عهداً لأُمي .. إنّا على درب أبي لسائرون

Monday 30 November -1 12:00 am
عهداً لأُمي .. إنّا على درب أبي لسائرون

- الشهيد / صالح ناجي الحربي :

----------

شهر مضى يا أبي منذ غيابك الحاضر في أنين تلك الجدران ذات البصمة النزيهة .. ثلاثون يوما مرت منذ أن تباطأ دوران عقارب الساعة النابضة في جدار بيتنا الذي أُسس بأعمدة شمائلك النبيلة .. 
سنحدق في كل ليلٍ بهيم علنا نلمح ضوء ابتسامتك ، وسيظل ألم الحنين يتتابع في حنايانا ما تعاقب الليل والنهار .. وستختبر الحياة صبرنا كثيرا بعدك يا أبي ؛ غير أن لدروس الصبر الجميل التي تزودنا بها منك يا خير معلم لنا – أثرها المتجذر في نفوسنا الحزينة التي أضحت تستحضر كلماتك وأفعالك كأشرعة نجاة ..
لا إشراق لصباحاتنا في ثلاثين نهار دون صوتك يا أبي ؛ إلا أننا نجد تفاصيلك تجتاح لهيب الأيام التي مرت كجمرات لظى في صيف شديد الحرارة ، ما كانت لتمر ساعاته لولا نسمات روحك التي تهفو علينا كظل الغمامة ..
روحك السامية يا أبي التي رجفت لغيابها أكباد البسطاء ، فأبكاهم رحيلك متوجعين : " لمَ تركتنا يا أبا المساكين ؟ "
فليتك تعلم يا أبي عدد الأكف التي رفعت مبتهلة : " اللهم إن صالحا كان محبا للخير ، ساعيا له ، عاملا به ما استطاع .. فاجعله يارب من ورثة جنة النعيم " .
ليتك تعلم يا من أيقضتْ مضجعك في ليالٍ كثيرة أوجاع المهمومين أن وجع غيابك قد صار يحرمهم لذيذ منامهم .. وتلك الجموع التي تسابقت لتحمل على أكتافها جثمانا طاهرا ظل كتفه مثقلا بهموم الآخرين على مدى حياته العامرة بالصدق ..
ستفتقد مسيرة التصالح والسلام خطواتك المقبولة عند كل المختلفين ، وسيتذكر المخلصون أن مسيرة حياتك انتهت في طريق الخير ، فمضى دمك نازفا في جسدك بصمت لكأنها لحظة تختصر حياتك الهادئة النقية ..
ستظل يا أبي نموذجا خالدا لكل الأوفياء .. وستظل (عالمي الفريد الذي لا يشبهه عالم) – كما اعتدت وصفك – ستظل كذلك حتى بعد صمتك الأبدي الذي اتشحت به ومضيت إلى ربك بقلبٍ سليم ، تاركا لنا ثروة زاهد تسمو فوق كل مقدار وثمن .. هي زادنا وظلنا الظليل لنكمل بها مشوار الحياة .. 
فعهدا لك يا أمي .. يا جنتي التي تمشي على الأرض – إنّا على درب أبي الذي ارتضى إن شاء الله لسائرون ..
ربما تحتوي الصورة على: شخص واحد ، ‏‏في الهواء الطلق‏ و‏طبيعة‏‏
 
 
كتب / دفاع صالح ناجي