ماتشهده عدن هذه الأيام وبإجماع كل من يسكنها وكل زائر لها من انعدام شبه كامل لأهم وأبسط الخدمات الحياتية الضرورية يمثل مأساة حقيقية تعيشها المدينة العربية العريقة التي كانت من أوائل مدائن العرب التي عرفت متطلبات العصر الحديث في مجال الخدمات وغيره.
فماتعانيه عدن اليوم بسبب ضعف خدمة الكهرباء والماء وانعدام أو شحة توفر مواد الغاز والوقود أدخلها وبجدارة في قائمة المدن الأشد تخلفا وادخل سكانها في قائمة السكان الأكثر تعاسة ومعاناة بين شعوب العالم قاطبة.
والمؤسف في الأمر انه في الوقت الذي ضل فيه المواطن العدني منتظرا انفراج الازمة وإبقاء أمآله الكبيرة معلقه بتصريحات قيادة السلطة المحلية بعدن وتصريحات بل تأكيدات رئيس الحكومة الشرعية بشأن إصلاح وضع الخدمات في العاصمة يفوجئ في هكذا وقت بأزدياد حدة تلك الأزمة وانحدار مستوى تلك الخدمات إلى الحضيض وهو الشي الذي يترتب عليه أرتفاع منسوب ومستوى معاناته إلى حد أعلى لا يطاق تحمله والتعايش معه.
ففي خضم هكذا وضع مزري متزامنا مع صيف حارق تشهده عدن ومن على شاكلتها من المدن الساحلية وفي شهر كرمضان صوم وعبادة وماتلاه يتخيل المرء رد فعل المواطن المتضرر المكتوي بسعير تلك الازمة التي لا ينطبق عليها وصف أقل من وصفها بمأساة إنسانية بكل المقاييس .
الجميل في الأمر الغير جميل ان رد فعل المواطن العدني لم يكن غاضبا أو أنتقاميا من المتسببين فيما أصابه من عذاب ولم يكن جنونيا يتخذ من مبدأ علي وعلى أعدائي دافعا له بل كان رد فعل عقلاني ومنطقي إلى حد المثالية .
أبناء عدن وسكانها تعاملوا مع الأزمة القاتلة لحياتهم بواقعية لإدراكهم إن وراء الأكمة ما ورائها وإن أزمة خدمات مدينتهم مفتعلة تقف خلفها أيادي خبيثة تحركها أجندة سياسية قذرة لم تتورع في استخدام الكهرباء والماء والبنزين والديزل والغاز سلاح توجهه إلى صدر المواطن قبل أي صدر آخر تريد توجيهه إليه.
يدري الإنسان البسيط في عدن قبل المثقف والأكاديمي إن قيادة عدن ممثله في محافظ عدن تكتنز له الكثير من الحب والتقدير بل والجهد في سبيل خدمته وإسعاده .يدرك العدني المكتوي بنار الأزمة المفتعلة إن قيادة محافظته عملت وماتزال تعمل دون كلل أو ملل للتغلب على ما حل بالمدينة من تعطيل لمجمل مرافق الخدمات الضرورية فيها وإن كل جهودها في سبيل ذلك تصطدم بصخور التجاهل وعدم المبالاة من قبل مؤسسة الرئاسة وحكومتها الشرعية المقيم رئيسها وبعض أعضائها على أعلى تلة وأجمل موقع في المدينة .وقبل ذلك تصطدم باستماتة لوبي الفساد مفتعلي تلك الأزمة في تنفيذ أجندة زرع الفتنة بين المواطن العدني وقيادة محافظته.
لذلك كانت قدرة المواطن العدني على تحمل ما خلفته تلك الأزمة من انعكاسات سلبية على حياته فائقة ووصل مستوى صبره ومواجهته لمعاناة مخلفاتها مستوى لا يصدق وصفه وتقييمه.
ولكن كل ذلك لا يعني خلو قيادة عدن من المسئولية وتبرئتها من كل ما يحدث في حياض المدينة التي لم يسبق ان وصلت فيه نوعية ومستوى الخدمات فيها إلى هذا الحد من السوء .
خصوصا أنها حظيت بقدر لاباس به من الوقت يمكنها من إحداث تغيير ولو يسير و تحسين أداء كل أو بعض مرافقها ناهيك عن حصولها على بعض الدعم ولو لم يكن كافيا من دولة الإمارات العربية المتحدة القطب الرئيس في التحالف العربي.
ورغم ذلك يضل الجزء الأكبر من المسئولية على كاهل الرئاسة اليمنية والحكومة التي تثبت الكثير من الحقائق والشواهد الماثلة تجاهلها ومنذ وقت مبكر على تحرير عدن التعاطي بمسئولية مع مشكلات عدن الناتجة عن حرب تصديها للغزو الشمالي وتعمدها ترك تلك المشكلات تتراكم لتصل إلى مستوى تعذر عليها السيطرة عليه ومن ثم أستعصى حلحلتها وكذا عدم جديتها في معالجة كل ملفات عدن كالأمن والخدمات والجرحى ودمج المقاومة في المؤستتين الأمنية والعسكرية وغيره التي كانت بمثابة الحمل الثقيل على كاهل المحافظ عيدروس الزبيدي الذي بدأ وكأنه يعمل وحيدا اللهم بعض الوكلاء ومدراء المديريات وقيادات المقاومة في إدارته لشئون العاصمة عدن بما فيها من ملفات شائكة ليس من مخلفات الحرب فحسب بل مخلفات ثلاثة عقود كاملة من حكم صالح ومن حالفه من أحزاب وقبائل ومليشيات وعصابات .
مابدأ واضحا للعيان حتى الآن إن محافظ العاصمة القائد عيدروس الزبيدي ومن معه يعمل وحيدا في مواجهة تلك المأساة التي حلت بعدن متحملا وزرها وسخط المواطن
الذي أنهكته أزمة الخدمات وأخرجت البعض من سكان عدن عن طوره دافعة إياه إلى صب جام غضبه على المحافظ الذي لم أشك مطلقا في وفائه وإخلاصه وتفانيه لعمله أولا ولخدمة عدن وأبنائها ثانيا التي لولا حبه لها لما قبل بمنصب رجلها الأول وهو على علم تام بما ينتظره .
فعلا المحافظ يعمل وحيدا وان وجد من يسانده فهم قله قليلة محدودي التأثير والفعالية فهل يعني ذلك ان الجميع أو معظم من حوله بما فيه التحالف والشرعية والقيادات المحلية وقيادات المقاومة تخلى عنه في هكذا مرحلة صعبة تعيشها العاصمة عدن؟