4 اشهر من الاذلال : إرهابيون في بريد عدن " الفلوس خلصت "

Monday 30 November -1 12:00 am
4 اشهر من الاذلال : إرهابيون في بريد عدن " الفلوس خلصت "
- متابعات:
----------
 
بهذه الكلمتين التي يفجرها إرهابي البريد بوجه الناس لينهي عمله الرسمي بعد ساعة واحدة من بدء دوامه ، وينهي بها طابور طويل من الرجال المسنين واليتامى والأرامل استمر لساعات ابتدت عند الثالثة فجرا .
إرهاب حقيقي يعيشه أهالي عدن وبعض المحافظات المحررة ، ان تقتلني بقوت يومي وتجعلني على حافة الفقر والعوز والحاجة هذا هو الإرهاب بعينه ، إرهاب لا احد من السلطة المحلية في عدن يعيره أي إهتمام أو يحاربه .
بعد هذه الكلمتين يبدأ الدوام الوضيع الغير رسمي لهذا الإرهابي موظف البريد بعد أن يأخذ الملايين المتبقية التي ادعى انها نفذت ليقوم بصرفها من منزله دون حسيب أو رقيب من قبل ادارته المتواطئة او من قبل الأمن الذي بح صوتنا ونحن نناشدهم بالوقوف الى جانب ابائنا للتصدي لهذا الفساد الذي ينهش جسد أبائنا شهريا بلا رحمه .
بقلة حيلة وكمحاولة خجولة قام ابائنا وأمهاتنا عشرات المرات بقطع الطريق للفت نظر الجهات المسؤولة وكنوع من الإحتجاج ينتهي ذلك سريعا عندما تأتي إليهم أطقم من المقاومة محملة بالوعود الواهية ، فيرضخ ابائنا على أمل وحُسن نية بأنهم صادقين ، فتتبخر تلك الوعود بمجرد عودتهم لمنازلهم .
يقوم موظف البريد بكل جرأة ودون خوف من الله بإستقطاع مبالغ ماليه من مرتبات المسنيين والأرامل واليتامى دون أي وازع من ضمير او خشية من الله " فمن أمن العقوبة أساء الأدب " ، ماهو الذنب الذي اقترفه آبائنا ليقف الجميع عاجز عن مساندتهم ومساعدتهم لوقف الفساد الممنهج ضدهم ، اشعر بالحزن وانا عاجزة عن المساعدة عندما ارى رجل مسن بجسده المنحني على عكاز ويده المرتعشه وشعره الأبيض ، اشعر بالحزن وانا ارى في تجاعيد وجهه شوارع عدن مرسومه ومحفورة ، عدن التي بناها وعمرها ابائنا من صحتهم وسنوات عمرهم لتعيش ويعيشوا ونعيش نحن فيها بكرامة ، اشعر بالألم وانا ارى في عينيه نظرة " قهر الرجال " وهو يرى نفسه عاجز عن اخذ حقوقه كما اعتاد ، أن اكبر ضريبة للفساد يدفعها آبائنا دون ان يجدوا من يساندهم ويقف بجانبهم ويطلع لهم حقوقهم ، الجميع تخلى عنهم وتركوهم بضعفهم يعبث معهم من اصغر موظف في الحكومة الى اكبرهم .
رفقا بابائنا فهم لا يعلمون شيئا عن اخلاق المجتمع الجديدة السيئة ، أنهم ماتبقى لنا من طهر وخير وبركة بعد أن فسد كل شيء في المجتمع الا من رحم ربي .
 
