الطفولة هي المرحلة العمرية التي يعيش فيها الانسان منذ أن يبدأ في الوعي بأمور الحياة الصغيرة ،ويتطور بعدها نمو الإنسان الفكري والجسدي ،بما يقوده اليه محيطة وبيئته ويؤدي ذلك الى تأثير بشكل مباشر وغير مباشر على سلوك الطفل ،ومن خلال سلوكه نستطيع أن نتنبأ ماذا سنواجه من شخصية في المستقبل حيث أن التنشئة السليمة والطفولة الآمنة تبشر بجيل قويم ومجتمع أقرب للمثالية، لكن حين تكون التنشئة عكس ذلك وبصورة أقرب أن الأطفال الذين يولدون في بلدان تعج فيها الحروب والكثير منهم يفقد آباءهم أو منازلهم مما يساهم ذلك في خلخلت التوازن عند العامل النفسي والسلوكي لدى الطفل.
أطلعت قبل فترة ما حول موضوع اختطافات الأطفال وضياعهم في اليمن في مناطق النزوح والمخيمات، أثار الموضوع في داخلي رعباً كبير خصوصا أنه لايوجد دور إيواء وملاجئ للأيتام ومدارس تقوم بصورة خاصه في رعايتهم وبالرغم من أن الموضوع يشكل نسبة صغيرة من بقية المشاكل الكبرى التي تواجهها بلد كاليمن يعيش حالة من الفوضى والدمار وانعدام الأمن ،الا أن كثرة الأطفال في الشوارع للتسول وبعضهم للسرقة وآخرون لبيع أشياء صغيرة وباعتقادي أنهم جميعاً مترابطين ببعض ، جعلني أتسأل هل الأمر عادي الى هذه الدرجة؟.
وبغض النظر عما إذا كانت المشكلة طبيعية كناتج لبلد صراع ويفتقر فيه الطفل الذي يعيش في ظل أسرة سليمة الى مقوماته كمواطن من واجب الدولة أن ترعاه وتوفير الأفضل له في التعليم والصحة وما الى ذلك ، لكن الأمر السيئ والمخيف هو أن الأطفال المتسولون يتكاثرون بشدة ويستخدمون نفس الأساليب التي يستخدمها أمثالهم في مدن مختلفة ، وهي محاولة جذب العطف والكلمات اللطيفة في إشارة الى أن الامر يبدو معقداً وخطيراً ويدعو للتنبه ،فلا يمكن التجاهل عن التصرفات التي تبدر منهم دون رقابه ومحاسبة إضافة الى كونهم يتسولون و يمارسون أفعال لا تليق بأعمارهم وتجعلهم في دائرة الخطر للمجتمع، فالسرقة تولد لديهم شعور بعدم المسؤولية واختلاس حقوق الغير أضافه لكونهم أكثر عرضه للاغتصابات الجنسية وممارسات الشذوذ وحتي ممارسه الجنس بينهم كأطفال وبيع المخدرات وربما تعاطيها والعنف الجسدي والقتل.
مؤسف أن يفقد أطفال بعمر الورد الحياة النقية والسليمة وأن تجره الأقدار الى مأزق أن يكون مواطن غير صالح يعيش بعقد نفسية ، وحياة غير سوية ،وقد يضطر كثير منهم الى عرض أجسادهم لأشخاص لممارسة الجنس معهم مقابل الحصول على المال في ما يسمى دعارة الأطفال، لكن الأمر لا يقف هنا إنما ما يثير الرعب هو أن خلف هؤلاء الاطفال تقف جماعات خارجة عن القانون تقوم بتوظيفهم لهذا العمل ،في ظل حماية لهم وتجاهل قضيتهم الخطيرة من قبل الدولة وغياب الدور الفعال للمنظمات المجتمعية والدولية وإن تم الاعتناء بهم بصورة قليلة لكن المشكلة الجذرية تتفاقم وهؤلاء الاطفال لا يحصلون على التعليم والسكن والرعاية النفسية وإعادة التأهيل ما ينذر بقدوم جيل أشد خطراً وأكثر انحرافا ومؤهل لممارسة الجريمة بأنواعها .