إلى جانب الإجراءات والتحركات الأمنية التي تتخذها الجهات المختصة في محافظة عدن، تبرز من وقت لآخر فعاليات وأنشطة لمبادرات شبابية ومكونات المجتمعية؛ كرديف مساعد، تساهم بثقلها المدني السلمي في عملية تدعيم الأمن، وتثبيت الاستقرار؛ وكله في سبيل تطبيع الحياة، وعودتها إلى مساقها الطبيعي.
آخرها دُشنت صباح اليوم في مديرية خورمكسر، برعاية من محافظ المحافظة/عيدروس الزُبيدي، وبتنفيذ من مبادرة "بوادر خير"، متضمنةً ثلاث أنشطة شبابية؛ لترميم وتزيين منصة ساحة العروض، وجمع بصمات المواطنين في لوحة عملاقة، تحمل عنوان عريض "عدن آمنة وخالية من السلاح"، ونصب مظلات من سعف النخيل في عدد من السواحل والكليات.
جاءت الفعالية تحت شعار "عدن تبتسم"، وبهذا الصدد أشارت الناشطة/شادية جلال إلى جدوى مثل هذه الفعاليات خلال الفترة الحالية الصعبة التي تمر بها عدن، قائلةً: "لهذه الفعالية أثر وطابع جميل على النفس، وخاصةً أن القائمين عليها من شريحة الشباب، يريدون إيصال رسالة مفادها أن المدينة بجهود أبنائها صامدة وبتجدد مستمر رغم الأعمال الإرهابية التي تحاول بائسةً أن تنال من سلمها، قد ينتابنا شعور باليأس أحياناً، ولكنه مؤقت، يغرب ببزوغ شمس يوم جديد"، وافقتها الرأي الناشطة/منار باوزير، مضيفةً: "على جميع أبناء عدن أن يتكاتفوا للوقوف صفاً واحداً أمام ظاهرة حمل السلاح كونها دخيلة على مدنية عدن، وأن تقابل المليشيات المسلحة التي تتحرك خارج نطاق الدولة وتزعزع الأمن برفض مجتمعي شامل".
وفيما يتعلق بتفاصيل الأنشطة أوضح المدير التنفيذي للمبادرة/أحمد الهقل أن اختيار منصة ساحة العروض لترميمها أجمع عليه أعضاء المبادرة، وذلك لما لها من رمزية لدى أبناء عدن والمدن الجنوبية الأخرى، وقال: "لطالما كانت المنصة رمزاً للحرية والثورة في الجنوب، ومحوراً رئيسياً للتجمع في ساحتها، محتضنةً فعاليات مليونيات تعني الجنوب شعباً وأرضاً"، كما أوضح أن أعمال الترميم والصيانة تمثلت باستبدال سقيفة المنصة، وإعادة طلاء جدرانها، ورسم علم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في واجهتها، منوهاً إلى أن المبادرة كانت ردة فعل طبيعية لحالة الحرب وما خلفته من دمار، وتهدف إلى تقديم الدعم المعنوي لسكان المدينة، الذين عانوا كثيراً؛ فالإنجازات الجمالية تساعد بتحسين الحالة النفسية.
شارك في الأنشطة السابقة أعضاء المبادرة إلى جانب مجموعة من العامة وناشطين وإعلاميين وأعضاء سلطة محلية، وطلاب وطالبات، وتزامنت مع قيام صندوق النظافة وتحسين المدينة بغرس عشرات الشتلات من أشجار الزينة في الحاويات الترابية على امتداد الساحة، كما نفذت عملية تنظيف للساحة والمنطقة المحيطة بها، وتعمل المبادرة خلال الفترة القريبة على تغطية أجزاء من عدة شوارع بالمظلات المعلقة، وإقامة أسقف مقوسة من الورود الكرتونية الملونة في شوارع أخرى؛ بهدف إضافة لمسات جمالية لها، وتوفير الظلال للمارة فيها، كمحاولة للتقليل من أثر موجات حر الصيف القادم.
من جانب آخر دشن تحالف "كلنا أمن عدن" عصر ذات اليوم مشروع "مساحات آمنة"، بسباق مارثون، انطلق من نهاية الشارع الرئيسي في مديرية المعلا، منتهياً في ساحة العروض، بمشاركة 80 شاب من مختلف مديريات المحافظة، لبوا الدعوة التي تم الإعلان عنها قبل أيام، وذلك بهدف تشجيع الشباب رياضياً، وإعادة تفعيل دور الأندية الرياضية.
وفي إطار حديثها أكدت إنتصار علوي – رئيس التحالف أن جميع شرائح المجتمع معنية، ولا بد أن تساهم في تطبيع الأمن، وإعادة الحياة إلى طبيعتها، منوهةً: "إن خلق مساحة آمنة رمزية ليمارس فيها المواطن البسيط حياته وهواياته هي خطوة أولى في طريق استعادة المدينة؛ فوجود حواجز الخوف في أوساط المجتمع، أدت إلى فتور وركود للحياة في الشارع، وعزوف الشباب عن الأنشطة المدنية المختلفة، فبادر التحالف لكسرها، يقيناً منا بأنها موجة مؤقتة وستزول قريباً".
وأشاد أحد المنظمين للمارثون الناشط/سمير الإبي بالتفاعل الإيجابي من قيادتي المقاومة في مديريتي المعلا وخور مكسر؛ بتأمين خط سير السباق، ومكتب الصحة؛ بتأمين سيارات وفريق الإسعاف، وكذا المجلس المحلي في كلتي المديريتين، معرباً عن سعادته: "مشاركة العشرات من الشباب تتراوح أعمارهم بين 15 و30 عام يُعد مؤشراً طيباً بأن عدن لا تزال بخير، ومتفائلة بأبنائها"، مؤكداً أن الرياضة أداة قوية وفعالة؛ لتوطيد الروابط بين الأفراد، وتعزيز المثل العليا للسلم الاجتماعي.