنة، و إلا وجدناها تتصدى لقرار يخالف نصوص الدستور، والقوانين النافذة، حين أعاد في هذه المؤسسة تعيين مُدان بالفساد بحكم محكمة، حكماً باتاً، على رأس نفس المؤسسة التي أدين فيها بالفساد: مؤسسة 14أكتوبر للصحافة والطباعة والنشر! .

 

لم أدّع النزاهة حينها، بل كتبتُ بوضوح تام وفق ما يمليه عليّ ضميري وواجبي المهني، و تؤكده مواقفي وأخلاقي، كتبتُ مقالاً بتاريخ 8 ديسمبر 2013م بعنوان (من ورط الرئيس في تعيينات 14أكتوبر؟) جاء فيه: "في تاريخ 2 / 12 / 2013م أصدر رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي قراراً جمهورياً بتعيين رئيس و نائبين كقيادات لمؤسسة 14أكتوبر [بلا ضوابط ومعايير تقنع الناس بأننا نسير فعلاً نحو بناء دولة عادلة وأن اليمنيين مؤهلون لذلك]. تعيين محمد علي سعد أتى [بلا ضوابط ومعايير تقنع الناس بأننا نسير فعلاً نحو بناء دولة عادلة وأن اليمنيين مؤهلون لذلك] ليس لكونه مُحال إلى نيابة الأموال العامة بسبب قضية فاسد مالي حينما كان رئيساً سابقاً لذات المؤسسة وهذه تعني القضاء لاختصاصه إذ قضى منطوق حكم محكمة استئناف عدن بإدانته؛ بل و لكون قرار تعيينه نسف الضوابط والمعايير الملزمة للوظيفة العامة، ففي عام ١٩٩٤م و مباشرة بعد الحرب اللعينة أتى محمد علي سعد بقرار جمهوري بديلاً لأحمد الحبيشي رئيساً لمجلس إدارة مؤسسة 14أكتوبر للصحافة و الطباعة و النشر- رئيساً للتحرير. و في نهاية عام ٢٠١٣م، أي بعد انقضاء نحو عشرين عاماً تقريباً، و تحديداً بعد سنتين من [الثورة و التغيير] برضه أتى محمد علي سعد بقرار جمهوري بديلاً للرجل ذاته أحمد الحبيشي رئيساً لمجلس إدارة مؤسسة 14أكتوبر للصحافة و الطباعة و النشر- رئيساً للتحرير!".

 

لم تفعل الزميلة الصحفية المخضرمة نادرة عبدالقدوس شيئاً حال الأمر، لزمت الصمت رغم زعمها بتحمل مسؤولية أمانة الكلمة بنزاهة والتمسك بأخلاقيات المهنة.

حسناً .. لنكن أكثر دقة: هرولت الزميلة الصحفية المخضرمة نادرة عبدالقدوس لتعمل في مؤسسة 14أكتوبر تحت قيادة المُدان بالفساد بحكم المحكمة محمد علي سعد، رامية بمسؤولية أمانة الكلمة وبالنزاهة والتمسك بأخلاقيات المهنة عرض الحائط، بل هي داست عليها بقدميها، واهمة أن الناس ينسون، في حين المواقف وحدها من تقيّم قيمة الإنسان، أي إنسان.

 

دعونا الآن ننسى كل ما جاء بعاليه، و لو للحظات، بدلاً عن ذلك، لنسلط الضوء على مدى صواب ما فعلته الزميلة الصحفية المخضرمة نادرة عبدالقدوس من عدمه، ومدى قانونية وضعها، لنتعرف على حقيقة ما قامت به و قد بدت فعلاً كطفل بالكاد يتلمس خطواته الأولى في عالم السياسة.

تشير لوائح و نظم العمل في كافة مؤسسات الدولة المكفولة للجميع بقوانين نافذة، إلى أن من يتقدم باستقالته من منصبه، سيتعين عليه أن يتقدم بها إلى مسئوله المباشر، المخول بقبول الاستقالة من عدمها، و ما إلى ذلك من إجراءات بحسب القوانين المكفولة للجميع.

لكن الزميلة الصحفية المخضرمة نادرة عبدالقدوس لم تفعل ذلك. لم تتقدم باستقالتها إلى وزير الإعلام. بل راحت تكتب مقالاً في صفحتها على موقع التواصل الإجتماعي فيس بوك وتوجهه إلى اثنتين من صديقاتها، اعتبرته استقالة من منصبها، في حين هي جيّرته ليصبح موقفاً سياسياً صرفاً.

 

قامت وزيرة الإعلام السابقة نادية السقاف بتاريخ 22 يناير 2015م بخرق القانون و كلّفت الزميلة الصحفية المخضرمة نادرة عبدالقدوس رئيساً لمجلس إدارة مؤسسة 14أكتوبر- رئيساً للتحرير، و هذا أمر ليس من صلاحياتها، لأن التعيين في هذه الحالة هنا من صلاحيات رئيس الجمهورية، فضلاً عن اتضاح أن وزيرة الإعلام لم تفرّق بين تكليف و تعيين. و مع ذلك ألغت وزيرة الإعلام نادية السقاف في ديباجة قرار تكليف الزميلة الصحفية المخضرمة نادرة عبدالقدوس، أي قرار سابق، بمعنى: إلغاء قرار تعيين رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير السابق محمد علي سعد، رغم أنه مُعيّن بقرار جمهوري و إبعاده من منصبه قانوناً لا يتم إلا بقرار جمهوري أخر.

 

و مع كل ذلك قبلت الزميلة الصحفية المخضرمة نادرة عبدالقدوس كل هذه الخروقات الناسفة للدستور و القوانين النافذة، واستولت، بالضرورة وفق ما تقدم، على المنصب بطريقة ليس مخالفة للدستور و القوانين النافذة وحسب، بل ومخالفة أيضاً لمسؤولية أمانة الكلمة وللنزاهة وضد أخلاقيات المهنة بطبيعة الحال التي راحت تدّعيها، و بالتالي فإن استقالتها من منصبها التي شغلته بطريقة غير قانونية مجرد فقاعة صابون في الهواء لا قيمة لها، أما سلوكياتها فجلية كما هي بعاليه جلاء قرص الشمس في كبد السماء على الرغم من كونها صحفية مخضرمة.