ليست حرباً بالمطلق بين الجنوب والشمال ،كما وليست سياسية دينية أو جغرافية تاريخية أو مجتمعية طائفية ، فالحرب في اليمن لها أكثر من وجه وأكثر من بُعد وأكثر من محفز ورافعة .
ومن يعتقد أنها جهوية خالصة أو دينية محضة فهو في تقديري إما يعاني من تشوه ذهني صنعته سنون من التعبئة الخاطئة ، وإما أنه مازال أسيراً لحقبة تاريخية ، إذ توقف تفكيره عند تواريخ واحداث ماضوية .
فهذه جميعها وعلى صدقيتها لم تعد حاضرة بقوة مهما تراءى للبعض إنَّه يمكنه إعادة استخدامها وتوظيفها في الحرب الدائرة منذ خمسة أعوام .
الجماعة الحوثية عمدت ومنذ دحرها من محافظات جنوبية الاستماتة عند تخوم الحدود الشطرية السابقة ، فمن جهة تقدم ذاتها للخارج بكونها الوريثة الشرعية لحكم محافظات الشمال في حال ذهبت الحرب إلى ما هو أبعد من التقسيم وفرض الأمر الواقع .
ومن ناحية ثانية تسوق نفسها داخلياً باعتبارها حامية حمى ما تبقي في مساحة الشمال من دولة ونظام وتاريخ وهوية - وأيضاً - من كرامة وممانعة لكل الممارسات الخاطئة من الجنوبيين أو الشرعية أو التحالف .
فإذا ما سقطت أو ضعفت جبهتها الداخلية عثرت لها في المخزون البشري الكبير قوة استدامة لأجل معركتها المصيرية التي هي في الأساس معركة وجودية ثورية تاريخية دينية ولا تقتصر على اليمن وجغرافيته وانما تمتد للاقليم والعالم .
وللأسف هناك من راح ينشر ويعمم بأن الحرب الدائرة في اليمن بين الشمال والجنوب ، فمثل هذا الطرح وعلى صحة مقاربته جغرافيا ، أعده أمراً خطيراً ويخدم قوى الانقلاب ، كما ومن شأنه تأخير عمليات التحرير وادخال كافة القوى المنضوية تحت لواء الشرعية في أتون معارك ثانوية وبلا منتهى .
أياً يكن خلافنا مع الشرعية أو التحالف أو المقاومة وبكل مسمياتها ، تبقى الحرب بين طرفين ؛ سلطة شرعية مسنودة بمقاومة وجيش وتحالف وبين سلطة غير شرعية وتم فرضها بانقلاب عسكري استولي على الدولة ومقدراتها ومؤسساتها بقوة السلاح .
ومن يظن أنها بين شطرين فهو أما ساذج أو جاهل واما أنه خبيث وماكر ؛ فالساذج يستخف بالدم النازف وفي أكثر من جبهة قتال في الحديدة أو المخأ أو الجوف أو صعدة أو مريس أو العود أو سواها .
كما والخبيث يمنح الخصم قوة دفع لم تكن بحسبانه ، فعلاوة عن عامل البشر هناك عامل الارض ، والاثنان معاً ، بدلا ً من يكونا في جبهة الشرعية وحلفائها سيصيران في جبهة الجماعة الحوثية واتباعها ، وهذا بالضبط ما تريده وتراهن عليه الأخيرة .
محمد علي محسن