مسؤولية كبيرة اشعر بها تجاه فتح هذا الملف الشائك " مرتبات المتقاعدين والمتوفيين " ، لست هنا لمجرد الكتابة بل لنقل معاناة المواطنين اللذين ارهقهم طابور البريد اكثر مما ارهقهم عملهم وهم يقومون ببناء هذا الوطن ، انا هنا للخروج مع ابائنا وامهاتنا بحل يحفظ ماتبقى من كرامتهم المهدورة على أرضية بريد عدن .
أغلب موظفي البريد يقتاتون السُحت من على ظهور العجزة والأرامل والأيتام ، يتقاسمون معهم مرتباتهم وكأنهم يعاقبونهم على مرتباتهم الزهيدة التي لا تكفي لشراء الدواء لأمراضهم المزمنة .
حدثني احد الدكاترة في احدى الصيدليات ان احد المُسنين الذي لم يستلم مرتبه اضطر لأخذ الدواء منه "آجل " ، مؤكدا ان فاتورة علاج ذلك المُسن تفوق راتبه الشهري بعدة آلاف .
هناك من استدان وهناك من توقف عن تناول الدواء تاركا المرض ينهش جسده المتعب وحياته اصبحت تحت رحمة موظفي بريد عدن ، فإن اردت ان تستلم مرتبك فعليك ان تختار ، إما الوقوف لأشهر تحت أشعة الشمس الحارقة ولن تنال شيئا ، او ان تسمح لموظف البريد ان يبتزك ويستقطع من مرتبك عدة الآف " اتاوه " شهريا على كل مرتب وعلى حسب قيمة المرتب يطلع السعر . 
سأسرد هنا حكاية عائلة مستورة خسرت منزلها في الحرب الأخيرة بعد ان احترق كاملا ، وككل الموعوديين بالإعمار لم يقدم لهم أي تعويض ، فاضطروا ان يستأجروا منزل بسيط من مرتباتهم الضئيلة ، باتوا اليوم مهددين بالطرد بسبب عدم صرف مرتباتهم في الأشهر الماضية ، تراكمت عليهم الديون لا مجال لدفع الأيجار لامجال للعلاج لا مجال للأكل ، ومن يستيع ان يمد لهم يد العون في مدينة الكل يعاني فيها ، أشعر بالقهر وانا اقف عاجزة عن مساعدة تلك الأسرة المستورة .
اما هنا أسرد حكايتي شخصيا ، في الحرب ابتدت معاناتي مع مرتب والدي ، وسهل لي الله احذ الأشخاص في صنعاء فكان يرسل لي المرتب شهريا مع استقطاع ألف ريال ، هنا بداية الفساد الذي ابتدا يلتهم مرتب والدي ، قلت في نفسي إنها الحرب فلنأخذ من الظالم حجر ، او كما يقال نص العمى ولا العمى كله ، بعد انتهاء الحرب توقفت عن إستلام مرتب والدي على أمل ان يفتح البريد في عدن أبوابه ، وفعلا فتح البريد ولكن بشكل جديد وكشف جديد وطريقة عمل مختلفة .
بدماثة أخلاقه وأمانته ، استنجدت به خاصة انه من ابناء الجيران ، لم يمر يوم الا ومرتب والدي لستة أشهر بيدي ، مع ورقة صغيرة تقول انه تم إستقطاع ( 18 ألف ريال ) أي بواقع ثلاثة آلاف ريال عن كل مرتب ، راتب والدي التقاعدي الذي لايزيد عن ثلاثين ألف يستقطع منه ل هذا المبلغ بلا رحمه ، شعرت يومها بأنني أخون والدي وأخون عدن ، كيف لي أن أسمح لهم بأن يعبثوا بعرق والدي وسنوات عمره التي افناها في خدمة عدن ، والدي الذي بادل عدن الوفاء بالوفاء أصبح راتبه يساعد على الفساد ويهدم القيم .
منذ ذلك اليوم توقفت عن إستلام مرتب والدي لسببين ، اولهم لكي لا أكون يد تساند الفساد وثانيهم لن اسمح بأن تتبعثر سنوات شقى والدي التي قضاها مخلص وفي لعمله على أرصفة البريد ليقوم موظف انتهازي بالعبث بها ، فكان آخر مرتب استلمته هو يونيو .
سمعنا بالأمس انه سيتم صرف مرتبات وانه تم توفير سيوله ضخمة للبريد، وبعد طابور طويل ابتدأ صباحا وانتهى ليلا كانت الجملة الصادمة التي قذفها موظف البريد حينما قال ، كل الرواتب مسحوبة ( يوليو، أغسطس ، سبتمبر ) ، وامتنع عن التفاهم معنا وقال راجعوا بريد خورمكسر .
هل هذا هو خلاصة الصبر في هذه البلاد ؟ ، أمتنعت عن الإستلام حتى لا أكون شخص مساهم في دعم الفساد ، أمتنعت حتى لأيؤكل شقى والدي وإن كان ريال واحد دون حق .
مشوار طويل ينتظرني للبحت عن مرتبات والدي ، مشوار لن أرضى بأن ينتهي الا وكل ريال انهك والدي صحته ليكون حلال سآخذه .
سؤال للسلطة المحلية في عدن : لماذا أنتم عاجزين عن إنصافنا ؟ لماذا لاتحاربون الإرهاب في بريد عدن ؟
ليس دائما الإرهاب قنبلة وحزام ناسف ، هناك إرهاب فكر وإرهاب قطع أرزاق وهو الأشد فتكا لأنه يقتلك ببطء .
 
من اماني بيحاني